الرئيسية الدين لماذا دفن الرسول محمد في بيته بدلًا من مقابر مكة؟

لماذا دفن الرسول محمد في بيته بدلًا من مقابر مكة؟

0

مما لا شك فيه أن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حياة جديرة بالدراسة والاهتمام نظرًا لما وقع بها من حوادث هامة أثرت في مجرى البشرية بأكمله، وحتى دفن الرسول وما حدث بعد موته أمران جديران بالاهتمام كذلك، خاصةً وإذا تأكدنا من أن كل شيء في هذه الحياة يتم بسبب مُقنع، فبعد أن مات النبي صلى الله عليه وسلم تساءل الناس عن السبب الذي جعل المقربين من النبي يدفنونه في ذلك المكان الذي دُفن فيه، وهل هو من أمرهم بذلك أم أنهم قد فعلوه اجتهادًا من تلقاء أنفاسهم، أم أنها قد استندوا على أمور أخرى، عمومًا، في السطور القليلة القادمة دعونا نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بحادثة دفن الرسول، كيف تمت ومتى؟ ولماذا تمت في البيت ولم تحدث في المقابر مثلما هو الحال مع بقية المسلمين؟

من هو النبي محمد؟

سؤال قد يبدو ساذجًا بالنسبة للبعض عندما نسأل عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فسواء كان الشخص كافرًا أو مؤمنًا فإنه بالتأكيد قد سمع من قبل عن النبي محمد، والذي يُعتبر بلا شك أعظم شخص في تاريخ البشرية بأكملها، وهو السبب بإرادة الله عز وجل في تغيير الحياة على وجه الأرض وهداية الناس إلى الطريق المستقيم، وكما أنه النبي الأخير الذي يُرسله الله إلى العباد، وأول من يدخل الجنة يوم القيامة، وبالطبع يتمنى الجميع رؤيته ويحلمون حتى بمجرد زيارة منه أثناء نومهم، إنه الشخص الأكثر إلهامًا في العالم وسيظل كذلك للأبد.

نزلت الدعوة الإسلامية على النبي محمد عند إتمامه لسن الأربعين، والذي وُلد كما يعرف الجميع في عام شهير باسم عام الفيل، وطبعًا الكل قد سمع بقصة مولده ثم سمع بعد ذلك بقصة جاهده من أجل تبليغ الرسالة، فهذا الأمور لو استفضنا بها فإننا بذلك سوف نكون في حاجة إلى مئات المقالات، لكننا الآن سوف نكتفي بتسليط الضوء على وفاته ومكان دفنه.

وفاة النبي صلاة الله عليه وسلم

التسلسل المنطقي لتناول دفن الرسول أن نبدأ أولًا بتناول حادثة موت النبي الكريم محمد بن عبد الله، فبعد أن أمره الله بالهجرة من مكة إلى المدينة لنشر الدعوة هناك والعودة إلى مكة فيما بعد أقوى وأفضل لم يتردد النبي ولو لحظة واحدة في تنفيذ أمر ربه، وبالفعل في المدينة تغير كل شيء، حيث بدأ الدين الإسلامي ينتشر بصورة كبيرة وزادت أعداد المسلمين وتضاعفت، ثم جاءت الغزوات التي بدأت بغزوة بدر ثم غزوة أحد ثم بعد ذلك بفترة جاء فتح مكة وتمكن النبي من العودة إلى مسقط رأسه مكة ونشر الإسلام فيها بحرية شديدة، ببساطة، لقد أصبح للإسلام درع وسيف.

استقر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، ومن هناك أخذ يُرسل البعثات والفتوح في كل مكان، حتى علت راية الإسلام ولم تعد تقتصر على العرب فقط أو شبه الجزيرة العربية بمعنى أدق، لكن، في وقت من الأوقات جاءت اللحظة التي كان المسلمون لحبهم الشديد للنبي يظنون أنها لن تأتي أبدًا، وهي لحظة موت النبي، والتي بدأت في حجة الوداع الأخيرة بتخيير النبي صلى الله عليه وسلام لأحد الأمرين.

