ذات صلة

قد يعجبك ايضا

لماذا يضيء القمر ومن أين يأتي ضوء القمر؟

ليس غريبا ان تسأل لماذا يضيء القمر أو من أين يأتي ضوءه؟ لكن الجواب ليس معقدا كذلك. وانت كنت ممن يقولون إن القمر مضيء، فاعلم ان هذا ليس صحيحا فهو لا يشع نورا.

لماذا لون الدم احمر ولماذا يختلف في درجاته؟

ان تسآلت لماذ لون الدم احمر ، فببساطة لأنه يتكون من خلايا الدم الحمراء.  لكن ما اين اتت هذه الصبغة الحمراء، ولماذا الدم احمر غامق او أحمر فاتح او حتى أزرق؟

لماذا يعتبر شريف إكرامي حارسًا مثيرًا للجدل داخل الملعب؟

شريف إكرامي حارس مرمى لعب في عدة أندية أبرزها نادي الأهلي، كما حرس عرين منتخب مصر لفترة من الوقت. يبقى شريف حارسًا مثيرًا للجدل داخل الملعب، فلماذا يا تُرى؟

لماذا يواصل أحمد حسام ميدو تصدر المشهد رغم اعتزاله الكرة؟

أحمد حسام ميدو لاعب مصري مُعتزل ويُعتبر من أشهر اللاعبين الذين مروا بتاريخ الكرة المصرية، لكن على الرغم من اعتزال هذا اللاعب منذ فترة إلا أنه لا يزال حتى وقتنا الحالي متصدرًا للمشهد الكروي، فلماذا يا تُرى يحدث ذلك؟
الرئيسيةالشخصياتلماذا تعد جميلة بوحيرد شخصية مؤثرة بالتاريخ ؟

لماذا تعد جميلة بوحيرد شخصية مؤثرة بالتاريخ ؟

جميلة بوحيرد ليس مجرد اسم بل هو رمز، رمز الكفاح والنضال والتمسك بالحق والثبات على المبدأ، اسم لا يمكن ألا نتوقف عنده عند دراسة التاريخ والنظر إلى الماضي، فـ جميلة بوحيرد اسم استحق الخلود وناله، بفضل حاملته المناضلة التي ضربت أروع مثل الفداء والتضحية، وسيرتها المُشرفة خير دليل على دور المرأة العربية النضالي، المرأة العربية التي لم تخذل وطنها يوماً..

لماذا جميلة بوحيرد من المؤثرات بالتاريخ العربي ؟

جميلة بوحيرد ليست جزء من تاريخ الأمة العربية، بل أنها واحدة من صناعه، وكانت حياتها عبارة عن سلسلة كفاح طويلة متشابكة الحلقات، ولذا فأن التعرف عليها وعلى تأثيرها لا يمكن أن يتم سوى بالعودة لنقطة البداية.

الأم صانعة الأبطال :

الإنسان لا يولد وتولد معه قيمه ومعتقداته ومبادئه، بل هي أمور تكتسب مع الوقت تبعاً للنشأة والتربية، ولهذا فعند الحديث عن جميلة بوحيرد كواحدة من أبرز البطلات في التاريخ، لا يمكننا إغفال دور السيدة الفاضلة التي شكلت وعي هذه البطلة، والتي لم تجعلها نسخة من آلاف الفتيات اللاتي عاصروها، وخرجن للحياة يرددون في كل صباح “أمنا فرنسا”، وما يرفع قدر هذه السيدة الفاضلة أكثر، هو أنها لم تكن حاملة للجنسية الجزائرية، فـ جميلة بوحيرد قد ولدت في عام 1935م، لأب جزائري أما الأم فقد كانت من أصل تونسي، وكانت جميلة هي الابنة الوحيدة وسط سبعة أخوة من الشباب، ومنذ أن بدأ عقل الصغيرة يتفتح وتولدت لديها القدرة على إدراك الأمور، دأبت الأم على تذكيرها بأنها مواطنة جزائرية، وأن القول بأن فرنسا دولة صديقة أو الدولة الأم كما يرددون، ما هو إلا قول كاذب وادعاء باطل لا صدق فيه ولا حق، إنما هي دولة استعمارية جاءت إلى الجزائر بجنودها طمعاً في ثرواتها.

