الرئيسية الحقائق التاريخ لماذا حدث خروج المسلمين من الأندلس بعد خضوعها لهم؟

لماذا حدث خروج المسلمين من الأندلس بعد خضوعها لهم؟

0

قبل التحدث عن خروج المسلمين من الأندلس نود أن نوضح نبذه بسيطة عن كيفية دخول الأندلس، حيث بدأت عمليات الغزو الأولى في ولاية القائد موسى بن نصير عام واحد وتسعين هجريًا بسرية صغيرة مكونة من خمسمائة جندي يرأسهم طريف بن مالك، ثم تبعها بحملة مكونة من سبعة آلاف فارس يرأسها طارق بن زياد الذي كان له دور هام وبارز في فتح الأندلس، وأخيرًا خرج موسى بنفسه لكي يكمل عملية الفتح في عام خمسة وتسعين هجريًا، واستمر المسلمين متحكمين في الأندلس لمدة تقارب الثمانمائة عام حتى انتزع الصليبين الحكم منهم عام 897 هجريًا، وقد حدث خروج المسلمين من الأندلس لعدة عوامل أهمها العامل الديني، حيث انشغل المسلمين بحياة الترف ونعيم الدنيا وانشغلوا عن طاعة الله والتعبد، فخرجوا من هذه البلاد بعدما لقوا الكثير من التعذيب في محاكم التفتيش، ولذلك سنتناول هنا لماذا خرج المسلمين من الأندلس.

التفرقة وحب النفس

عندما دخل المسلمين الأندلس كانوا كتلة واحدة ويعتصمون بحبل الله جميعًا ضد الأعداء حتى توسعت رقعة الدولة وشملت الكثير من الأراضي، ولكن مع مرور الوقت تفرق المسلمين وأصبح كل والي أو قائد منهم يتولى مدينة أو منطقة بمفرده ويرفض التبعية لأي أحد، ومن الطريف ذكره أنه في رقعة من الأرض لا تتجاوز الثلاثون فرسخًا كان يوجد بها أربعة كلهم يلقبون بأمير المؤمنين، فهل ترون مدى التفكك والعناد الذي أدى إلى خروج المسلمين من الأندلس، وكانت عندما تحدث الحروب مع الصليبين كان لا ينظر أي والي لأخيه الذي في الحرب، بل ويفرح فيما يجري به لعله يصبح الحاكم لهذه الولاية فيما بعد، ولذلك ومع كل هذه البغضاء والكره وحب النفس حدث ما كان متوقع في النهاية وهو خروج المسلمين من الأندلس، بل والأدهى من ذلك هي الصراعات التي كانت قائمة بين الفرق الإسلامية البربر والعرب، وبني قيس واليمانية، والتي وصلت إلى القتال وإزهاق أرواح الكثيرين نتيجة هذه العصبية القبلية التي من المفترض أن تكون انتهت تزامنًا مع انتهاء عصر الجاهلية، ولكنها طلت هذه الروح طلت من جديد وكانت سببًا هام في إضعاف المسلمين.

خروج المسلمين من الأندلس نتيجة موالاة الصليبين ومحاباتهم

اتسمت السياسة الخارجية للولاة مؤخرًا بعقد الاتفاقيات والمعاهدات مع ملوك إسبانيا الشمالية، وهؤلاء الملوك في الحقيقة كانوا هم أعداء الأندلس التقليديين منذ دخول المسلمين للبلاد، وكانت تتم هذه الاتفاقيات لعدة أهداف لكل فريق، أما عن الولاة المسلمين فكانوا يطمعون في الاستعانة بهؤلاء الحكام الصليبين لكي يقتسموا الدويلات والمناطق الإسلامية في الأندلس، وتتنامي قوتهم العسكرية في المنطقة، وذلك بعدما تحدث صراعات بين الولايات فتستعين الولاية التي عقدت التحالف قديمًا بالأمراء الصليبين حتى يمدوها بالسلاح والجند، وبعد الانتصار يتم تقاسم المدينة سويًا، في حين أن ملوك إسبانيا الشمالية كانت أهدافهم هي أخذ الأموال من المسلمين نظير مساعدتهم، بجانب إضعاف القوة الإسلامية وتحطيمها مع أقل الخسائر الممكنة، وهذا ما حدث بالفعل في الولاة المسلمين فقد تفككوا ونجح العدو في ضربهم وإزهاق قوتهم التي دخلوا بها الأندلس، في الوقت الذي اتحدت في الممالك الصليبية لتصبح كتلة واحدة وتتسبب في خروج المسلمين من الأندلس.

