الرئيسية الصحة لماذا لا تعد مسكنات الألم الحل المناسب لبعض الأمراض؟

لماذا لا تعد مسكنات الألم الحل المناسب لبعض الأمراض؟

0

انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار متعددة عن سوء استخدام مسكنات الألم بمختلف أنواعها وأشكالها الصيدلية. بداية مع الأسبرين إلى مسكنات الألم التي تحتوي على الأفيون والمورفين. كلها استخدامات خاطئة تسبب الضرر لا الفائدة، وقد تمنع الجسم من العلاج المناسب بسبب تداخلها الدوائي مع العديد من الأدوية الأخرى. كما إنها لا تصلح مع أنواع عديد من الأمراض، ومجرد تناولها هو حمل فائض على الكبد والكلى لا أكثر، إذ لا تقدم أي فائدة البتة. يجب أن ننمو بمعلوماتنا الطبية لنحافظ على أنفسنا وعلى أطفالنا في المستقبل. فلماذا لا يصلح استخدام مسكنات الألم في كل الحالات الطبية؟

احتياج الجسم لجرعة أعلى

عند استخدام مسكنات الألم بدون وعي، قد تقدم فائدة في البداية لعلاج الألم. ولكنها مع الوقت ستتوقف عن تقديم تلك المساعدة. لأنها لا تعالج المرض بل العرض فقط. مما سيزيد من شدة المرض وعودة الألم مرة أخرى بشكل أصعب من البداية. وعندها يقوم المريض باستخدام جرعة أعلى، ومن ثم يزيد الجرعة مرة أخرى، وهذا تصرف غير صحيح أبدًا.

أولًا لأنه يزيد الحِمل المفروض على الكبد والكلى للتخلص من هذه المسكنات، وإن لم يتمكن الجسم من معالجة كل الكمية، ستصير سم متحرك في الدم، خاصة إن كنا نتحدث عن الأسبرين، فلا تدع عدم معرفتك يقول لك أنه دواء أمن، بل له أضرار كبيرة جدًا في الجرعات العالية قد تصل إلى الموت. وقد تسبب الفشل الكلوي وفشل الكبد أو سيولة الدم وارتفاع الضغط خاصة لدى السيدات. ثانيًا لأنها تقلل من فاعلية الدواء في الجسم. وعند احتياج الجسم لمسكن حقيقي للألم، لن تتمكن المسكنات من علاج المشكلة لأن الجسم اعتاد عليها ولم يعد لها تأثير حقيقي.

التداخلات الدوائية الخطيرة

لا يوجد دواء لا يتفاعل مع كل الأدوية التي تؤخذ في ذات الوقت، خاصة مسكنات الألم. فأغلبها يتفاعل بشكل سيء مع الأدوية الأخرى التي قد يحتاجها المريض للعلاج بالفعل. مثلًا، يتداخل الأسبرين مع الأدوية التي تمنع سيولة الدم، ويقلل من عملها. ويتداخل البارسيتامول مع الأدوية التي تخرج عن طريق الكبد، ويسببوا معًا حِمل زائد على الكبد، أو يزيد من عمل الأدوية الأخرى فيسبب تسمم بجرعات زائدة. وغيرها الكثير من تفاعلات الأدوية مع بعضها. لذلك لا يجدر أبدًا استخدام مسكنات الألم أثناء استخدام أدوية أخرى بدون استشارة طبيب، أو طبيب صيدلي. حتى لا تقلل أو تزيد من عمل تلك الأدوية.

مسكنات الألم في حالة الوجع النفسي

قد يعاني البعض من مشاكل نفسية تأتي في صورة صداع مؤلم أو ضيق. ثم يعتقد أن مسكنات الألم الأفيوني تحتوي على العلاج الشافي. مثل المورفين أو الترامادول وغيرهم. هذه المسكنات قوية جدًا وتستخدم تحت إشراف طبي مشدد لأنها تسبب الإدمان، ومصائبها متعددة. ولكنها مفيدة في حالات الحروق أو إجراء العمليات، أي تحتاج إشراف طبيب بالمستشفى غالبًا. ويعتقد البعض أنها قادرة على علاج الآلام والأوجاع النفسية لقدرتها على رفع مستوى الدوبامين والسيرتونين في الدماغ. إلا إنها ليست كذلك فعلاجها مؤقت، وإدمانها خطير. على النقيض يمكن للطبيب النفسي وصف علاج يقدم نفس الفاعلية بدون خطر الإدمان. فلا تحاول أبدًا استخدام تلك الأدوية من تلقاء نفسك.

تخفي المشكلة الحقيقة

مسكنات الألم تغطي على المشكلة الحقيقة وتزيد من مدة الشفاء، لأنك بتقليلك للألم الذي تشعر به لن تسرع إلى الطبيب وتعالج المشكلة الحقيقة. فمثلًا قد تعتقد أنك تعاني من البرد، وتأخذ المسكنات لتخفيف الأعراض. ولكنك في الحقيقة تعاني من حساسية موسمية أو جيوب أنفية وأنت لا تدري. ولأنك لا تشعر بالألم لن تقوم بزيارة الطبيب، إلى أن تتفاقم المشكلة ويكون علاجها أصعب من ذي قبل. أنت تضر نفسك بتخفيف الألم مؤقتًا.

