الرئيسية الفن رواية أولاد حارتنا : لماذا أصبحت رواية نجيب محفوظ الأكثر جدلاً ؟

رواية أولاد حارتنا : لماذا أصبحت رواية نجيب محفوظ الأكثر جدلاً ؟

تعد رواية أولاد حارتنا الصادرة في 1962م للأديب نجيب محفوظ هي الرواية الأكثر إثارة للجدل.. ترى لماذا ؟ وما سر مهاجمة رجال الدين للرواية؟

0

تعد رواية أولاد حارتنا واحدة من أبرز وأشهر أعمال الأديب نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل، وهي الأكثر إثارة للجدل على الإطلاق بين جميع الأعمال الأدبية الزاخر بها تاريخه. فهي الرواية التي تم حظر نشرها وتوزيعها في مصر وفي أغلب الدول العربية، وكذلك هي الرواية التي كاد يلقي حتفه بسببها، بعد أن حاول أحد الأفراد المنتمين إلى الجماعات المتشددة اغتياله. نشرت الرواية للمرة الأولى في عام 1962م عن دار الآداب في لبنان ثم نشرت في مصر في عام 2006م عن دار الشروق.

لماذا أثارت رواية أولاد حارتنا الجدل ؟

رواية أولاد حارتنا هي الرواية الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الأدب العربي، ورغم مرور أكثر من نصف قرن على إصدارها لا زال الجدل مثار حولها، والمهاجمين والمدافعين على السواء يحاولون حتى اليوم فك رموزها وتوضيح رمزيتها.

دعوى تجسيد الذات الإلهية :

من المسببات الرئيسية لإثارة كل ذلك الجدل حول رواية أولاد حارتنا للأديب نجيب محفوظ، بعض التأويلات والتفسيرات للدلائل الرمزية التي تحملها الرواية، والتي رأت إن إحدى شخصيات الرواية الرئيسية وتحديداً شخصية الجبلاوي قائد الحارة وصاحب الكلمة العليا بها هي تجسيداً للذات الإلهية، وقد أثار ذلك جدلاً واسعاً وكان سبباً في تعرض نجيب محفوظ لهجمة شرسة، وصلت إلى حد اتهامه بالكفر والخروج من الإسلام ومخالفة تعاليمه، بينما هناك فئة أخرى تولت الدفاع عنه بقولها إن الجبلاوي تجسيد للدين لا للإله وإن ذلك قد اتضح في نهاية الرواية.

تشابه الاسماء :

كان من الممكن ألا يثار كل ذلك الجدال حول طبيعة شخصية الجبلاوي وأن تمر رواية أولاد حارتنا مرور الكرام، لولا التشابه الكبير في اسماء الشخصيات الرئيسية وبعض الشخصيات الدينية، وهو ما عزز قول مؤيدي الرأي القائل بأن الرواية تعد خروجاً على تعاليم الدين الإسلامي، كونها جسدت سير الأنبياء وإن كان ذلك قد تم عن طريق الإسقاط وليس بصورة مباشرة، ومن أمثلة تلك الاسماء التي أثارت الجدل في رواية أولاد حارتنا الآتي: أدهم أول من عاش في الحارة وآدم عليه السلام أول من عاش على الأرض، شخصية جبل قيل إنها ترمز إلى نبي الله موسى عليه السلام وإن الاسم اشتق من الحدث الأشهر في قصة كليم الله وهي محادثته للإله فوق الجبل، أما الرسول الأمي محمد عليه الصلاة والسلام فقيل إن محفوظ جسده في شخصية القاسم وهو آخر الصالحين في تسلسل أحداث الرواية، وعن الاسم قيل إنه اشتق من كنية النبي الكريم أبو القاسم، أما الأخ الخبيث فكان يدعى إدريس وقيل إنه إبليس اللعين.

مقتل الجبلاوي :

تنتهي أحداث رواية أولاد حارتنا بمقتل الجبلاوي على يد عرفة، وكانت تلك النهاية التي اختارها محفوظ لروايته سبباً مباشراً في ازدياد حِدة الهجوم عليه، إذ قيل إنه مُلحد وإنه قتل الإله ضمن أحداث روايته باعتبار إن الجبلاوي تجسيد للذات الإلهية، لكن مؤيدو نجيب قالوا إن مقتل الجبلاوي هو دليل براءة يحسب لنجيب لا عليه، إذ أن الجبلاوي يرمز إلى الدين لا الإله وحين تم مقتل الجبلاوي على يد عرفة والذي يرمز إلى العلم، فسدت الحارة وانهارت وانتهت الحياة فيها، وكأن نجيب محفوظ يريد القول بإن الحضارة الإنسانية لا يمكن أن تقام أو تستمر إلا إذا كان الدين أساساً لها.

بين الحظر وحق حرية التعبير :

لم تكن إثارة الجدل حول رواية أولاد حارتنا دائماً من جانب رجال الدين، بل إن هناك فريق كبير من المثقفين هاجم الدولة ونظام مصر الحاكم آنذاك بسبب حظرهم لنشر الرواية، إذ رأوا إن ذلك يمثل جوراً على حق حرية التعبير المكفول لكل مواطن بموجب الدستور والقانون، ولا زالت حتى اليوم يعاد مشهد حظر رواية أولاد حارتنا ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ إلى الأذهان مع كل حادثة يرى فيها البعض قمعاً للحرية.

Exit mobile version