بقدر ما كانت المُعلمة الأولى فاضلة ومخلصة، كانت التلميذة نجيبة وتفهمت الدروس جيداً، فشبت جميلة بوحيرد وبعقلها فكرة واحدة راسخة رسوخ الجبال، وهي أن حريتها وحرية الشعب الجزائري مسلوبة، وأنه لا تحق لهم الحياة ما لم يخلصوا وطنهم من براثن الاحتلال.

بطولة مبكرة :

الاستعمار الفرنسي اتبع سياسية قلب الحقائق وتزييف الوعي، كانت خطته بعيدة المدى هي تنشأة جيل جزائري مُغيب، لديه خلط بالمفاهيم وتذبذب بالثقة وتشوش بالأفكار، فكان نظار المدارس في ذلك الحين يحملون الجنسية الفرنسية، وكانوا يجبرون الأطفال في كل صباح بالطابور المدرسي، على ترديد عبارة “فرنسا أمنا.. فرنسا أمنا”، أما بالنسبة لـ جميلة بوحيرد فقد كان الأمر مختلفاً، فقد تعارضت تلك العبارة مع قناعتها ومع ما تربت عليه من أفكار، ووجدت عبارة أخرى بديلة أكثر صدقاً واتساقاً مع المنطق، فكانت تقف في طابور الصباح وسط قريناتها، تصرخ “الجزائر أمنا” بصوت يحمل فخراً بقدر ما يحمله من قوة، قوة كانت كفيلة لأن تخرق الكلمة أذن ناظر المدرسة الفرنسي، الذي أخرج جميلة بوحريد الطفلة من الطابور، واقتاد الصغيرة إلى مكتبه وأنزل بها أشد العقاب الممكن، ابتداءً بالتوبيخ وانتهاءً بالحرمان المؤقت من الدراسة، مروراً بنيلها قدراً لا بأس به من عصا العقاب.

اعتقد الناظر المستعمر أنه بذلك سيجعل جميلة بوحيرد عبرة للأطفال، فكانت عبرة بحق ولكن عبرة في المثابرة والثبات على المبدأ، فلم يردعها العقاب ولم ترهب تكرره، وبمجرد عودتها إلى المدرسة مرة أخرى، وقفت في الطبور تردد ذات الجملة التي طالما رددتها، “الجزائر أمنا.. الجزائر أمنا”.

الثورة :

جميلة بوحريد عاشت طفولتها وصباها وبداخلها جمرتين مشتعلتين، جمرة الغضب تجاه المحتل الذي يدنس أرض وطنها، وجمرة حماس لم يطفأها يأس أو عجز، بل كانت تتأجج في كل لحظة وتبحث عن فرصة لتندلع ناراً في وجه العدو، وجاءت لـ جميلة بوحريد تلك الفرصة في عام 1954م، حين اندلعت الثورة الفرنسية وأفاق الشعب الجزائري مطالباً بحريته وحقه في بلاده، فكانت جميلة بوحريد من أوائل من انضموا إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وكانت في آنذاك في العشرين من عمرها تقريباً.

جميلة بوحيرد المطلوبة رقم (1) :

جميلة بوحريد لم تتمرد فقط على الاحتلال بل تمردت على العُرف، فلم تقنع بالدور النضالي المحدد للفتيات والقاصر على تضميد الجراح، أو على أقصى تقدير توزيع ولصق المنشورات الحماسية، بل أنها كانت أول شخص تطوع للكفاح المسلح ضد الاحتلال الفرنسي، وانضمت إلى صفوف الفدائيين وأوكلت إليها مهمة زرع القنابل، ونجحت العمليات التي شاركت بها جميلة بوحيرد بنسبة 100%، وتكبد المحتل على يديها هي وأعوانها خسائر فادحة بالمعدات والأفراد، وبناء على ذلك وضع اسمها على رأس قائمة المطلوب تصفيتهم.

الاعتقال :

خلال شهر أبريل من عام 1957م، كانت جميلة بوحريد مُكلفة بمهمة نقل وثائق ومبلغ من المال إلى المجموعات الفدائية، وأثناء قيامها بذلك اعترضت طريقها نقطة تفتيش تابعة لقوات الاحتلال الفرنسي، حاولت جميلة بوحيرد الهرب منها لكنهم طاردوها، ولم تستلم جميلة لهم إلا بعدما أصيبت بطلق ناري بالصدر.

