الرئيسية الطبيعة لماذا نشعر بـ الخوف من الثعابين حتى ولو كانت غير سامة؟

لماذا نشعر بـ الخوف من الثعابين حتى ولو كانت غير سامة؟

0

مما لا شك فيه أن الخوف من الثعابين طبيعة في كل شخص عاقل مُدرك ما يُمكن أن تفعله تلك الثعابين في حالة إذا ما تم إغضابها بطريقةٍ أو بأخرى، فالثعابين، تلك الكائنات الزاحفة التي لا ترتفع عن الأرض سوى عدة أشبار بإمكانها أن تقتل شخصًا يبلغ من الطول أمتار وأمتار، وكل هذا سوف يحدث من مجرد لدغة واحدة منها، تلك هي القوة الحقيقية للثعابين، وذلك ما نجحت في فعله منذ أن وُجدت على الأرض وحتى الآن، وبالطبع كان ذلك سببًا في بث الرعب والذعر في قلوب الناس تجاه أي شيء يتعلق بالثعابين، لكن ماذا إذا كانت تلك الثعابين غير سامة أو قاتلة، فلماذا إذا قد نخاف منها نحن معشر البشر العقلاء؟ في الواقع هذا سؤال هام سوف نحاول الإجابة عليه سويًا من خلال السطور القادمة، حيث أسباب الخوف من الثعابين وهل هي أسباب طبيعية منطقية أم لا؟

ما هي الثعابين؟

قبل أن نتحدث عن الخوف من الثعابين علينا أولًا أن نعرف أكثر عن العدو الذي نخاف منه، فالثعابين في الأصل نوع من أنواع الزواحف، وعادةً ما تكون تلك المخلوقات خالية من الأشياء المميزة لباقي المخلوقات الأخرى مثل الأقدام والأذنين والأنف، وأشياء أخرى قد يبدو من الطبيعي تواجدها في كل حيوانات، والواقع أن هذا سبب خوف بحد ذاته، فأن ترى كائن غريب الأطوار هذا أمر سيجعلك ترتعد ناهيك عن التطورات التي ستحدث فور معرفتك بأن ذلك المخلوق هو الثعبان، ذلك الزاحف الذي قد يقطع لك تذكرتك إلى الموت في أي لحظة دون أي مقدمات.

بالرغم من غرابة الثعابين إلا أنها في الحقيقة تُعتبر من أقدم الحيوانات على وجه الأرض، ونسبة كبيرة من أنواعها تُصنف تحت اسم الثعابين السامة، وهي التي يكون نتاج عضها للإنسان هو الموت، ولقد كانت الثعابين منذ زمن مخلوقات أسطورية، يُعتقد أنها موجودة فقط في خيال الإنسان، وذلك حتى دخل الناس الغابة وشهدوا الثعابين بأم عينهم وهي تزحف وتقتل وتنشر سمها في الناس، الشيء الوحيد الجيد فيما يتعلق بالثعابين هو شكلها وطولها والألوان التي تكسوها.

أسباب تخيل الثعابين

هناك ظاهرة منتشرة منذ وقت طويل تُسمى باسم ظاهرة تخيل الثعابين، وتقول تلك الظاهرة أنه حتى في المكان الذي لا تتواجد به الثعابين يُمكن للشخص أن يشعر بالذعر وتنقلب حالته رأسًا على عقب، وهذه بالمناسبة درجة أكبر وأخطر من رهاب الثعابين الذي قد يُصيب البعض، فعند التخيل يتسلل الخوف، وفي وقت الخوف لا شيء يُمكن أن يكون في مكانه الصحيح، أما الهلوسات فهي تُسيطر سيطرة تامة على الشخص، هذا بخلاف إذا ما كنا نتحدث عن وجود الثعابين حقيقيةً وليست مجرد تخيلات، ففي هذه الحالة يُسمى الأمر رهاب الثعابين.

أسباب تخيل الثعابين منطقية جدًا، فالإنسان يسمع في كل زمان ومكان عن التحذيرات من الثعابين وشرها، كما أن صِغر حجمها وإمكانية عدم ملاحظتها تُعتبر كذلك أمور سلبية لا يجب الركون إليها، لكن المشكلة الحقيقية في تخيل الثعابين أنها تجعل فرصة التعرض للأعراض الخاصة برهاب الثعابين فرصة كبيرة، وهذا أمر يقودونا إلى عدة تطورات قد يكون آخرها الموت، وطبعًا من البديهي الآن أن نذكر أهم تلك الأعراض التي تصحب تخيل الثعابين ورهابه.