مسكنات الألم الخاطئة تدفعك لاستخدام علاج أعلى في الفاعلية والخطورة

سنأخذ مثال لتوضيح الفكرة، عند الشعور بألم المفاصل سيسرع المريض بأخذ مسكنات الألم المتاحة لديه. هذه المسكنات بالفعل الخط الأول في علاج ألم المفاصل، لكنه سيأخذها بالتأكيد بشكل خاطئ لأنها بدون إشراف طبي، وعندما أخيرًا يقرر الذهاب للطبيب، سيضطر الطبيب لوصف خط علاج أعلى في الفاعلية وكذلك أعلى في الخطورة، لعدم جدوى العلاج بالخط الأول من المسكنات. فيضطر هنا لوصف حقن موضعية أو مسكن ألم شديد القوى أو حتى كورتيزون.

خطورة المسكنات على الحمل والولادة

أثبتت الدراسات الأخيرة أن السيدات الأكثر استخدامًا للمسكنات بمختلف أنواعها، هن الأقل قدرة على الإنجاب بشكل عام. كما تتسبب المسكنات في أضرار للجنين أثناء الحمل. ولذلك يُمنع على السيدة الحامل تناول بعض الأنواع من الأدوية أثناء الحمل، منها على سبيل المثال الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية وهي أشهر فئة في مسكنات الألم. ويمكن تناولها فقط تحت إشراف طبيب وبجرعات محددة، وفي أشهر معينة من الحمل فقط. وسيصف الطبيب الدواء المثالي للسيدة، فلا يجب الإسراع لتناول المسكنات عند الشعور بالألم.

مسكنات الألم تزيد فرص الإصابة بأمراض أكثر خطورة

قد تعالج مرض صغير وتتسبب في تعريض نفسك لمرض أشد خطورة، عند الإفراط في تناول المسكنات دون إشراف طبي متخصص. على سبيل المثال يتسبب الايبوبروفين في زيادة فرص الإصابة بأمراض القلب خاصة لمن يعانون من ارتفاع ضغط الدم. كما يتسبب الأسبرين في قرحة المعدة خاصة لمن عانوا من التهاب في المعدة سابقًا. وهذا يرجع إلى طريقة عمل تلك المسكنات من الأساس، حيث أنها تثبط عمل مادة تسمى البروستاجلاندين، وهي المادة المسئولة عن تكوين الالتهاب وارتفاع درجة الحرارة والشعور بالألم في نهايات الأعصاب، وعند تثبط عملها يحدث تخفيف للألم والالتهاب، ولكن في ذات الوقت يُحرم الجسم من فوائدها العديدة على القلب والمعدة والكلى.

أعداد الوفيات تحكي ملخص القضية

في أمريكا وحدها يموت عشرات الأشخاص سنويًا بسبب مسكنات الألم المتوفرة في كل البيوت بشكل كبير وكأنها أمنة جدًا. وتشير الإحصائيات إلى زيادة أعداد الوفيات بسبب المسكنات حول العالم كله، وبالطبع هذه النسبة تزيد في الدول المتقدمة لتوافر المسكنات بشكل أكبر مع قلة الوعي اللازم لاستخدام تلك المسكنات. نسبة ضئيلة من تلك الوفيات يكون سببها الانتحار، النسبة الأعلى تأتي بسبب الجرعات الزائدة الخاطئة، أو الاستخدام الغير عقلاني. خاصة في الأطفال الصغار الذين قد يعتقدون أنها حلوى لطعم بعضها الجيد، مع إهمال الأهل. أو في سن المراهقة الذين يعتقدون أن الدواء أمن خلال فترات الضغوط النفسية في الامتحانات لزيادة التركيز، لعدم توعية الأهل لهم بمخاطر المسكنات على الصحة. وجود عبارة “يرجى البُعد عن متناول الأطفال” الموجودة على الأدوية ليس اعتباطيًا. لأن الجرعات الزائدة الخاطئة بالفعل قد تسبب الوفاة.

مسكنات الألم ليست حلوى تأخذها كلما شعرت بأنك تحتاج إلى ذلك. فهي مثل كل الأدوية الأخرى التي تحتاج الحذر والعقلانية أثناء تناولها. عليك بأن تفكر في المرة القادمة قبل استخدام المسكن لك أو لأولادك. وعلى الأقل يمكنك استشارة الصيدلي إن لم تتمكن من استشارة طبيب متخصص في الحال.

هذا المقال والمواد المنشورة فيه، هي بمثابة معلومات فقط ولا يجوز اعتبارها بديلًا عن استشارة طبية متخصصة.

Exit mobile version