الرئيسية الفن لماذا يعتبر فيلم غزل البنات من أجمل أفلام السينما العربية؟

لماذا يعتبر فيلم غزل البنات من أجمل أفلام السينما العربية؟

0

رغم مرور سبعون عاما على إنتاجه إلا أن فيلم غزل البنات استطاع أن يثبت أقدامه كواحد من أهم كلاسيكيات السينما العربية عموما، ولا زال هذا الفيلم يمتعنا كلما شاهدناه فما السر وراء كل هذه الشعبية لفيلم أنتج منذ أكثر من سبعين عاما ولا زال يلقى النجاح الجماهيري والنقدي لدرجة أنه اعتبر في المركز التاسع في قائمة أعظم مائة فيلم في تاريخ السينما العربية؟ هذا ما سنتحدث عنه في السطور التالية:

فيلم غزل البنات

فيلم غزل البنات من بطولة نجيب الريحاني وليلى مراد وأنور وجدي وسليمان نجيب وعبد الوارث عسر ومحمود المليجي ومن سيناريو أنور وجدي وحوار بديع خيري وإخراج أنور وجدي، تم عرض الفيلم في عام 1949 وتدور أحداثه حول أستاذ حمام مدرس اللغة العربية المعدم الفقير البائس الذي يذهب للتدريس لبنت الباشا فيقع في حبها ولكن يفاجأ أنها مغرر بها من قبل شاب مستهتر يحاول أن يخدعها فيعمل على إنقاذها بمساعدة طيار التقاه بالمصادفة إلا أن هذا الطيار يقع في حبها أيضًا وهي تجد نفسها واقعة في حبه، الفيلم استحوذ على قلوب الجماهير حتى الآن ولا زال يلاقي المزيد من النجاح والشعبية وقت عرضه، وسنبحث اليوم عن أسباب كونه من أعظم الأفلام في السينما العربية.

نجيب الريحاني

أحد أهم الأسباب إن لم يكن الركيزة الأساسية لجودة وروعة فيلم غزل البنات هو الفنان الكبير نجيب الريحاني، نجيب الريحاني ولد في القاهرة لأب من أصل عراقي وقد أسس في العقد الثالث من القرن العشرين فرقة كشكش بيه الشهيرة مع صديق عمره بديع خيري وحقق بها نجاحا باهرا وانتقل منها للسينما وظل محافظا على نجاحه حتى توفي بعد تصوير فيلم غزل البنات مباشرة متأثرا بمرض التيفوئيد تاركا بصمته على كل أفلامه التي شكلت فيما بعد تراث السينما العربية.

نجيب الريحاني في هذا الفيلم يؤدي شخصية غزل البنات ولولا حضوره الرائع وتدرج أداءه من الميلودراما للكوميديا للدراما في المشهد الواحد لما كان قد أصبح الفيلم بمثل هذه العظمة، حيث أدى شخصية المدرس المُسن الفقير المعدم الذي يحب بنت الباشا تلميذته الشابة المليئة بالحيوية، وقد استطاع تأدية دور الحبيب المخلص الكتوم في صمت بشكل لم يسبق له مثيل، لذلك أصبح فيلم غزل البنات من أروع وأعظم الأفلام التي أنتجت في السينما العربية.

أغاني فيلم غزل البنات

أغاني فيلم غزل البنات لها مكانة خاصة في قلوب كل جماهير الوطن العربي والتي أدتها الفنانة ليلى مراد منفردة تارة وأبرزها أغنية “مليش أمل في الدنيا دي غير إني أشوفك متهني” و”اتمختري واتمايلي يا خيل” و”الدنيا غنوة، نغمتها حلوة”، والأغنية الشهيرة “أبجد هوز حطي كلمن شكل الأستاذ بقى منسجم” أو غنتها بصحبة نجيب الريحاني مثل “عيني بترف” والتي اشتهرت جدا وأصبحت من التراث الغنائي الفني، فضلا عن الأغنية الأخيرة في الفيلم الذي أداها المطرب ذائع الصيت وقتها محمد عبد الوهاب “عاشق الروح” بالتالي صبغ الفيلم بصبغة غنائية جعله يضاف إلى رصيده الكبير ويرسخ في قلوب وعقول وأذهان المشاهدين حتى الآن.

