الرئيسية الشخصيات لماذا يعد غازي القصيبي من أهم أدباء العصر الحديث؟

لماذا يعد غازي القصيبي من أهم أدباء العصر الحديث؟

0

غازي القصيبي واحد من أهم الأدباء في الوطن العربي، وسنتحدث في المقال التالي عن غازي القصيبي بشكل أكثر توسعًا، ولماذا يعد غازي القصيبي من أهم الأدباء الذين أثروا المكتبة العربية بمؤلفاتهم في العصر الحديث ولا زال الشباب يقرؤونها ويروجون لها حتى بعد وفاته بنحو 7 أعوام، وقبل أن نتحدث عن أسباب أهمية غازي القصيبي سنتحدث.

من هو غازي القصيبي ؟

ولد عام 1940 في مدينة الأحساء بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية قبل أن ينتقل للمنامة للدراسة الأساسية قبل أن ينتقل إلى مصر حيث يدرس الحقوق بجامعة القاهرة، وينال درجة الماجستير من الولايات المتحدة الأمريكية بينما ينال الدكتوراه من لندن، تولى عدة مناصب منها أستاذ مساعد بجامعة الملك سعود ومستشار قانوني بعدة وزارات، ثم مدير مؤسسة السكك الحديدية، ثم وزير الصناعة والكهرباء ثم وزيرًا للصحة، ثم سفيرًا للمملكة لدى البحرين ثم لدى بريطانيا ثم وزير الكهرباء مرة أخرى ثم وزيرًا للعمل التي ظل فيها حتى أواخر أيامه.

جمع بين صفات متنوعة في أدبه

على الرغم من الحياة الحافلة من الممارسة العملية وتقلد المناصب المتعددة وحمل المسئوليات المتنوعة على عاتقه إلا أن هذا لم يحمل غازي القصيبي على ترك أدبه بل ظل طوال حياته غزير الإنتاج، فأنتج ما يقارب 80 عملاً ما بين الشعر والرواية والقصص والسيرة الذاتية، وحقق نجاحًا كبيرًا بين كافة الفئات والطبقات عمومًا وأوساط الشباب تحديدًا لما حفلت به آدابه من صفات متنوعة تناسب الصغير والكبير والمثقف ومحدود الثقافة والمراهق والمُسن وهذه هي أبرز الصفات التي حفلت بها أعماله:

الرقة

على الرغم من الظروف الصعبة التي نشأ فيها غازي القصبي حيث توفيت والدته وهو لم يتم عامه الأول بعد ونشأ في كنف والده الذي كان يمتاز بالصرامة والقسوة بعض الشيء إلا أن هذا لم يمنعه من أن يكون رقيقًا في أعماله حيث انطوت مؤلفاته على قدر كبير من الرقة لا تعكس أبدًا الظروف القاسية التي نشأ وترعرع فيها يتيمًا محرومًا من حنان الأم، خصوصًا في قصائده الرومانسية والتي من أبرزها قصائد: “قل لها” و”أغنية في ليل استوائي” هذه الرقة جعلته شاعرًا يقبل عليه الناس، أما في الروايات فقد لا تستطيع إمساك دموعك من فرط الرقة التي يتذكر بها محامي في أواخر أيامه علاقته العاطفية مع حبيبة قديمة في روايته “حكاية حب”.

التنوع

تنوع أعمال غازي القصيبي بين الشعر والنثر وبين القصة والرواية والسيرة الذاتية أيضًا تنوع مضامين أعماله بين الرومانسية والسياسة والاجتماع والتاريخ والنقد مما يجعله كاتبًا شاملاً يكتب كافة أنواع الكتابة وفي كافة الموضوعات والمجالات، هذا التنوع خلق منه فنانًا يلبي كافة مطالب جماهيره ويشبع ذوقهم الأدبي بوجبات أدبية دسمة متنوعة كمائدة الطعام التي تتحلى بكافة الأشكال والألوان كي تلبي كافة الأذواق لذلك يعد غازي القصيبي من أهم الأدباء في العصر الحديث.

الشاعرية

لا يغفل أي مطلع على أعمال غازي القصيبي الشاعرية التي تغلف أعماله والتي لابد وأنها كانت تنعكس على شخصيته أيضًا فمن المعروف أن غازي كان رجل شاعري وعليك أن تقرأ كتاب سيرته الذاتية “حياة في الإدارة” كي تعرف أن هذا الرجل كان شاعريًا حتى وإن كان مسئولاً أو في منصب قيادي، أو كيف يستطيع رؤية مرض خطير مثل “ألزهايمر” رؤية مغايرة عن واقعه في رواية بنفس اسم المرض، لذلك الشاعرية التي كانت تكسو جميع مؤلفاته جعلته محببًا لقلوب قراءه.

