الرئيسية الشخصيات لماذا يبدأ الأطفال نطق كلمة بابا قبل كلمة ماما بفترة؟

لماذا يبدأ الأطفال نطق كلمة بابا قبل كلمة ماما بفترة؟

0

مما لا شك فيه أن نطق كلمة بابا أو ماما من اللحظات السعيدة التي ينتظرها الآباء والأمهات بشدة من أطفالهم حديثي الولادة، فمن أجل تلك اللحظة يتحمل الأب والأم مشقة تربية الأبناء وتوفير كل ما يحتاجون إليه مهما كلفهم ذلك الأمر من ألم، لكن يحدث أحيانًا أن يُركز البعض في تفاصيل دقيقة، مثل تلك التي تتعلق بنطق الطفل لاسم والديه، فقد أكدت الكثير من الأبحاث على أن الطفل في الغالب ينطق كلمة بابا قبل أن يُفكر حتى في نطق كلمة ماما، وهذا بالتأكيد أمر غريب إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الاحتكاك الأكبر بالطفل يكون من جانب الأم وليس الأب، ولذلك من الطبيعي أن يُنطق اسمها أولًا، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على تفسير ذلك اللغز وهل يُمكن فعلًا تلقين الطفل الصغير الكلمات التي ينطقها أولًا أم أن هذا الأمر يُكتسب بشكل فطري؟

الطفل والأب والأم

لا يُمكننا أبدًا تخيل العلاقة التي تكون بين الطفل الصغير وأبيه وأمه، فالحقيقة أنه من ضمن الأسباب القوية للزواج أن يتم بناء أسرة قوامها الأول هو الأطفال، وطبعًا من النادر، بل من المستحيل، أن يتزوج شخصان ثم يُقررا ألا تحدث عملية الإنجاب أبدًا، وأن يبقيا دائمًا بلا أطفال، صحيح أنهما قد يُقللا من العدد، لكن من المستحيل أن يُعلنان عدم الحاجة نهائيًا إلى الأطفال، وهذا أمر لا يحتاج إلى أبحاث ودراسات، فالطفولة غريزة تجري في كل شخص بصورة فطرية، هو دائمًا يُحب الأطفال ويتمنى رؤيتهم ومداعبتهم، فما بالكم إذا كان هؤلاء الأطفال هم أبناءه من لحمه ودمه؟

عرف الإنسان الأطفال منذ أن عرف نفسه، فباستثناء سيدنا آدم وزوجته حواء، كل شخص على وجه الأرض مر بمرحلة الطفولة بعد مرحلة الولادة ثم خاض بعد ذلك الكثير من المعارك كي ينتهي به الأمر في النهاية إلى الموت، وما دمنا نعرف أن الأطفال موجودين في كل زمان ومكان، وأنهما هم الوقود الحقيقي لهذه الأرض والسبيل الوحيد للحفاظ على الجنس البشري للأبد، فلا شك في أن الرغبة في إنجاب الأطفال ترتفع، ويبقى الشيء المنتظر الأول هو نطق كلمة بابا وماما، أو النطق بشكل عام.

الأطفال والنطق

من الجنون أن ننتظر من الأطفال نطق كلمة بابا وماما منذ يومهم الأول، أو حتى شهرهم الأول، فالأمر ليس بهذه السهولة على الإطلاق، وكل شيء كما نعرف يسير بقدر مُعين مُقدر له، وفيما يتعلق بعملية النطق هذه فعلى الآباء ألا ينتظروا أي صوت كلامي من الطفل لمدة ستة أشهر على الأقل، ففي هذه المرحلة يكون الطفل لا يزال في مرحلة التعرف على الكون وما الذي يحدث حقًا به، أصلًا فكرة أن يعرف الطفل أنه على قيد الحياة تأخذ وقتًا طويلًا، ثم بعد ذلك، وعلى مدار ستة أشهر أخرى، يُمكن أن نسمع أخيرًا صوتًا للطفل، لكنه سيكون مجرد صوت همهمات وأشياء غير مفهومة.

بعد انقضاء العام الأول من حياة الطفل سوف تبدأ الأمور تتغير بصورة كبيرة، فبدلًا من الصوت والهمهمات الغير مفهومة سوف يكون بإمكان الطفل نطق كلمات معروفة، وعلى مدار ذلك العام يُمكن أن يستوعب من مئة إلى مئتين كلمة تقريبًا، تلك الكلمات بالتأكيد من الكلمات الهامة في الأمور الحياتية التي تمر أمامه باستمرار، المفاجأة الحقيقية تكمن في نوعية الكلمة الأولى التي سينطقها الطفل مع محاولة تعلم النطق، والتي ستكون عادةً غير متوقعة بالمرة.