الحالة الميلودرامية للفيلم

رغم أن نجيب الريحاني بالأساس ممثل كوميدي إلا أنه استطاع نقل الأجواء الميلودرامية في الفيلم بغزارة فلا ننسى أن جوهر الفيلم بالأساس هو حالة الحب بلا أمل التي يعيشها بطل الفيلم أستاذ حمام لذلك جاء فيلم غزل البنات مزيجا متوازنا بين الكوميديا والدراما والرومانسية والغنائية مما أضفى على الفيلم سحر خاص لاستخدامه كافة هذه العناصر وتضافرها في مزيج واحد أخرج لنا فيلم غزل البنات الذي أصبح من الكلاسيكيات التي يشار لها بالبنان الآن.

ملائكية ليلى مراد

ثاني أجمل عنصر من عناصر نجاح فيلم غزل البنات بعد نجيب الريحاني وقبل الأغاني في الفيلم هي الملاك المغرد ليلى مراد رقة ليلى مراد وملائكيتها وهشاشتها كانت من أجمل الأشياء بمجرد ما تظهر على الشاشة تملك قلبك مباشرة، هذه الفراشة الرقيقة المتجولة بين عبير الأزهار وأنوار المصابيح تجعلك دائما يخفق قلبك كلما ظهرت، أيضًا وجودها كان مهما لصنع التضاد بين حويتها ورقتها وجمالها وملائكيتها بالنسبة للنقيض من ذلك نجيب الريحاني وللمقارنة بين حال كليهما، كأن الدمامة والسن المتقدم والمرض أحبوا الحيوية والجمال والشباب والرقة.

حوار بديع خيري المتميز

يجب أن نرفع القبعة لحوار بديع خيري المتميز والذي اشترك فيه أيضا نجيب الريحاني ولكن أعتقد أن هذا الحوار الرائع الرشيق لا يخرج إلا من بديع خيري، حوار فعلا كل جملة فيه عبارة عن مزيكا متناغمة مضبوطة بالملليمتر، شاهد مثلا المباراة الكلامية بين أستاذ حمام والباشا حينما ظن أستاذ حمام أنه الجنايني، لاحظ مثلا المباراة الكلامية في السيارة بين نجيب الريحاني وأنور وجدي وليلى مراد حينما كان الإعجاب باديا من وحيد (أنور وجدي) تجاه ليلى (ليلى مراد) والأستاذ حمام الذي يتحرق على جمر اللوعة من حبيبته التي تضيع من بين يديه، حوار فعلا يبرز الحالة ويوضحها، فضلا عن الحوار الأخير بين يوسف وهبي وليلى مراد ونجيب الريحاني الذي يبرز مدى الإتقان في الصناعة، حقا حوار رائع ومتميز جدا.

المشهد الأخير في فيلم غزل البنات

هل يمكن لمشهد واحد أن يصنع فيلما؟ يمكن لمشهد واحد أن نظل نتذكر الفيلم لكنه لا يصنع فيلم، لكن يمكن لمشهد واحد أن يكون أحد أهم عناصر نجاح الفيلم، وهكذا هو حال فيلم غزل البنات، استطاع الفيلم أن يرتفع فوق ارتفاعه بالمشهد الأخير من الفيلم حينما يدخلون إلى فيللا فيكتشفون أنها منزل الممثل المسرحي والمؤلف والمخرج الشهير يوسف وهبي، هذا المشهد لخص الفيلم بأكمله، فضلا عن أغنية عاشق الروح التي غناها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وألفها حسين السيد والتي كانت معبرة عن الحالة الرئيسية في الفيلم هو الحب بل أمل وذوبان مشاعر أستاذ حمام في كيان محبوبته ليلى والصرح الذي ابتناه بداخله من أجلها، وكيف يمكن لأغنية أن تغير مشاعر شخص ما بدلا من الحب الذي يدفعك إلى التملك، إلى الحب الذي يدفعك لإسعاد محبوبك حتى ولو كان على حساب سعادتك وعلى حساب مشاعرك، هذا ما أراد قوله فيلم غزل البنات واستطاع المشهد الأخير الذي ضم العمالقة يوسف وهبي وليلى مراد ونجيب الريحاني أن ينقل هذه الحالة من خلال دقائق بسيطة بالإضافة إلى الأغنية وبالتالي كان المشهد الأخير خير ختام للفيلم وأنهاه يوسف وهبي بجملته الشهيرة والمعبرة في آن: “ما الدنيا إلا مسرح كبير”.

خاتمة

لا شك أن فيلم غزل البنات واحد من أروع أفلام السينما العربية وأنا بنفسي لو قالوا لي ما هو أجمل فيلم في العالم لقلت أنه فيلم غزل البنات ولو طلب مني إعداد قائمة بأحب الأفلام إلى قلبي لاخترت فيلم غزل البنات من بينها.

Exit mobile version