ذات صلة

قد يعجبك ايضا

لماذا يضيء القمر ومن أين يأتي ضوء القمر؟

ليس غريبا ان تسأل لماذا يضيء القمر أو من أين يأتي ضوءه؟ لكن الجواب ليس معقدا كذلك. وانت كنت ممن يقولون إن القمر مضيء، فاعلم ان هذا ليس صحيحا فهو لا يشع نورا.

لماذا لون الدم احمر ولماذا يختلف في درجاته؟

ان تسآلت لماذ لون الدم احمر ، فببساطة لأنه يتكون من خلايا الدم الحمراء.  لكن ما اين اتت هذه الصبغة الحمراء، ولماذا الدم احمر غامق او أحمر فاتح او حتى أزرق؟

لماذا يعتبر شريف إكرامي حارسًا مثيرًا للجدل داخل الملعب؟

شريف إكرامي حارس مرمى لعب في عدة أندية أبرزها نادي الأهلي، كما حرس عرين منتخب مصر لفترة من الوقت. يبقى شريف حارسًا مثيرًا للجدل داخل الملعب، فلماذا يا تُرى؟

لماذا يواصل أحمد حسام ميدو تصدر المشهد رغم اعتزاله الكرة؟

أحمد حسام ميدو لاعب مصري مُعتزل ويُعتبر من أشهر اللاعبين الذين مروا بتاريخ الكرة المصرية، لكن على الرغم من اعتزال هذا اللاعب منذ فترة إلا أنه لا يزال حتى وقتنا الحالي متصدرًا للمشهد الكروي، فلماذا يا تُرى يحدث ذلك؟
الرئيسيةالفنلماذا تعتبر الرواية أكثر فنون الأدب شيوعًا على الإطلاق؟

لماذا تعتبر الرواية أكثر فنون الأدب شيوعًا على الإطلاق؟

مما لا شك فيه أنك إذا سألت أي شخص عن لون الأدب الذي يُفضله فسيختار الرواية بل أي تردد، فحياة الناس في الأصل مجرد رواية تم كتابتها من قِبل خالقهم، وبعيدًا عن هذا الأمر فإن عنصر التشويق والإثارة، عنصر الحكاية بشكلٍ عام، واحدة من أهم الأمور التي تجذب الناس وتجعلهم مُتعلقين جدًا بهذا العمل، وهذا بالضبط ما تستطيع الرواية توفيره لجمهورها، فهي تتفوق حتى على القصة التي تُشاركها في نفس المهمة، وإذا أجريت استطلاعًا بين القراء من أي شريحةٍ كانت فستجد أن نسبة تزيد عن السبعين بالمئة من كتاباتهم ليست في الحقيقة سوى مجرد روايات، وهذا ما يُفسر قوة الرواية وقدرتها على السيطرة، أما الذين لم يُجربوا قراءة الأعمال الإبداعية الأدبية من الأساس فسوف يتعجبون من هذه القوة التي تتمتع بها الرواية، ولذلك، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا الأسباب الحقيقية التي تجعل من هذا الفن أكثر الفنون الأدبية شيوعًا بكل مكان في العالم، ولتكن البداية مع تماشي الرواية كثيرًا مع الطبيعة البشرية.

تماشي الرواية مع الطبيعة البشرية

طبيعة البشر مهمة جدًا، فهي التي تُحدد فيما بعد ما الذي يُفضلونه وما الذي سيفضلون تجنبه تمامًا، فمثلًا البشر لا يُفضلون الرياضيات على الإطلاق، حتى أولئك الذين يتميزون بها لا يُفضلونها أيضًا ويجدون أنفسهم مُجبرين عليها لأن طبيعتهم أن أي شيء به نوع من أنواع الحسابات سوف يبدو مربكًا بالنسبة لهم، وعلى النقيض تمامًا نجد الرواية، تلك القطعة الأدبية التي وُجدت لتتناسب تمامًا مع طبيعة البشر الذين إذا تتبعنا حياتهم فسنجد أنها في النهاية مُجرد رواية تم كتابتها، صحيح أن تلك الرواية تختلف في السوء وفي الحسن لكنها تظل في النهاية رواية جاذبة، فالبشر يعيشون أصلًا مُترقبين طوال الوقت لما سيحدث في يومهم التالي، وهذه الجرعة من الإثارة تُعتبر أفضل ما تتميز به الرواية.