الخيال

ربما يكون الخيال هو الجامع بين كافة أعمال غازي القصيبي فهذا الرجل رغم تنوع أساليبه وكتاباته إلا أنه يعتمد على الخيال الخصب كمادة أولية لكتاباته ويتجلى ذلك في القصائد والروايات على حد سواء وعليك أن تقرأ “سلمى” لتسافر مع الكاتب في رحلة بالغة الأثر بين ضفاف التاريخ وتقف بينهم في اللحظات الحاسمة وتجد نفسك وسط إلقاء بيانات حماسية أو في ميدان قتال حامي الوطيس أو بين جماهير غاضبة وقت ثورة من خلال سلمى التي تجد نفسها في هذه اللحظات والمناصب الحساسة والمواقف الغريبة، أما في شقة الحرية فنجد مزج بين الواقع والخيال شخصيات تاريخية من أزمنة مختلفة يلتقون مع مغتربين للدراسة في مصر فكيف يمكن التفاعل بينهم؟ أما في رواية “7” فيأخذنا إلى جزيرة أسطورية وهمية لنعيش أحداثًا ولا ألف ليلة وليلة، الخيال الخصب ما جعل غازي القصيبي في مكانته الحالية.

الإسقاط على الواقع

إذا كنا قد ذكرنا الخيال فلا ينبغي ألا نذكر الواقع، فبين أعمال وكتب وروايات واقعية بحتة يبحث فيها الكاتب عن أي مسارات لتصحيح الأوضاع الخاطئة أو أعمال خيالية مهما بلغت درجة خياليتها فنجدها رغم ذلك مرتبطة شديد الارتباط بالواقع وتحمل بين طياتها إسقاطات واضحة لشخصيات وأحداث واقعية بهدف تسليط الضوء على هذه الأحداث والشخصيات ولكن دون مباشرة.

التوثيق التاريخي

لا ريب أن التوثيق التاريخي الذي كان ينتهجه غازي القصيبي وكم المعلومات التاريخية التي يوردها في كتبه كان يجعلها في شكل مواضيع شيقة بحكايات مسلية هو ما جعله واحدًا من أهم كتاب العصر الحديث وذلك بسبب وقوفه على الحد الفاصل بين القيمة والمتعة، حيث استطاع الإمساك بالاثنين مما جعله مطلوبًا لدى كل مهتم بالقراءة.

الحكمة الحياتية النابعة من التجربة

لا يغفل أي قارئ لأي كتاب لغازي القصيبي وجود فلسفة أو حكمة متضمنة في كتبه، وعلى الرغم من ذلك تجد هذه الحكمة والفلسفة قبولاً لدى القراء لا لشيء ولكن لأنها تنتهج نهج التجربة التي تفرز الحكمة لا الحكمة التي تؤثر على التجربة لذلك سنجد في كتبه مثل “حياة في الإدارة” و”العودة سائحًا إلى كاليفورنيا” اللذان يستلهم من تجاربه في الدراسة أو في الحياة العملية حكم وفلسفات ورؤى ثرية للحياة يصيغها في شكل جذاب وأسلوب سلس.

السيرة الذاتية

إننا دائمًا ما نحب أن نقرأ تجارب الآخرين وحكاياتهم عسى أن ينفعنا ذلك في حياتنا ونثري أنفسنا ونثقل تجاربنا ونضيف إلى خبراتنا خبرات جديدة من التي نقرأها في تجارب الآخرين، وتعد الحياة الحافلة لغازي القصيبي مادة بالغة الثراء لتأليف سيرة ذاتية بالغة العظمة والتأثير والمتعة، لما فيها من شخصيات هامة ومعاصرة غازي القصيبي إبان عمله سواء كوزير أو كسفير لأحداث شديدة المفصلية تمس واقعنا العربي جميعًا، من أبرزها: حياة في الإدارة، والوزير المرافق، وسعادة السفير.

الطرافة وخفة الظل

لا يخلو أبدا أي كتاب لغازي القصيبي من خفة الظل والطرافة وذلك من أدوات جذب القارئ ومن مميزات أسلوبه السلس حيث أنه يعرف أن الحديث الجاد على الدوام بألفاظ مقعرة ومصطلحات كبيرة قد تضجر القارئ وتصيبه بالملل والضيق لذلك هو لا يتنازل عن القيمة والإفادة في أعماله ولكن بأسلوب يدخل فيه بذكاء ومهارة خفة الظل والطرافة ويكفي أن تقرأ العصفورية حتى تفهم ما أعنيه ولا يعدم أي كتاب من كتاب غازي القصيبي خفة الظل والطرافة المتضمنة بين سطوره.

الأسلوب السلس

قال غازي القصيبي من قبل ما مضمونه أنه أثناء ما كان مدرسًا بالجامعة أدرك أنه يجب على أي موضوع يتم تدريسه أن يكون جذابًا ومن أجل أن يكون الموضوع جذابا يجب أن يكون مبسطًا، ومن أجل أن يكون مبسطًا يجب أن يبذل المعلم أضعاف ما يبذله الطالب من مجهود، ويبدو أن النصيحة هذه كانت لنفسه قبل أن تكون لأي شخص آخر حيث اتبع نفس الأسلوب تقريبًا في كتابة جميع مؤلفاته بجميع مؤلفاته سواء كانت كتب شعر أم نثر أم كتبًا موضوعية، تحلى بالأسلوب السلس بعيدًا عن الابتذال أو الحشو وبعيدًا عن التكلف والتعقيد، وذلك لضمان وصول أسلوبه لكافة الأطياف والمستويات الثقافية والتعليمية، ويبدو أنه وجد بالفعل ما كان ينشده، ولذلك يعد غازي القصيبي اليوم من أهم أدباء العصر الحديث.