نطق كلمة بابا

أول ما ينطقه الطفل، للغرابة الشديدة، كلمة بابا، وببساطة، فإن الغرابة تكمن في أن الطفل من المفترض أنه يجلس فترات طويلة، تكاد تقترب من التسعين بالمئة، مع والدته، لذلك من المنطقي جدًا أن يكون أو ما يُفكر في نطقه هو اسمه أو وصفها، ماما، لكن هذا في الحقيقة لا يحدث، بل نجده يتبجح بكلمة بابا، مما يتسبب في معظم الأحيان بالإحباط لوالدته، والتي ربما لا تعرف أن طفلها يُحبها أكثر من أي شيء آخر ولا يقدر على الابتعاد عنها ولو للحظة واحدة، الأمر ببساطة أن ثمة بعض الأسباب التي تدفع الطفل لفعل ذلك، وكان المنطقي أن تسأل أي أم سؤال واحد لا غير، وهو لماذا يبدأ الطفل في نطق كلمة بابا قبل كلمة ماما؟

لماذا ينطق الطفل كلمة باب قبل ماما؟

منذ تم رصد هذه الظاهرة أُصيب بعض الأشخاص بالحيرة، وخاصةً الأمهات، حيث لم يكن من الممكن عقلًا أن يقضى شخص يومه بالكامل مع شخص ثم يحفظ ذلك الشخص الأول اسم شخص آخر مُختلف تمامًا، الموضوع كله يكمن في هذه النقطة المنطقية كما يبدو، ولهذا كان من المنطقي كذلك أن يتم البحث خلف السبب بكل الطرق الممكنة من أجل الوصول إلى تفسير يُرضي الجميع، وبالطبع لم يكن الأمر ليتم دون اللجوء إلى الأبحاث والدراسات والتقارير، وهذا ما حدث بالفعل عندما قامت طبيبة أمريكية بتركيز كافة أبحاثها على أربعين طفل في طور التحدث لمراقبة التغير الذي يطرأ عليهم للخروج بسبب لذلك الأمر، وبالفعل بعد انتهاء التجربة خلصت الباحثة إلى عدة أسباب، أولها يتعلق بالمخارج.

مخارج حروف أسهل

أولى مبررات نطق كلمات بابا من الأطفال وعدم البدء بنطق كلمة ماما هو أن حرف الباء، الذي يتواجد في كلمة بابا أسهل بكثير في النطق من حرف الميم في كلمة ماما، وهكذا الأمر في كلمتي بابا وماما في أي لغة وبأي ثقافة، الجميع يتفق على أن المسألة في المقام الأول تتعلق بالمخرج الذي يستطيع طفل صغير في طور التعلم نطق الكلمات منه، ولذلك، فإنه بالرغم من المحاولات الشديدة لتعليم الطفل نطق كلمة ماما ستظل كلمة بابا هي الأسهل والأفضل بالنسبة له.

الأطفال بالذات في بداية شهورهم العشر الأولى يكونون بالكاد في مرحلة التعرف على المخارج، مخارج النطق على وجه التحديد، وتلك المخارج بالتأكيد تكون منذ الحديد عند محاولة تليينه، فهو بالتأكيد يأخذ وقتًا طويلًا حتى يلين، لذلك لم تأخذ الطبيبة الأمريكية وقتًا طويلًا في الدراسة حتى لاحظت أن نطق كلمة بابا أسهل بكثير بالنسبة لتسعة وثلاثين طفل من الأربعين، أي بنسبة تتخطى الخمسة والتسعين بالمئة من التجربة.

الاعتماد على التلقين

السبب الثاني الذي خرجت به الدراسة لتلك الظاهرة يقول إن نطق كلمة بابا من قِبل الطفل أمر بديهي إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الطفل، أو أي شخص عمومًا، يعتمد على التلقين، فما سيسمعه من الآخرين هو الذي سيُردده فيما بعد، وإذا ما بحثنا في الأمر جيدًا فسنجد أن الأم، ذلك الشخص الذي يجلس مع الطفل طوال الوقت، تظل حريصة على تلقين الطفل كلمة بابا كي يُفرح بها أبيه فور دخوله إلى البيت عائدًا من عمله، إذًا فأين وجه الاعتراض على نطق الطفل لكلمة بابا وعدم نطقه لكلمة ماما بنفس السرعة!

أثناء تلقين كلمة بابا للطفل تنسى الأم أمر هام جدًا، وهو أن تعرف الطفل باسمها، ولا يعني أبدًا وجود الطفل مع أمه أن يعرف اسمها من تلقاء نفسه، فحتى الآخرين لن يُنادونها باسم ماما، وإنما اسمها الحقيقي، والواقع أن ثمة أمر يجب التنبيه عليه والتركيز به جيدًا، وهو أن تعلم الطفل نطق كلمة بابا أولًا لا يعني بالضرورة أن الطفل يحب والده أكثر من والدته، هذا أمر ليس صحيح بالمرة، والدليل عليه أن حياة الطفل كاملة تكون في الأم، فهو يحبها أكثر من أي شيء آخر، ولا يطيق الابتعاد عنها ولو للحظة واحدة.

عدم رؤية الأب كثيرًا

أيضًا من ضمن الأسباب التي قالت الدراسة أنها تجعل الطفل يقوم بنطق كلمة بابا أولًا أنه لا يرى ذلك الأب كثيرًا، في حين أن أمه تكون أمامه طوال الوقت، ولنفترض مثلًا أنك تجلس مع شخص ما، فبالتأكيد أنت لن تكون في حاجة إلى ترديد اسمه في كل لحظة يأتي فيه الحديث، لكن بخلاف الشخص الذي يدخل عليك أو يزورك بعد غياب، هذا الشخص سوف تقوم بالطبع باحترامه ومناداته باسمه، والواقع أن ذلك السبب يُعد من أكثر الأسباب إقناعًا فيما يتعلق بتلك الظاهرة، فعملية اختلاف النطق أو التلقين قد تُؤكد الأمر أو لا، لكن سبب عدم رؤية الأب كمبرر للنطق المتكرر لاسمه سبب منطقي وقابل للتصديق إلى أبعد حد ممكن.

نصائح من أجل تسريع عملية النطق

طبعًا مما سبق في الحديث عن نطق كلمة بابا يتضح أن الآباء والأمهات يتعلقون جدًا بعملية النطق التي يقوم بها الطفل، وأنهم بالطبع مستعدين لبذل الغالي والنفيس من أجل تسريع عملية النطق سواء لكلمة بابا أو ماما أو أي كلمة عمومًا، والحقيقة أنه ثمة بعض النصائح التي يُمكن من خلالها تسريع عملية النطق أو علاج أمر مخيف مثل تأخر عملية النطق عند الأطفال، وتلك النصائح كثيرة، لكن على رأسها مثلًا محاولة التحدث أمام عينيه.

التحدث أمام عينيه

هناك من يعتقد أن الطفل قد يقوم بنطق كلمة بابا أو أي كلمة لمجرد فقط أنه يسمع الجميع وهم يتحدثون حوله، والحقيقة أن هذا أمر خاطئ، بل يجب أن تحدث عملية التكلم هذه أمام عين الطفل مباشرةً، بحيث يرى الفم وهو يفتح ويغلق ويرى مخارج الحروف وهي تقوم بعملها، فمن شأن تلك العملية أن تخلق فيه أولًا رغب في التحدث ممتزجة بالرغبة أولًا في التقليد، ومع الوقت ذلك التقليد سوف يتحول إلى محاولة لفتح الفم وإغلاقه إلى أن ينتهي الأمر بتحقيق المراد وتحدثه.

تشغيل مصدر صوت دائم

أيضًا من الضروري جدًا في عملية تعليم النطق المتأخر أو العادي أن يتم المحافظة على وجود مصدر صوت دائم، ونعني بهذا ألا يتم الاكتفاء بأصوات الأشخاص، وإنما كذلك الآلات والأجهزة، وخاصةً التلفزيون والراديو، فهما دائمًا يخرجان الصوت الذي يكون الطفل في أمس الحاجة إلى سمعه، ويفضل أن يكون ذلك الصوت ممتزجًا بالموسيقى كي تكون نسبة تعلقه في أذن الطفل أطول وأكبر.

مخاطبته وكأنه يتحدث

حتى ولو لم يكن طفلك قادرًا على التحدث فمن الضروري جدًا أن يتم توجيه الحديث له بصورة مستمرة مباشرة وكأنه يعي ما يحدث أمامه، فهذا من شأنه أن يُنمي غريزة النطق به، ونحن هنا لا نتحدث عن نطق كلمة بابا فقط، بل أي كلمة عمومًا.

Exit mobile version