استحسن البشر على مدار تاريخهم أنواع كثيرة من الأدب كالكتب العادية والشعر والقصص، لكنهم وجد في الرواية ضالته أكثر من أي نوع آخر، ففيه يُمكنهم مُراقبة حياة شخص ما، البطل مثلًا، والعيش معها حتى الرمق الأخير، وهذه الدورة تُذكرهم طبعًا بحياتهم التي يعيشونها، تُذكرهم بطبيعتهم، ولهذا قلنا إن تماشي الرواية مع طبيعة البشر سبب شديد من الأسباب التي تجعلهم يُقدمون عليها، لكن هل هذا السبب هو الوحيد؟ بالتأكيد لا.

ليست حكرًا على لغة معينة

أيضًا من أهم مميزات الرواية التي تجعلها على قمة ألوان الأدب وأكثرها انتشارًا أنها ليست حكرًا أبدًا على أي لغة، بمعنى أن أي لغة مهما كانت يُمكنها أن تكتب الرواية، بل وتُبدع بها أيضًا ولا تكتفي بمجرد كتابتها، وأكبر دليل على ذلك أن العالم كله يمتلك روائيين في كل دولة منه، حتى تلك الدول التي بالكاد تجد طعامها لديها أيضًا مُبدعين قادرين على كتابة الرواية، حتى اللغات التي لا ينطقها سوى عدد قليل جدًا من البشر يُمكن كذلك كتابة الرواية من خلالها، وهذا بالتأكيد ليس أمر حديث الاكتشاف، فهناك مخطوطات لروايات كُتبت قبل آلاف السنين بلغات لم تعد موجودة من الأساس، وهذا ما يُثبت انتشار الرواية الكبير وكونها ليست حكرًا على أي لغة موجودة في العالم مهما كانت درجة انتشارها.

أكثر اللغات التي تُكتب بها الرواية الآن هي بالتأكيد اللغة الإنجليزية، تلك اللغة التي يتكلم بها أكثر من نصف سكان العالم، ثم تحتل الفرنسية المكانة الثالثة وتأتي العربية في المركز الثالث بفارق كبير عن بقية اللغات الأخرى، حتى عندما تتم عمليات الترجمة فإن الانتصار الحقيقي لأي كاتب يكون عندما تتم ترجمة رواياته إلى لغة من هذه اللغات الثلاث، عمومًا، ذلك الفن كما ذكرنا لم يُخلق للغة معينة أو تخلقه لغة بعينها، وإنما هي للجميع بلا استثناء.

مساهمتها في تخليد بعض الحيوات والأحداث

هناك نوع من الأدب اسمه الرواية، وهناك نوع من الكتابة الروائية يُسمى الروايات التاريخية، والحقيقة أن ذلك النوع من الروايات كان مُساهمًا بدرجة كبيرة في تخليد الحيوات والأحداث والأشخاص، فالبشر معرفون بعدم رغبتهم في قراءة التاريخ، لكن عندما تتبلور لهم الأحداث التاريخية في صورة روايات فإن الأمور تبدو مُختلفة تمامًا، وربما هذا العامل هو ما ساعد القراء في الانجذاب نحو قراءة الروايات بشكلٍ عام، وبالتالي حدث ذلك الفارق الهائل في الشعبية بينها وبين بقية الفنون الأدبية التي كانت مُسيطرة من قبل مثل الشعر، وكذلك عندما تُريد تقديم شخصية ما فإن أول ما ستلجأ إليه هو فن الرواية لأنه الأكثر قدر على تقديم الشخصية بالصورة المناسبة والأكثر وصولًا للجمهور.