أعراض الخوف من الثعابين

الخوف من الثعابين مرض خطير، وطبعًا ليس بإمكاننا تخيل وجود أي مرض دون أن نتخيل وجود الأعراض الخاصة به، والتي تدل دلالة واضحة على أن شخص ما مُصاب بهذه الأعراض، والحقيقة أن تلك الأعراض كثيرة، منها مثلًا عدم القدرة على الحركة والشلل الكامل فور رؤية أي ثعبان أو الشعور حتى بمجرد وجوده، وأيضًا هناك عرض الجري والركض الغير عاديين، فحتى ولو كان الشخص غير قادر على الركض فإنه سيبذل قصارى جهده لفعل ذلك، وطبعًا السبب الرئيسي هو الابتعاد قدر الإمكان عن الشيء الذي يُسبب له كل هذا الرعب والقلق، الثعابين.

تطور الخوف من الثعابين وظهور أعراضه قد يشهد أمورًا أصعب بكثير مما سبق ذكره، فهناك تلك الرعشة التي تضرب الجسد وتجعله في حالة يُرثى لها، وهناك البكاء الهستيري المبالغ فيه، وأخيرًا فإن أمر مثل العجز عن التقاط الأنفاس لن يكون مستبعدًا، وكذلك الموت، والذي قد يحضر حتى قبل أن يكون الثعبان قد اقترب من الشخص، فإذا رأيت شخص يعاني من أي شيء مما سبق عند رؤية الثعابين فاعرف أنه على الفور يُعاني من رهاب الثعابين.

لماذا نخاف من الثعابين؟

الآن يأتي السؤال الهام، والذي يجب أن نضع إجابة مناسبة له كي نُعطي الأمر القدر الذي يستحقه من الاهتمام، فالخوف من الثعابين أمر لا غبار عليه، لكن أن نخاف من الثعابين السامة والغير سامة أيضًا فهذا بالتأكيد أمر يدفعنا للتوقف ولو قليلًا للتفكير في الأمر ومحاولة طرح سؤال يسهل الإجابة عليه عند البحث في التقارير والدراسات التي أجريت من قبل، وطبعًا بلا شك كانت أولى تبريرات ذلك الخوف من الثعابين كونها سببًا من أسباب الموت.

فكرة تسبيبها للموت

مع الإنسان يُمكنك أن تعبث بأي شيء تصل إليه، إلا شيء واحد فقط، وهو الموت، فبالتأكيد جميعنا يخاف من الموت، وفي نفس الوقت يعرف أنه سيكون مصيره في يوم من الأيام، لكن أن تموت ميتة طبيعية على فراشك وبين أولادك وزوجتك أفضل بكثير من أن تلقى حتفك على يد ثعبان، وهذا ما نجح الجميع في تصديره حتى أصبح شبه فكرة لا يُمكن التفكير في غيرها، وهي أن الثعابين حيوان قاتل، إياك أن تقترب منها أو حتى تُفكر في فعل ذلك، تمامًا مثلما هو يحدث بدرجة أقل مع الأسود والنمور، فبالرغم من أنها كذلك تُسبب الموت إلا أنه لا يُوجد خوف منها مثل هو موجود مع حيوانات أقل في القوة مثل الثعابين، لكن المشكلة كما ذكرنا في الفكرة نفسها، وهي الربط بين لدغ الثعابين والموت، حتى قبل أن نتحقق من كون تلك الثعابين سامة ومُسببة للموت فعلًا أم أنها من النوع الآخر المُسالم.

امتيازها بعنصر المفاجأة

عنصر المفاجأة في الحقيقة من الأسباب التي تدفع دفعًا إلى الخوف من الثعابين، والواقع أن الناس يخافون من أي شيء يفاجئهم مهما كانت ماهيته، وأكبر دليل على ذلك هو أن بعض الأشخاص قد يموتون بأزمة قلبية فقط لأنهم قد تعرضوا لصدمة أو مفاجأة، والنماذج والدلائل على ذلك الأمر كثيرة، كما أن عدم توقع ما سيفعله الثعبان، أو خطوته التالية بالمعنى الأدق، يُعد كذلك سببًا في الخوف الشديد الذي يُسببه، وفكرة عدم التوقع بالذات يجب التأكيد عليها، فالناس يخافون فعلًا من أي شيء لا يُمكن توقعه، حتى ولو كان ذلك الشيء من المفترض أنه مصدر ضحك، ومثال ذلك المهرجين، فبالرغم من كونهم أداة من أدوات الضحك إلا أنهم يُعتبرون مادة خام في أفلام الرعب بسبب عنصر المفاجأة الذي يتسلحون به بعد أن يضعوا الرسوم والألوان على وجوههم، فيصبح من الصعب معرفة ما يُفكرون في فعله.

وجود حالة قلق طبيعية

ثمة بعض الأشخاص يُعانون من عرض سيء جدًا، وهو القلق الدائم لأي سبب ومهما كانت أسبابه، وبكل أسف هؤلاء الأشخاص يقعون لقمة سائغة لظاهرة الخوف من الثعابين، فحالة القلق الموجودة عندهم بالفطرة تجعلهم قلقين، ثم مع الاستماع للقصص المرعبة للثعابين تجدهم يقلقون منها مهما كانت خطورتها، بل لن نُبالغ إذا قلنا إنهم يخافون حتى من رؤية الثعابين الميتة أو تلك التي تتواجد في الصور والرسومات، ببساطة، يستطيع القلق الكامن بداخلهم أن يُحول أي شيء طبيعي إلى شيء مُقلق وخطير مهما كان ذلك الشيء ومهما كانت درجة خطورته.

التخلص من الظاهرة

كي نتخلص من ظاهرة الخوف من الثعابين علينا أولًا أن نعترف بوجوده، فالاعتراف بالمرض دائمًا ما يكون أول أسباب وطرق العلاج، ثم بعد ذلك يأتي دور الجلوس مع أقرب شخص إليك وأكثر شخص كذلك يُمكن الوثوق به، وهو أنت، حيث يجب عليك الجلوس مع نفسك ومحادثتها عن المرض وهل هو من المنطقي أن يتم الخوف منه، وكم هو أمر سخيف أن يتصف به شخص من المفترض أنه عاقل ويفرق بين الأمور الوهمية والأمور الحقيقية، فهي فعلًا الثعابين الغير سامة قاتلة؟ وهل حقًا تجعلنا تلك البيئة التي نعيش بها متاحين للاحتكاك بالثعابين؟ هذه أسئلة يجب إجابتها بنفسك.

أيضًا من ضمن طرق العلاج من الداء النفسي بالذات أن تتعرض له، فمثلًا إذا كنت تخاف من أفلام الرعب يجب عليك أن تُشاهد بعضًا منها كي يبدأ خوفك في الزوال، وإذا كنت كذلك تعاني من الخوف من الثعابين فيجب عليك أن تحتك بها وتراها، بصورة آمنة بالتأكيد، كي يزول خوفك منها، وطبعًا أمر مثل إحضار مجسمات الثعابين والعبث بها يُمكن أن يكون طريقة من طرق العلاج، هذا كله بالإضافة إلى الأمر الأهم، وهو التردد باستمرار على حدائق الحيوان وتعمد رؤية الثعابين في كل مرة، كما أنه لا مانع من محاولة العبث معها ما دامت آمنة وبعيدة عن الخطر.

هل الخوف من الثعابين مشكلة؟

في الحقيقة تتوقف إجابة هذا السؤال على الكثير من الأصعدة، فليس دائمًا يكون الخوف منهم مشكلة كبيرة، وإنما يكون مجرد عادي، مثال مثلًا الخوف من الفئران، فهي ليست مخيفة للدرجة التي ربما نفكر بها، أي أنها ليست قاتلة أو سامة، ولا تقترب غالبًا من البشر وإنما تخاف وتتهرب منهم، لكن يحدث أن يخاف الناس من الفئران لسبب تافه وهو منظرها وزحفها، والواقع أن هذا الخوف لا يضمن حدوث أي نوع من المشاكل، بل مجرد خوف وقتي ولحظي، الكارثة الحقيقية هي ما يحدث عند الاحتكاك بالثعابين والخوف المبالغ منهم، فقد يحدث أن يموت الشخص بأزمة قلبية لمجرد رؤيتهم!

كان الخوف من الثعابين السامة أمر بديهي، وذلك لأنها قد تتسبب كما ذكرنا في سلب الإنسان أغلى شيء لديه، حياته، لكن مع انتشار الخوف المبالغ فيه من الثعابين، حتى ولو لم تكن سامة، أصبح الناس يخافون حتى من مجرد رؤيتها، وقد يموتون في تلك اللحظة التي يمر فيها ثعبان بجوارهم إثر أزمة قلبية، وهذه هي الحالة التي يُصبح فيها الخوف من الثعابين مشكلة بلا أدنى شك.

Exit mobile version