تخيير النبي

في حجة الوداع الأخيرة خطب النبي صلى الله عليه وسلم ثم في وسط حديثه نوه عن قصة لرجل خيره الله بين المكوث على الأرض أو الصعود لملاقاة الرفيق الأعلى فاختار ذلك الرجل على الفور الصعود لملاقاة الرفيق الأعلى، والحقيقة أنه لم يفهم أحد ما كان يعنيه النبي بقوله هذا إلا سيدنا أبو بكر الصديق، والذي أدرك وقتها أن النبي قد اقترب من مغادرتهم والذهاب إلى ربه، فأخذ يبكي بكاءً شديدًا ولم يعرف أحد وقتها سبب ذلك البكاء، على الرغم من أن القرآن الكريم قد ذكر من قبل آيات تُشير إلى نفس المعنى مثل التي تقول “إنك ميت وإنهم ميتون”، لكن كما ذكرنا لم يكن أحد يضع لهذا الأمر حسبانًا أو يتوقع حدوثه في يوم من الأيام، عمومًا كانت هذه هي البداية الحقيقية للتفكير في دفن الرسول الذي بدأ منذ ذلك الوقت يشعر بالمرض الشديد.

مرض النبي محمد

في العام الحادي عشر من الهجرة بدأت مسألة دفن الرسول تلوح في الأفق بعدما مرض مرضًا شديدًا أجلسه في بيته ومنعه من إمامة المسلمين في الصلاة، حيث أنه قد خرج في صفر من هذا العام قاصدًا جنازة أحد الصحابة، ولما عاد كانت الوعكة الشديدة المفاجئة كانت قد تمكنت منه، وقد قيل إن النبي قد شعر في هذا الوقت بألم شديد في الرأس، لدرجة أن عبد الله مسعود لما رآه تعجب منه وقال له إنه يشعر بوعكة شديدة، فأقر النبي بذلك بل وقال إنه قد توعك كما يتوعك رجلان معًا، وطبعًا هذا يُعد دلالة كبيرة على قوة المرض الذي داهم النبي في هذا الوقت.

بعد خطبة الوداع كان الألم قد اشتد بصورة كبيرة على النبي، لكنه في نفس الوقت كان قد أصدر أمرًا بخروج أسامة بن زيد على رأس جيش لفتح الروح، ثم في شهر ربيع الأول خطب في الناس وذكرهم بالنار والآخرة وعاد إلى البيت، ويُقال إنه لم يخرج من بيته مجددًا منذ هذا اليوم، حيث كان قد دخل في مرحلة سكرات الموت.

موت النبي صلى الله عليه وسلم

بعد أن عاد النبي من خطبته الأخيرة جلس في حجر السيدة عائشة وأخذ يُردد “بل الرفيق الأعلى”، وفي هذا كما ذكرنا إشارة إلى قصة تخييره واختياره الموت والذهاب إلى الرفيق الأعلى، الله عز وجل، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم اختيار الخلود لو أراد، لكنه فضل لقاء الله أفضل من ذلك، وهذا بالطبع أمر كان على الصحابة فهمه، خاصةً وأنهم قد تعلقوا بالنبي تعلقًا كبيرًا للدرجة التي جعلتهم يبكون في اللحظة التي أُعلن فيها أن النبي قد انتقل إلى جوار ربه، حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أشهر سيفه قائلًا أن من يزعم أن محمد مات قطعت رقبته، وكان دائمًا ما يقول أن النبي فقط قد صعد إلى السماء ليقابل ربه مثلما فعل النبي موسى، وسيعود مرة أخرى مثلما عاد موسى أيضًا، وسبحان الله، ذلك الرجل الذي خرج شاهرًا سيفه في وجه كل من يقول بأن النبي قد مات كان قد شهره قبل سنوات راغبًا في قتل النبي، ألا ترون كيف أن ذلك الرجل العظيم كان يمتلك القدرة على كسب القلوب وتطويعه له؟