ويلات التعذيب :

بالتأكيد لم تلقى جميلة بوحريد محاكمة عادلة أو تحقيقاً محايداً، بل أن ما لاقته داخل المعتقل لم يكن يتبع أي نوع من التحقيقات أو المحاكمات، فلم يكن المُحتل يريد أن ينزع منها الاعترافات أو يحصل على معلومات سرية، إنما كان الهدف الأول لضباط وجنود فرنسا هو الانتقام، فأخيراً سقطت بأيديهم الفتاة العشرينية التي كبدت أباطرة فرنسا خسائر عديدة، فتم تعذيبها داخل المعتقل بكافة الأشكال الممكنة، ولكن ما لاقته من تعذيب لم يثنيها عن موقفها الشجاع، بل زادها صبراً على البلاء وإصراراً على موقفها، وبدلاً من أن تنطلق من حنجرتها صرخات الألم، كانت تنطلق الصيحات المعلنة للعداء الرافضة للظلم المنادية بالحق.

الاحتجاجات :

اعتقال جميلة بوحريد ربما هو أفدح الأخطاء التي ارتكبها المُحتل، إذ ظن أن اعتقالها سيُخلصه من واحدة من أقوى معارضيه، لكن الحقيقة أنه كان سبباً في خلق آلاف المعارضين له، فقد دخلت جميلة بوحريد المعتقل وهي تنزف أثر إصابتها، وكانت جنود الاحتلال قد تمكنت من تصفيد يداها، لكنها لم تتمكن من حبس صوتها الذي ظل ينادي باسم الجزائر، وكل من سمع صوت صوت جميلة بوحيرد تأججت في نفسه الحماسة وروح الوطنية، وخلال أيام معدودة كانت شوارع الجزائر تعج بمسيارات وتظاهرات محتجة، تنادي بالإفراج عن المناضلة جميلة بوحريد ،التي صارت بين ليلة وضحاها رمزاً للنضال ومقاومة المستعمر.

تدويل القضية :

ذاع صيت جميلة بوحريد كمناضلة تنادي بالاستقلال لبلادها، وحتى أن حظيت قضيتها باهتمام عالمي، وصدرت عِدة بيانات رسمية من عِدة دول، تنادي بالإفراج عنها وتدافع عن حقها في أن تنادي بالاستقلال، وبالطبع كان الزعيم جمال عبد الناصر في صدارة الحُكام الذين طالبوا بذلك، ثم انضم له الرئيس نهرو رئيس جمهورية الهند، ثم جاء تصريح الزعيم السوفيتي خروشوف المتضامن معهم ومع جميلة بوحريد ،وذلك الاحتجاج العربي والعالمي كان خير مساند لموقف جميلة بوحريد ،وكان الدفاع لا يقتصر على جميلة بوحيرد كفرد بل شمل رفيقاتها مثل المناضلة جميلة بو عزة وغيرهن.. وإن لم ينجح الضغط الدولي في إجبار المُحتل الفرنسي على الإفراج الفوري عنهن، إلا أنه كان له دور في غَلّ يده عن إعدام المناضلات.

جميلة بوحريد شعلة لا تنطفيء :

في عام 1962م خرجت جميلة بوحريد من المعتقل أكثر قوة وأشد صلابة، وبعد ثلاث أعوام تزوجت من جاك فيرجيس المحامي الذي تولى قضيتها، وبالتعاون معه عملت على إصدار مجلة تنعى بقضايا قارة إفريقيا وثوراتها، وانفصلت عن زوجها في عام 1991م، وتعيش المناضلة خالدة الذكر الآن في وطنها الجزائر، ولكن يبدو أن النضال صار جزءاً من تكوين جميلة بوحيرد،ومساعدة الغير صارت لاسمها مرادفاً، فرغم جلاء المحتل وانقشاع الغيوم عن سماء الجزائر، لازالت جميلة بوحيرد محتفظة بحماسها مستعدة دوماً لمد يدها للغير، وتشارك حالياً من آن لآخر في العديد من الأنشطة الاجتماعية التنموية.

صناعة السينما الأمريكية تعتمد على أبطال خارقين، أما الدول العربية فتاريخها حافل بأبطال حقيقين، هم بمثابة مادة درامية خصبة أثرت السينما العربية، ومن بين هؤلاء الأبطال بالطبع المناضلة جميلة بوحيرد ،والتي خلد المخرج المصري يوسف شاهين رحلتها من خلال فيلم “جميلة”، والذي لعبت دور البطولة به الممثلة المصرية ماجدة صباحي، وعرض لأول مرة على شاشات التلفزيون في عام 1998م.

محمود حسين
محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأرى أن وصفها بالمهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل