الرئيسية الفن لماذا يعد فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية نقطة تحول بالسينما؟

لماذا يعد فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية نقطة تحول بالسينما؟

0

احتل فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية الصدارة مؤخراً بين الكلمات الأكثر استخداماً على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مع بدء توارد أنباء عن نية صناعه وعلى وجه التحديد -بطله الأول- محمد هنيدي في تقديم جزء ثاني منه، وهو الخبر الذي تم استقباله بحفاوة كبيرة بين مشاهدي السينما ومحبي الفن السابع في مصر والدول العربية بشكل عام، والسر في ذلك يرجع إلى عدة أسباب أبرزها الحنين إلى الماضي حيث أن ذلك الفيلم يمثل ذكرى هامة بالنسبة لأبناء التسعينات والثمانينات ممن يشكلون النسبة الأكبر من جمهور السينما في الوقت الحالى، بالإضافة إلى أهمية فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية لكونه يمثل نقطة فاصلة في تاريخ السينما المصرية.. ترى لماذا ؟ وما الآثار التي ترتبت على إنتاج هذا الفيلم والتي لا يزال بعضها مستمر حتى اليوم؟

أهمية فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية

يرى النقاد -ويتفق معهم الجماهير- أن فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية الذي تم إنتاجه في عام 1998 يمثل نقطة تحول في مسار السينما المصرية المعاصرة وذلك لما كان له من تأثير بالغ ومباشر على هذه الصناعة، ومن أبرز الآثار التي نتجت عنه الآتي:

صحوة صناعة السينما في مصر :

شهدت صناعة السينما في مصر ما يمكن وصفه بالانتكاسة الفنية خلال فترة الثمانينات والتسعينات، حيث أصبحت النسبة الغالبة من الأفلام المعروضة رديئة فنياً كما أحجم الجمهور عن التوجه إلى دور العرض، الأمر الذي تسبب في خفض عدد الأفلام السينمائية التي يتم إنتاجها سنوياً نتيجة تراجع الإيرادات، وربما لم يفلت من تلك الدائرة المحكمة سوى عدد قليل جداً من الأفلام أغلبها من بطولة العمالقة نور الشريف ومحمود عبد العزيز وأحمد زكي أما الأغلبية فقد كانت أفلاماً هابطة أو ما يعرف بمسمى أفلام المقاولات

في أواخر التسعينات وبينما صناعة السينما تتداعى حقق فيلم إسماعيلية رايح جاي -على عكس المتوقع- نجاحاً كبيراً وتمكن من إعادة الجمهور إلى صالات العرض مرة أخرى، مما شجع شركة العدل جروب على تقديم فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية في -العام التالي مباشرة- 1998، والذي حقق هو الآخر نجاحاً كبيراً وتخطت إيراداته في شباك التذاكر حاجز 25 مليون جنيه، ومن ثم توالت الأعمال السينمائية الناجحة وعاد الرواج إلى سوق السينما مجدداً وتزايد حجم الإنتاج، مما يمكن معه القول بأن فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية يعد بمثابة نقطة فاصلة في مسيرة السينما المصرية.

تأسيس موجة الكوميديا الحديثة :

كان فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية سبباً مباشراً في بداية مرحلة جديدة في تاريخ السينما المصرية، وهي المرحلة التي عرفت باسم موجة الكوميديا الحديثة، والتي تمثلت في تقديم عدد كبير جداً من الأعمال ذات الطابع الكوميدي، حيث أن نجاح الفيلم جعل المنتجين يعتقدون أن الكوميديا هي الحصان الأسود وأكثر الأنماط السينمائية جذباً للجماهير، خاصة أن إنتاج هذا النوع من الأعمال -في المعتاد- ترصد له ميزانيات إنتاج منخفضة.

رغم أن الموجة الكوميدية كانت أحد المظاهر السلبية حيث افتقرت السينما المصرية في تلك الفترة لمختلف الأنماط السينمائية الأخرى مثل أفلام الحركة والتشويق والأفلام السياسية وغير ذلك، إلا أنه دليل قاطع على الأثر البالغ الذي أحدثه فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية وقد كان سبباً مباشراً في وصول الكوميديانات إلى البطولة المطلقة قبل غيرهم من الممثلين.

كان أحمد السقا -وهو أحد أبطال الفيلم- أول من استطاع اختراق حصار الكوميديا للسينما، حين قدم بطولته السينمائية الأولى بعنوان شورت وفانلة وكاب إلا أن رغم تصنيف الفيلم ضمن الأفلام الرومانسية إلا أن الكوميديا كانت حاضرة به بقوة، لعل ذلك يرجع إلى تخوف صناع العمل من مخالفة العرف السائد في السينما آنذاك بنسبة 100%.

