الرئيسية الحقائق التاريخ لماذا حدثت الحرب العالمية الأولى بين دول أوروبا؟

لماذا حدثت الحرب العالمية الأولى بين دول أوروبا؟

0

دقت طبول الحرب العالمية الأولى في الثامن والعشرين من شهر يوليو 1914، وقد كانت حرب دموية لدرجة فظيعة لم يحدث مثلها من قبل، حتى أنها سميت الحرب العظمى أو العالمية، وقد اشترك فيها عدة دول كبيرة منقسمة إلى فرقتين، الفرقة الأولى وتسمى دول المركز وهم ألمانيا والنمسا والدولة العثمانية وبلغاريا، والفرقة الثانية وتسمى دول الحلفاء وهي فرنسا وبريطانيا العظمى وروسيا وإيرلندا، ولم تكن هذه الدول فقط هي من شاركت في الحرب، بل شارك العديد من الدول الأخرى مع مرور الوقت أي خلال أحداث الحرب، وقد استمرت الحرب لمدة تتجاوز الأربعة سنوات راح ضحيتها أكثر من تسعة ملايين جندي، هذا بجانب الإصابات الخطيرة جراء المواد الكيميائية والصناعية التي استخدمتها بعض الدول، ومن الجدير بالذكر أنه قد شارك في الحرب قرابة السبعين مليون شخص 85% منهم أوروبيين والباقي من تركيا واليابان والهند واليونان وجنوب إفريقيا، ولذلك ومن خلال مقالنا هذا سوف تتعرف على أهم أسباب حدوث الحرب العالمية الأولى ، فتابعوا معنا.

اغتيال وريث عرش الإمبراطورية النمساوية

يعد اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند ولي عهد الإمبراطورية النمساوية المجرية هو السبب المباشر لقيام الحرب العالمية الأولى، حيث أنه في الثامن والعشرين من يونيو عام 1914 قام ولي العهد النمساوي بزيارة مدينة سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك، وعندما كان موكب الولي يسير في شوارع سراييفو قام أحد الطلاب الصرب والمسمى بغافريلو برينسيب بإطلاق رصاصتين على عربة الأرشيدوق الأولى إصابته ومات، والثانية أصابت زوجته ولكن لم تمت، وعلى أثر هذه الحادثة قامت الإمبراطورية النمساوية المجرية بعمل مناوشات على الحدود الصربية، وقد اشترك في هذه المناوشات بعض الدول الكارهة للتدخل الصربي في بلاد البوسنة والهرسك وهم ألمانيا وروسيا وبريطانيا العظمى وفرنسا، وبعد مرور خمسة عشر يوم من المناوشات قامت الإمبراطورية النمساوية بإرسال صحيفة بها عشرة مطالب إلزامية للصربيين، ولم توافق صربيا إلا على ثمانية منهم ورفضت المطلبين الباقيين لأنها تمس شرف المملكة، مما أدى إلى إعلان الحرب العالمية الأولى من قبل النمسا.

وهذا الأمر لم ترضى به الإمبراطورية الروسية لأن النمسا ستقضي على المحميات الروسية في منطقة البلقان الأوروبية، فأعلنت روسيا الدخول للحرب بجانب صربيا، فردت عليها ألمانيا مباشرة بالدخول بجانب الإمبراطورية النمساوية المجرية، وبعدها بأيام دخلت فرنسا ثم بلجيكا ثم بريطانيا العظمى لخوض غمار الحرب العالمية الأولى.

تدهور العلاقات البريطانية الألمانية

من ضمن الأسباب الهامة التي دفعت الدول العظمى لدخول الحرب العالمية الأولى هي تدهور العلاقات البريطانية الألمانية، حيث أنه كانت بريطانيا هي أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم لفترة كبيرة من الزمن، ولكن مع توحيد ألمانيا على يد رئيس الوزراء البروسي أوتو فون بسمارك بعدما انتصر على فرنسا في حرب 1870، عمل هذا الرجل على تكتل الولايات الألمانية مع بعضها البعض، ثم قام بتحسين أحوال البلاد الاقتصادية والتجارية، وعمل أيضًا على تقوية الجانب العسكري بالأسلحة الحديثة والجنود المدربون على أعلى مستوى، كل هذا جعل لألمانيا مكانة كبيرة في الوسط الأوروبي قد تضاهي بريطانيا العظمى، وما زاد الطين بلة في نظر البريطانيين هو إنشاء أسطول ألماني ضخم ذو قطع سفنيه ليست بالقليلة بالمقارنة مع البريطانيين، مما جعل بريطانيا تساورها المخاوف العديدة جراء هذا الأسطول الذي من الممكن أن يقف كالسد المنيع تجاه أسطول الشمال البريطاني، بجانب إمكانية إغلاق الممرات البحرية في وجه التعاملات التجارية من وإلى بريطانيا العظمى، ولذلك تدهورت العلاقات بين الدولتين الكبيرتين مما أدى إلى دخول بريطانيا الحرب العالمية الأولى ضد الألمان.