الابتعاد ونسيان الله عز وجل

أحد أهم أسباب خروج المسلمين من الأندلس هو الابتعاد ونسيان الله، حيث ابتعد المسلمين عن التقرب لله وعبادته دائمًا وتوجهوا للمجالس الغنائية وحفلات المجون والسكر التي كثرت وبشدة في الأندلس مع مرور الوقت، بجانب رقص الجواري والتي كانت ترقص للأمراء والولاة أيضًا، فعندما يكون القائد أو الوالي أو الأمير هكذا فكيف بحال الشعب! هذا وناهيك عن شرب الخمر والسرقة وغيرها من الموبقات التي نسى المسلمون أنها من محرمات الله عز وجل، ولذلك كانت تحدث الموبقات والفواحش بدون أي عقاب يقع على مرتكبيها، مما جعل الأمر عاديًا في نظر الناس وأدى إلى كثرته، وهكذا عندما نسى المسلمون الله أنساهم أنفسهم وعدهم في صنف الفاسقين كثيري الفواحش والغافلين عن عبادة الله، ولذلك ومع كل هذه الفواحش والغفلات تساوى الأمراء المسلمين مع الصليبين ولم يعد يميزهم أي شيء.

خروج المسلمين من الأندلس بسبب المبالغة في الترف والزينة

مع مرور الوقت وتغيير الحكام والأمراء وتولي شخصيات لم تنل نصيبها من الجهاد في سبيل الله، ظهرت روح المبالغة الغير معهودة على أمراء المسلمين فحينما كان الخليفة عمر بن الخطاب ينام على الأرض ويرتدي عباءة واحدة، نرى هنا هؤلاء الأمراء يشيدون أفخم القصور وينفقون عليها الكثير من الأموال، ويشترون أفخم الثياب وبكميات كبيره فهم أمراء ولا يليق بهم التقشف في نظرهم، هذا بجانب ما يأكلون من كل طيب ودسم وما لذ وطاب في كل وجبة، بينما المسلمون في أمس الحاجة إلى هذه الأموال لكي يقدروا على العيش، ولذلك ومع انغماسهم في الملذات والشهوات ابتعدوا عن الجهاد والفتوحات وفقدوا الروح العسكرية، ولذلك لم يقدروا على حماية الأندلس من الضياع حتى تم خروج المسلمين من الأندلس.

زواج إيزابيلا من فرديناند

لم يكن زواج ملكة قشتالة إيزابيلا الأولى من ملك أراغون فرديناند الثاني كأي زواج عادي، فهو زواج هدفه الاتحاد وطرد المسلمين من أخر معاقلهم في الأندلس وهي غرناطة، وكما قلنا إن المسلمين في تفكك وصراع يظهر الصليبين وهم يعملون على اتحادهم ضد قوى المسلمين المنهمكة، فقد قام السلطان أبو الحسن حاكم غرناطة وقتها بإرسال رسالة إلى ملك قشتالة يطلب منه تجديد الهدنة القائمة بينهم، ولكن إيزابيلا و فرديناند اشترطوا لقبول الهدنة أن يدفع لهم حاكم غرناطة جزية كبيرة وأن يعترف بطاعتهما، فلم يوافق أبو الحسن على ذلك وبدأت المناوشات بين الطرفين، وقد تمكن فرديناند باقتحام مدينة الحامة الواقعة جنوب غرناطة، وبعدها حدثت ثورات وصراعات في غرناطة نفسه حتى خلع أبو الحسن وجلس على الحكم الولد الصغير أبو عبد الله محمد الذي سرعان ما وقع في أسر الصليبين وجلس مكانه أبو عبد الله الغزل، ثم أطلق صراح أبو عبد الله محمد في صلح قد عقد ورجع مكانه للحكم، ولكن لم تمر أيام حتى تمكن الصليبين من أخذ مدينة لوشة.

وحدثت انقسامات في غرناطة بين أبو عبد الله محمد وعمه أبو عبد الله الغزل وبدأ فرديناند بمعاونة إيزابيلا في محاصرة غرناطة ذاتها واستمر الحصار سبعة أشهر حتى دب المرض والجوع داخل المملكة، مما أدى إلى تسليم المدينة وانتهاء الحكم الإسلامي في الأندلس كله، وبعدها بدأت محاكم التفتيش تلعب دورها في تعذيب وتنصير وقتل المسلمين حتى تم خروج المسلمين من الأندلس.

ختامًا

في الأخير يجب عليك معرفة أن التمسك بدين الله وشرعته ومنهاجه والاقتداء بالنبي الكريم هو خير سبيل للارتقاء بالأمة الإسلامية وتذليل الصعاب التي تواجها، وهذا ما كان يحدث قديمًا ولذلك وصل الدين الإسلامي إلى أقصى الشرق والغرب في سرعة كبيرة قد أذهلت الأمم الأخرى، ولكن بعد الابتعاد وارتكاب الفواحش والسيئات خسرنا الكثير من الأراضي الإسلامية المفتوحة وأهمها الأندلس.

الكاتب: أحمد علي

Exit mobile version