الرئيسية العملي لماذا لا ينجح معظم الناس في الزواج من الأحباء في العادة؟

لماذا لا ينجح معظم الناس في الزواج من الأحباء في العادة؟

0

يظل حلم الزواج من الأحباء حلمًا ساميًا لدى الكثير من شباب الجيل الحالي، وليس الآن فقط، بل في كل عصر يعيش فيه البشر فإنهم يطلبون دائمًا عيش حياة هانئة يتزوجون فيها الأشخاص الذين يحبونهم، لكن غالبًا ما لا يتحقق هذا الأمر بكل أسف، وإنما يتزوج كل شخص بآخر لا يُحبه، وبالرغم من أن الزمن يتكفل في بعض الأحيان ببث النسيان في هؤلاء المُحبين إلا أن انكسار القلب يجعل من الأمر صعبًا بعض الشيء، صعوبة قد تدفعنا أحيانًا إلى التحطم، وهذا ما يأخذنا إلى سؤال منطقي يبحث الجميع عن إجابة مناسبة له، وهو المتعلق بالأسباب التي لا تجعل الزواج من الأحباء أمرًا ناجحًا، بمعنى أدق، لماذا يحدث ذلك؟ وما هي العوائق التي تقف في طريق تحقيق أمر بسيط مثل هذا، وطبعًا ليس هناك عائق أكثر وضوحًا من المغالاة في المطالب من قِبل الأهالي.

المغالاة في المطالب من قِبل الأهالي

أولى الأسباب التي تؤدي إلى عدم الزواج من الأحباء أن الأهالي يُغالون في الطلبات، ونحن هنا نتحدث بالمناسبة عن أهل الفتى والفتاة، فكلاهما يُمكن أن يتسببا في نهاية الزواج بنفس القدر من الجهل، وطبعًا جميعنا يعرف ما يفعله أهالي الفتاة بالذات، حيث أنهم يُغالون في الطلبات المادية، وخاصةً في العصر الحالي، الذي يستدعي فيه الزواج أن يكون الشاب الراغب في هذا الزواج مليونير، أو على الأقل يمتلك نصف مليون جنيه، ونخص بالذكر في هذا الأمر الزواج في الوطن العربي، والتي تقول الإحصائيات أن نسبة تزيد عن الستين بالمئة من الأحباء في الوطن العربي لا يتزوجون ممن يُحبونهم، وكذلك تؤكد الدراسة والإحصائية أن السبب الرئيسي هو نفس ما نتحدث عنه الآن، مغالاة الأهالي في المطالب.

قديمًا كان الأهالي مُتخلفين حضاريًا لكنهم مُتقدمين جدًا في مثل هذه الأمور، حيث كان من النادر أن يتوقف الزواج عند هذه الخطوة، ولنا في العرب قدوة حسنة بالرغم من عاداتهم السيئة قديمًا، حيث كانت مطالب الأهالي تتلخص في كون الشاب شجاع وكريم ومن عائلة جيدة، فلا تراهم يُطالبون ببناء بيت أو شراء سيارة أو أجهزة باهظة الثمن أو أي شيء مما يُطلب الآن ويكسر ظهر الشباب حرفيًا، وما زال الجميع يصرخ بسوء هذا الأمر وما زال لا أحد يسمع ذلك الصراخ.

ارتباط الأحباء بأحباء آخرين

سين يُحب صاد، هذا أمر جيد، وهذا يعني أنهما إذا تزوجا فسوف يعيشا حياة سعيدة لأن الحب موجود، لكن لحظة واحدة، هل صاد تُحب سين أيضًا؟ الإجابة لا، فسين تُحب دال مثلًا، شخص آخر مُختلف تمامًا، ودال هذا لا يُحب صاد، بل يُحب كاف، إذًا علاقة الحب الآن قد تفرعت إلى أفرع كثيرة ليس لها أي علاقة ببعضها، والنتيجة التي لا ينتظرها الجميع، لكنها ستحدث بكل تأكيد، أن هذا الزواج لن يتم، وذلك لأن الشرط الهام فيه لم يتحقق، وهو كونهم جميعًا أحباء، فما حدث ببساطة أن كل شخص له حبيب لا يُحبه، والقلوب بيد الله في نهاية المطاف، لذلك فإن الحقيقة المرة أن هذا الزواج سوف يبوء بالفشل، ذلك الفشل الذي ربما لم يكن مطروحًا أصلًا على الطاولة!

في بعض الأحيان يضغط الأهل على أحد الطرفين مما يؤدي إلى انصياعه إلى رغبات الأهل، وهي الزواج من شخص آخر غير الذي يُحبونهم، وفي هذه الحالة تكون علاقات الزواج لا تُحكم بالتشريع الرئيسي لها، وهو الحب، والذي من المُفترض أن يكون عِماد كل علاقة زواج في هذا العالم، لكن هل هذا ما يحدث الآن؟ بالتأكيد أنتم تعرفون الإجابة جيدًا، فهذا الأمر، الذي من المفترض أنه طبيعي، بعيد الآن كل البعد عن الواقع، ولا سامح الله القلب وما يفعله بالناس.

تفشي ظاهرة زواج الأقارب

في عالمنا العربي بالذات تتفشى ظاهرة مجنونة تتسبب في تعطيل عملية الزواج من الأحباء التي نتحدث عنها، تلك الظاهرة هي الزواج من الأقارب، والتي أيضًا يكون الأهل فيها هم المتهم الأول والأهم، وكأنهم يعمدون إلى إفساد هذا النوع من العلاقات لحاجةٍ ما في أنفسهم، فطبعًا من المعروف أن العائلات العربية، والعالمية أيضًا، تُريد دائمًا أن تجعل من نفسها عائلات قوية، وذلك بالتأكيد من خلال الربط بين أفراد هذه العائلة بأقوى رباط ممكن، وهو رباط الزوج، والذي سيتطور فيما بعد إلى إنجاب أطفال يحملون حبًا شديدًا للعائلة التي وجدوها من ناحية الأب والأم، مما يتعارض بالتبعية مع رغبة الفتى والفتاة، واللذان ربما لا يحبون بعضهما ولا يُحبون أصلًا هذا النوع من العلاقات.

في الغالب لا يُحب الفتى فتاة من عائلته، ولا تُحب الفتاة أيضًا فتى من عائلتها، فهم مُختلطين ببعضهما منذ الصغر، رأوا الجيد والسيئ ببعضهما ويُمكن القول إنهما قد تشبعا تمامًا من بعضهما، وذلك على خلاف ما تُريده علاقات الحب التي تهوى توليد مشاعر الحاجة والرغبة في الاستكشاف حتى يُمكن أن تستمر، وهذا يعني أن شخصان يعرفان بعضهما جيدًا من الصغر لن يُفكرا أبدًا في استكشاف بعضهما أو السقوط في حب بعضهما بالمعنى الأدق، أي أن الزواج الذي يأتي من خلال الإجبار من الأهالي لكونه زواج أقارب يُعد من الأسباب الرئيسية التي تُفشل الزواج من الأحباء، بل يُمكن القول أنها لعنة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معان، ويُستثنى من ذلك طبعًا بعض العلاقات الناجحة النادرة.

استهلاك المشاعر قبل الزواج

يمتلك كل شخص مجموعة من المشاعر يبرع في استخدامها خلال فترة الحب، ثم عندما تنفذ هذه المشاعر فإن علاقة الحب هذه قد تبدو جامدة وفاترة بحيث لا تحمل أي جديد، فكل ما هو آتٍ عبارة عن قديم يُعاد، والحقيقة أن هذا الأمر يحدث غالبًا عندما تكون العلاقة طويلة، ونعني بذلك علاقة الحب، كأن يبدأ الفتى في حب الفتاة منذ سن العاشرة مثلًا، فهذا السن يليه حوالي عِقد ونصف قبل الزواج الرسمي، وطبعًا وقت طويل كهذا تحدث فيه كل الأمور التي يُمكن تخيُلها ويُتوقع أنها تستفز المشاعر وتُحيل العلاقة شيئًا فشيئًا إلى لوحٍ من الثلج، والأمر ليس كما يعتقد البعض بأن فترة الحب كلما طالت تُزيد منه، بل تيقنوا أن العكس تمامًا هو ما يحدث.

عند الزواج، ومع اقتراب الأمور من الحسم، تظهر تبعات هذه المشكلة، حيث يتسرب شعور لدى الطرفين أو أحدهما بأن هذه العلاقة إذا تمت فلن تُضيف أي جديد، وأن ذلك الشخص الذي يتمنون الزواج منه لم يعد هو نفسه من كان قبل سنوات، فقد نفدت حيله بالمعنى الأدق، والحب أصلًا عبارة عن مجموعة كبيرة من الحيل، عمومًا، تتسارع تلك الوتيرة مع اقتراب موعد الزفاف حتى ينتهي الأمر بفسخ الخطوبة، إذا كانت موجود، وتحديد كل شخص وِجهة مُختلفة ليذهب إليها، وجهة لا تتماشى أبدًا مع الشخص الذي ظل هذه الفترة يتوهم أنه يُحبه!

تقارب السن بين المُحبين في المجتمعات العربية

نبقى كما نحن في المجتمعات العربية التي اتفقنا قبل قليل أنها الأكثر من حيث قلة الزواج من الأحباء، فهناك كذلك من ضمن الأسباب التي تؤدي إلى عدم حدوث المراد أن السن بين الحبيبين يكون مُتقارب جدًا، فمثلًا الفتى يُحب الفتاة التي تكون معه في المدرسة أو جارته، وطبعًا كلاهما يكونان في سنه، ومن هنا تبدأ المشكلة التي لا ينتبهون لها إلا في نهاية المطاف، الكارثة التي لا يفيقون عليها إلا بعد سنوات طويلة من الحب، وتلك الكارثة هي عدم زواجهم مما يحبونهم، وسبب ذلك أن العلاقة تمت بين نوعين مختلفين تمامًا في النضج، فالفتى كي يكون قادرًا على الزواج في مجتمعاتنا العربية قد ينتظر تقريبًا حتى سن الثالثة والعشرين، وربما يصل الأمر إلى سن الخامسة والعشرين، وهذا ما يحدث نقيضه مع الفتاة التي تُصبح جاهزة للزواج في سن الثامنة عشر تقريبًا.

ما أن تنتهي الفتاة من المرحلة الثانوية حتى يبدأ ذويها في تجهيزها من أجل الزواج، وتلك المرحلة تنتهي كما ذكرنا في سن الثامنة عشر، أما الفتى فيستعد للزواج عندما يكون قادر على فتح بيت والإنفاق عليه، وهذا الأمر ربما لا يحدث إلا بعد إتمامه لجميع مراحله التعليمية والحصول على وظيفة، إنها رحلة طويلة تستدعي الوقت، لكن الأهالي لن ينتظروا أبدًا وسيزوجون ابنتهم لأقرب عريس جاهز، وهكذا يفشل الزواج من الأحباء بكل بساطة.

تقرير القدر ذلك الأمر

الجميع يتمنى، وكلٌ طبعًا يتمنى ما يُريده، لكن يحدث أحيانًا أن يكون القدر له رأي آخر مُختلف عن الذي نتمناه، وهنا، وفي مسألة الزواج من الأحباء بالذات، فإنه شبه عادة أن يكون الزواج غير مُقدر حدوثه، وفي هذه الظروف يغضب الحبيبين وربما يقودهما الأمر إلى الاعتراض الكلي على القدر وتدابيره حتى يتبينوا فيما بعد أمر هام جدًا، وهو أن القدر قد فعل معهم الأمر الأمثل، وأن تلك العلاقة فعلًا لو حدث وتمت فإنها لم تكن لتجري كما يحلم الحبيبين، المشكلة كلها كما ذكرنا تكمن في جهل الشخصين للسبب خلف ذلك القدر، فما دمت يا عزيزي شخص صالح نقي فاعلم أن الله لن يترك لك سوى خير الأمور، وأن ما سيحدث معك دائمًا سيكون الأفضل بلا شك.

من واقعنا الحالي هناك مئات القصص التي تؤكد ما نتحدث عنه، فنحن نسمع جميعًا عن شخص كان يُريد الزواج بشخص آخر ويعتقد أنه يُحبه أكثر من أي شيء، وأنه بدونه سوف يتدمر للأبد، وسبحان الله، مع الزواج من شخص آخر تتحدث حياة ذلك الشخص وينسى الأول الذي كان يعتقد أنه يُحبه، بل ويعيش حياة سعيدة لم يكن يحلم بها، هكذا هو القدر، يبدو وكأنه دائمًا شخص يعرف مصلحتنا أكثر منا.

فائدة الزواج من الأحباء

بعد أن ذكرنا سويًا في السطور الماضية الأسباب التي تجعل من الزواج من الأحباء أمر شبه غير وارد في عالمنا دعونا نتطرق إلى جزئية أخيرة هامة، وهي تلك التي تتعلق بالفائدة التي من الممكن أن تحدث في حالة الزواج من الأحباء، فبكل بساطة يُمكننا القول أن هذه الخطوة سوف تضمن وجود علاقة زوجية قائمة على الحب والإخلاص، فلن تكون هناك أي حاجة إلى الشك في علاقات الزواج المبنية على الحب، وسوف يبذل كل طرف من الطرفين قصارى جهده لإسعاد الطرف الآخر، ليس فقط لأنه زوج له، ولكن لأنه أيضًا يُحبه.

Exit mobile version