أين دفن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته؟

الآن مات النبي صلى الله عليه وسلم، وبات أمر موته أمر معلوم للجميع، حتى أولئك الذين كانوا يرفضون التصديق في بادئ الأمر تمكنوا مع الوقت من الهدوء والاستيعاب، والحقيقة أن ما شجعهم على ذلك هو حكمة خليفة النبي أبو بكر الصديق، ذلك الرجل الذي اختاره النبي كي ينوب عنه في الإمامة بالأيام الأخيرة التي اشتد عليه المرض بها، عمومًا، بعد الكثير من التفكير تم دفن الرسول في بيته، ذلك المكان الذي عاش به معظم حياته وشهد الميتة الصغرى له، أي النوم، وهنا كان المجال مفتوحًا لذلك السؤال الشهير الذي لا يزال يُردد حتى الآن، لماذا تم دفن الرسول في بيته وليس المقابر؟

لماذا تم دفن الرسول في بيته؟

طبعًا من البديهي أنه عندما يموت شخص يتم الذهاب به إلى المقابر ودفنه هناك وسط الأموات، هذه سنة الحياة وسنة الله في أرضه، وهذا ما تعارف عليه السابقين ويتعارف عليه الحاليين وسيتعارف عليه القادمين، الجميع يؤمن أن النهاية ستكون في بناء طوله وعرضه متر واحد، نُطلق عليه القبر، لكن هذا لم يحدث مع النبي، وإنما تم دفنه في بيته الذي مات به، وبالطبع لم يكن ذلك اجتهاد عبثي، وإنما كان له العديد من الأسباب، أهمها مثلًا حديث أبو بكر عن دفن الأنبياء.

حديث دفن الأنبياء

كما ذكرنا، عندما مات النبي صلى الله عليه وسلم حدث اختلاف كبير بين الناس على المكان الذي يجب أن يُدفن النبي به، لكن أبو بكر الصديق رضي الله عنه قال إنه قد تذكر حديثًا من النبي يقول فيما معناه أن النبي يُقبر في مكان موته، فكل ما هو مطلوب تأخير فراشه قليلًا ثم حفر موضعه ووضع النبي فيه، وهذا ما قال به الصحابة وامتثلوا له، ولذلك كان هذا سببًا قويًا يُبرر دفن النبي في بيته وفي موضع فراشه.

الدفن في أحب الأمكنة

من الأمور التي قيلت كذلك عن دفن الرسول أن الصحابة قد تذكروا الحديث القائل بأن النبي لا يُقبض إلا في أحب الأمكنة إليه، وطبعًا جميعنا يعرف أن غرفة السيدة عائشة رضي الله عنها كانت من أهم الأماكن وأكثرها حبًا في قلب النبي، لذلك خرج الرأي القائل بوجوب دفن النبي في غرفة السيدة عائشة، وبهذا نرى أن هذا السبب قد حوى في جعبته سببين في آن واحد، حيث أنه أولًا قد طبق قول النبي بدفنه في المكان الذي قبض فيه وكذلك المكان الأحب إلى قلبه، وفي النهاية طبعًا كلا المكانين واحد.

رؤيا السيدة عائشة

من ضمن الأسباب أيضًا التي تُبرر دفن الرسول في بيته هو ما روي عن أن السيدة عائشة رضي الله عنها قد أخبرت أبيها بأنه قد رأت رؤى تقول فيها أن ثمة ثلاثة أقمار سوف يقعون في حجرها، وكانت ترمز بأول هذه الأقمار إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صدق أبو بكر على رؤيتها وقام بدفن النبي في غرفتها، وبالفعل تحققت الرؤيا كاملة فيما بعد، حيث مات أبو بكر ودفن بجوار النبي ثم بعد ذلك مات الفاروق عمر بن الخطاب ودفن بجوارهما.

لماذا تأخر دفن الرسول ثلاثة أيام؟

لما مات النبي صلى الله عليه وسلم كان ثمة من لم يستطع عقله تقبل الأمر وتصديقه، كما أن البحث عمن ينوب النبي لإغلاق طريق الشيطان كان سببًا كذلك في تأخر وقت دفن الرسول لثلاثة أيام، وقد اطمئن الصحابة لهذا الأمر بسبب كون جسد النبي غير قابل للتحول ودخول الآفات مثل بقية أجساد البشر العاديين، وأيضًا كان انتظار جموع المسلمين من أجل حضور الصلاة على النبي سببًا في بعض التأخير.

Exit mobile version