تجديد دماء السينما المصرية :

ساهم فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية بشكل مباشر في تجديد دماء السينما المصرية، وذلك عن طريق تقديم مجموعة من المبدعين الشباب ممن أصبحوا فيما بعد من أبرز وألمع الأسماء السينمائية في الدول العربية، في مقدمة هؤلاء فريق التمثيل بالكامل والذي ضم محمد هنيدي، أحمد السقا، منى زكي، غادة عادل، طارق لطفي، هاني رمزي وغيرهم، كذلك يعد الفيلم هو ثاني تجارب مخرجه سعيد حامد بل أنه يعد باكورة إنتاج شركة العدل جروب والتي صارت خلال السنوات القليلة التالية أحد أعمدة الإنتاج السينمائي في مصر والوطن العربي.

أثبت الفيلم بشكل قاطع أن شباب المبدعين -على اختلاف تخصصاتهم- قادرين على إحداث فارق، وبناء عليه اتجه أغلب المنتجين إلى تصعيد عدداً منهم إلى البطولة المطلقة، وأدى ذلك إلى زيادة حجم الإنتاج السينمائية ومضاعفة أعداد الأفلام العربية التي يتم عرضها سنوياً.

 قدم الفيلم جيلاً كاملاً من النجوم :

كان اكتشاف النجوم الجدد ومنح الفرصة الكاملة أمام المواهب الشابة أحد النتائج الرئيسية التي جاءت مترتبة على النجاح الكبير الذي حققه فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية والذي تم تأكيده من خلال فيلم همام في أمستردام الذي ضم عدداً كبيراً من صناع الفيلم الأول.

المقصود هنا بالجيل الجديد من الفنانين ليس المجموعة التي شاركت في الفيلم فحسب، بل أن الفيلم فتح أبواب النجومية أمام جيلاً كاملاً من الوجوه الشابة التي كانت تحظى بشعبية هائلة آنذاك بفضل تقديمهم للعديد من الأعمال التلفزيونية الناجحة، ونجاح الأفلام -السابق ذكرها- لفت أنظار المنتجين إلى تلك الفئة من الممثلين وشجعهم على استغلالهم في أعمال سينمائية من بطولتهم المطلقة، وكان من أبرز هؤلاء الراحل علاء ولي الدين وأشرف عبد الباقي وبعد سنوات قليلة جاء كريم عبد العزيز ومحمد سعد وأحمد حلمي وغيرهم ممن صاروا اليوم اسماءً بارزة في عالم الفن.

إنهاء زمن سينما المقاولات :

أثبت فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية أن الكوميديا الراقية والنص السينمائي المتماسك قادران على تحقيق النجاح وحصد المركز الأول في شباك التذاكر، وقد كان ذلك سبباً في إنهاء موجة سينما المقاولات الكوميدية والتي كانت تتمثل في تقديم أعمالاً سينمائية سطحية ومبتذلة عديمة القيمة، أما بعد نجاح فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية أصبحت الأعمال الكوميدية أكثر رقياً وأغلبها يناقش موضوعاً أو قضية ما ومن أمثلة ذلك أفلام همام في أمستردام و فيلم الناظر وفيلم خالي من الكوليسترول.

عودة المسرح الخاص :

تأثير فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية لم يقتصر على الفن السينمائي فحسب، بل إنه ساهم في تنشيط المجال الفني في مصر والدول العربية بصورة عامة، والدليل الأكبر على ذلك هو أن نجاح الفيلم ونجومه قد ساهم في إعادة إحياء المسرح الكوميدي أو مسارح القطاع الخاص مرة أخرى والتي كان قد أصابها حالة من الركود في السنوات التي سبقت عرض الفيلم.

نظراً لما حققه النجوم الشباب آنذاك من نجاحات في السينما قرر منتجو المسرح استثمار ذلك النجاح من خلال تقديم عروضاً مسرحية من بطولتهم المطلقة، وكانت البداية في 1998 حين قدم المخرج المسرحي سمير العصفوري مسرحية ألابندا التي جمعت عدداً من أبطال صعيدي في الجامعة الأمريكية إلى جانب علاء ولي الدين وشريف منير ودينا ومنى عبد الغني، وما حدث بالسينما حدث بالمسرح وحقق العرض نجاحاً كبيراً وحظي بإقبال كبير من الجماهير مما شجع المنتجين على تكرار التجربة من خلال مسرحية عفروتو ثم حكيم عيون ومسرحية كدة أوكيه وغير ذلك.

Exit mobile version