عمق الحكاية وبساطتها

أي قارئ لغازي القصيبي يدرك تمامًا أن هذا الرجل لا يلجأ إلى التعقيد أو تتويه القارئ في مؤلفاته ومع ذلك أيضًا لا نجده يسقط في فخ السطحية لذلك هو كاتب محترف وذكي ولم تحول مسئولياته ومناصبه وكثرة تنقلاته بينه وبين إتقان كافة مؤلفاته التي أخرجها بالشكل الذي دأب على على صنعه طوال حياته والمحافظة على هذا التوازن في محتوى المؤلفات ولا ريب أنك إن قرأت إحدى رواياته فستجد أن الحكاية تبدأ بشكل بسيط جدًا إلا إنك بعد الانتهاء منها تشعر أنك قد قرأت رواية ملحمية بالغة القيمة والإفادة والمتعة، لذلك تجد أن غازي القصيبي استطاع تحقيق هذه المعادلة الصعبة التي لم يقدر العديد من الأدباء الكبار والعظماء على حلها.

يقرأ له الكبار والصغار

لهذه الأسباب مجتمعة يجدر بنا أن نقول أن غازي القصيبي واحد من أهم أدباء العصر الحديث لأنه استطاع مخاطبة جمهور عريض من كافة المستويات والتوجهات والأعمار حيث يقرأ له الكبار والصغار والمثقف وعديم الثقافة والنخبة والعامة والمتشدد والمتحرر والمتحفظ والمتحرر كلهم على حد سواء ويعجبون بأسلوبه ومحتوى أعماله ولا يجدون في أنفسهم اختلافا كبيرًا مع محتوى ما يقوله ومع محافظته على توجه موضوعي يقصد به المصلحة العامة قبل الخاصة وإصلاح الأوضاع الخاطئة التي لا ترضي أحدًا وفي نفس الوقت تؤذي الجميع ويقف على قدم المساواة من الجميع ويتوجه بمؤلفاته نحو النشء والكبار وكافة الفئات، لذلك ستجد جمهور غازي القصيبي عريض ويرفعه ليكون من أهم أدباء القرن العشرين والواحد والعشرين أيضًا.

التوعية والتذوق الأدبي

ميزة غازي القصيبي كما أوردنا أنه لا يتنازل عن أن تكون مؤلفاته مفيدة وقيّمة وفي الوقت ذاته أدبية وشاعرية ومغلفة برقة المشاعر ورهافة الحس لذلك هي ترضي من يبحث عن كلام موضوعي جاد توعوي يتعلم منه ويفيده ويوجهه ويضعه على الطريق الصحيح وترضي أيضَا من يبحث عن رحلة أدبية مليئة بالمتعة والذوق الأدبي الرفيع وقلّما ما تجد شخصًا يستطيع الجمع بين الحسنيين فلابد أن يضحي بواحدة على حساب الثانية أما التوفيق بينهما دول الإخلال بإحداهما هذا ما نجح فيه غازي القصيبي وجعله في قمة الأدب في الوطن العربي.

الموضوعية والاعتدال

تتسم أيضًا كتب الرأي والكتب المقالية لغازي القصيبي بموضوعيتها واعتدالها فهو لا يخرج عن الموضوع تاركًا الدفة لانفعالاته العاطفية والشعارات الرنانة الجوفاء بل يتحدث في صلب الموضوع وفي نفس الوقت بأسلوب معتدل وأفكار تأخذ من الحداثة وتأخذ من الأصالة لتصيغ رؤى وسطية معتدلة تناسب العصر الذي نعيش فيه وتكرس للعمل بأدواته دون نسيان ماضينا مما يجعله نموذجًا للمثقف السوي والحقيقي في عالمنا العربي.

غازي القصيبي أشهر نصوصه

يجدر بنا في النهاية أن ننوّه بأشهر كتب غازي القصيبي وقد قرأت عددًا كبيرًا منها ولكن إن أردت أن تقرأ فلا تفوّت: سلمى، حياتي في الإدارة، الوزير المرافق، ألزهايمر، شقة الحرية، 7، سعادة السفير.

خاتمة

إن كانت كل هذه الأمور مجتمعة لا تجعل من غازي القصيبي أديبًا مهمًا فيكفي أنه استطاع أن يرفع مستوى الوعي قولاً بأدبه ومؤلفاته وفعلاً بمناصبه وإدارته، أي أنه قد قرن القول بالفعل وصنع تأثيرًا عظيمًا في المملكة العربية السعودية وملهمًا لكافة أبناء الوطن العربي ومختلف الأجيال.

Exit mobile version