إذا ما أردنا نماذج أو أمثلة على ما نتحدث عنه الآن فلن نجد مثال أفضل من قصة النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يُعتبر بلا شك الشخصية الأعظم في التاريخ، فعن طريق كتاب السيرة النبوية، والذي يأتي في صيغة رواية، تمكن الصحابة والتابعين من تخليد قصة النبي وأصحابه ودعوته، وكل هذا وجد طريقًا سهلًا في الوصول إلى المسلمين وغيرهم، وهذا هو المُراد بكل تأكيد، بعد كل ما مضى، ألا تستحق الرواية المكانة التي تحظى بها حاليًا!

أكثر فن إبداعي يحتوي على المُبدعين

الرواية بالتأكيد لا تكتب نفسها، فعندما نتحدث عن وجود عمل روائي يجب علينا أن نتحدث بكل تأكيد عن وجود كاتب روائي قام بكتابة هذا العمل، ومع وجود الكاتب الروائي نحن ننظر إلى ذلك الكاتب وقدرته على الارتقاء بفنه في السماء أو الانخساف به في الأرض، وهذا ما كان يفعله الشعراء قديمًا في فن الشعر العتيق، فبالتأكيد لم يبلغ الشعر المكانة التي بلغها لسبب أشد من وجود عدد كبير من الشعر الأقوياء المُتمكنين من لغتهم والقادرين على إبهار الناس وإمتاعهم، والحقيقة أن المحاولات التي تجري من الروائيين الآن هي التي نجحت في مقارعة هذا النجاح للشعر وتحقيق مكانة للرواية تفوق مكانته، فتقريبًا الآن أكبر عدد ممكن من المُبدعين يتجه في المقام الأول إلى كتابة الرواية.

الاتجاه إلى كتابة الرواية نابع في المقام الأول لكونها فن التخليد الأعظم والأكثر رُقيًا وصدقًا في نفس الوقت، كما أنها الأكثر قراءة في زمننا الحالي، فعندما يبيع الشاعر ألفي نسخة من ديوانه فإن الكاتب غالبًا ما يبيع عشرة آلاف أو ربما عشرين ألف نسخة من روايته، وهذا ما يُعرف باسم النجاح الساحق والسباق الذي لا يتواجد به مُنافس، ولهذا نحن الآن في عصر الرواية، في عصر أكثر أنواع الأدب شيوعًا على الإطلاق.

قارئها هو الأبسط بين قُراء بقية الفنون

لكل فن من الفنون الأدبية الشهيرة قراءه أو جمهور إن جاز التعبير، هناك أشخاص يعشقون الشعر، وأشخاص آخرين يهيمون بالقصص، وآخرون غيرهم يُتيمون بالروايات، وعندما نتحدث عن الوقت الحالي وكون الرواية هي أكثر أصناف الأدب شيوعًا فيجب أن نضع في الحسبان بأنها أصبحت كذلك بسبب بسطاتها، وأيضًا وجود قارئ بسيط قادر على تقبلها بسهولة على العكس تمامًا من الشعر والقصة اللذان يحتاجان إلى قارئ مُتمرس بعض الشيء حتى يتمكن من استيعاب ما يُقال حوله، فالرواية فن يعتمد على المباشرة، وشريحة كبيرة من القراء تعشق المباشرة وتراها دليلًا حقيقيًا على عدم غرور الكاتب أو محاولته للتكبر على قرّاءه باستخدام الأساليب الصعبة في إيصال المعلومات أو الأهداف المراد إيصالها.

قارئ الرواية مُنتشر، بالتالي الرواية نفسها مُنتشرة بصورة كبيرة، هذه هي المُعادلة الأبسط على الإطلاق، ونحن هنا لا نتحدث في المطلق بكل تأكيد، لأننا إذا تحدثنا في المطلق فسوف تكون الأمور محسومة لصالح الشعر بدرجة كبيرة، نحن فقط نتحدث عن العصر الحالي، والذي يجعل من الرواية ملكة لكل الفنون الأدبية، وذلك كما ذكرنا لأن القارئ في الأصل عندما يُفكر في القراءة فإن أول ما يلجأ إليه حاليًا رواية جيدة، أولًا لأنها بسيطة وثانيًا لأنها قريبة منها وتستطيع لمسه من الداخل، وربما كانت هذه الوظيفة مقصورة على الشعر قديمًا، لكن الأمور تتغير من عصر إلى آخر بالطبع.

كثرة الجوائز الأدبية المُهتمة بالرواية

في العالم العربي، أو العالم بأكمله إذا كنا نُريد تعميم الأمر، نجد أن المسابقات الثقافية قليلة للغاية، فهي تقريبًا لا تُمثل عشرة بالمئة من المسابقات الموجودة في العالم، لكن المدهش أن تلك النسبة الصغيرة في الأصل يُخصص منها ما يزيد عن النصف للون أدبي واحد، وهو الرواية، حيث أنك عندما تقرأ عن وجود رواية أدبية سيكون من السهل جدًا التعرف على المجالات الموجودة بها، وأن أولى هذه المجالات هي الرواية، أما الفنون الأدبية الأخرى مثل القصة أو الشعر أو حتى الدراسات النقدية فإن وجودها يكون محل شكل وتردد، فأنت لن تعرف حقًا هل سيتواجد هذا المجال في المسابقة أم لا، فقط ما تعرفه أن الرواية تحجز لها مقعدًا رئيسيًا في هذا السباق.

وجود الرواية في الجوائز الأدبية بكثرة ليس مجرد اعتراف بأهميتها، وإن كان هذا أمر مفروغ منه بالطبع، وإنما كذلك نوع من أنواع التسليم بالأمر الواقع، فالكتاب غالبيتهم الآن يكتبون الرواية كفن إبداعي سهل بعض الشيء، والقراء أيضًا يُحبون الرواية لكونها سهلة القراءة، إذًا، وببساطة شديدة، ستنتشر المسابقات الأدبية، وستُصبح الرواية هي الفن الأكثر شيوعًا بين الفنون الأدبية، هذا هو الأمر باختصارٍ شديد.

كثرة المكتبات ومنافذ بيع الروايات

ثمة ظاهرة غريبة اجتاحت العالم بأكمله منذ مطلع القرن الحادي والعشرين ولا زالت تُلقي بظلالها حتى الآن، وتلك الظاهرة ببساطة تتعلق بالغزو الكامل لمنافذ بيع الروايات والمكتبات التي تُفتح خصيصًا من أجل الترويج لهذا النوع من الأدب، فتقريبًا عندما تدخل أي مكتبة الآن، في العالم كله وليس الوطن العربي فقط، فسوف تجد نسبة لا تقل عن تسعين بالمئة من الأصناف الأدبية المعروضة من الروايات، بينما العشرة بالمئة المُتبقية تتوزع بين دواوين الشعر والكتب التاريخية والفلسفية وغيرها الكثير من أنواع الكتب الأخرى التي لم يعد القارئ ينجذب إليها في الوقت الراهن.

كثرة المكتبات المُتخصصة في بيع الروايات جاء كنتيجة وسبب في نفس التوقيت لانتشار الرواية، ففيما يتعلق بالنتيجة فإن المكتبات لم تفعل ذلك إلا عندما رأت بأعينها أن القارئ لم يعد يهوى شيء أكثر من قراءة الروايات، أما السبب فلكون القارئ عندما يدخل مكتبة ما ولا يجد أصناف معروضة أكثر من الرواية فسيدرك جيدًا أنها الفن الرائج ويبدأ بقراءتها، ومن هنا يأتي الانتشار الكبير ولقب الأكثر شيوعًا الذي تحظى به الرواية.

محمود الدموكي
كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".