الأزمة المغربية والحرب التركية الإيطالية

كانت من ضمن أسباب الحرب العالمية الأولى هو حدوث الأزمة المغربية بين فرنسا وألمانيا، والحرب التي جرت بين إيطاليا وتركيا، وقد ذكرنا هاذين السببين معًا لأنهما وقعوا في قارة أفريقيا، حيث أن الأزمة المغربية كانت بسبب نشر فرنسا للعديد من الجنود داخل الأراضي المغربية مما أدى إلى رد ألمانيا على ذلك بخروج زورق حربي يسمى النمر إلى الميناء الغربي للملكة، وقد ردت بريطانيا على ذلك بمشاركتها لفرنسا في هذه العملية لسببين هما تحالفها الجاري مع الفرنسيين، وعداوتها الكبيرة ضد الألمان، لذلك عقد اتفاق سري بحري بين بريطانيا وفرنسا يقضي بحماية المصالح الفرنسية في الشرق من قبل الأسطول البريطاني، وحماية البريطانيين المتمركزين في البحر المتوسط من قبل فرنسا، وهذا ما جعل ألمانيا لا حيلة لها ولا قوة تجاه هذا التحالف الضخم.

أما عن الحرب التركية الإيطالية فقد كانت في بداية شهر أكتوبر عام 1911، حيث حدثت عدة صراعات بين الدولتين أدت إلى انتزاع ليبيا من أيادي الدولة العثمانية، وتحول الصراع من إفريقيا إلى منطقة البلقان الأوروبية عن طريق عدة حملات دمرت الكثير في أراضي الدولة العثمانية، ولم تتدخل أي دولة أوروبية لمساعدة تركيا أو وقف هذا العدوان، مما أدى إلى بروز دولة قوية جديدة على الساحة الأوروبية متمثلة في إيطاليا، شاركت في الحرب العالمية الأولى بضراوة شديدة لدرجة أنها دفعت بأكثر من خمسة ملايين ونصف جندي لخوض غمار الحرب.

التحالفات الكبيرة والأطماع الاستعمارية قبيل الحرب العالمية الأولى

قامت أغلب دول أوروبا بعقد اتفاقيات مشتركة مع بعضها البعض، وذلك بغرض نمو قوتهما سويًا والوصوب إلى ما يريدانه بفضل قوتهم المتكتلة في اتجاه واحد، وهذا ما قامت به بروسيا وروسيا والنمسا في لتحالف الثلاثي المقدس، ثم تبعتهم ألمانيا بعقد تحالف مع النمسا والذي انضمت إليه إيطاليا بعد ثلاثة سنوات فقط، وهكذا استمرت التحالفات المختلفة وقد خرجت بريطانيا من العزلة التي كانت فيها وتوحدت هي أيضًا مع فرنسا ثم إيطاليا، وما يظهر لنا الآن هو انعدام الثقة في المجتمع الأوروبي وخوف كل دولة من الأخرى، لذلك عقدوا الكثير من الاتفاقيات والتحالفات، وعلى الجاني الاستعماري فقامت كل دولة بالتسارع لاحتلال الكثير من المناطق في قارتي أفريقيا وأسيا، وغالبًا ما تطمع دولتين كبيرتين في منطقة واحدة مما يجعلهم يتقاتلون فيها لكي يأخذها الأقوى منهم، ولذلك تعد هذه الأطماع الجغرافية سببًا من أسباب قيام الحرب العالمية الأولى.

الأزمات التي حدثت قبيل الحرب

حدثت عدة أزمات في الكثير من المناطق الأوروبية والأفريقية بين الدول العظمى، وكان أشهرها أزمة البلقان الشهيرة وأطماع كل دولة من هذه المنطقة، وأيضًا أزمة المغرب العربي التي ذكرناها بالأعلى، هذا بجانب الأزمات الفرنسية والألمانية والبريطانية والروسية، مما جعل كل هذا مقدمات لقيام الحرب العالمية الأولى والتي كانت أكثر الحروب دموية على الإطلاق وقتها، ولم تنتهي أثارها بانتهاء الحرب بل كانت هي من ضمن الدوافع الكبيرة لقيام الحرب العالمية الثانية والتي انتقم فيها الألمان بقيادة هتلر النازي من أعداءه شر انتقام، ولا ننسى مسار دول المركز الخاطئ والذي كلفهم دخول العديد من الدول تحت إمارة دول الحلفاء، وهذا من دوره كان من أهم أسباب الانتصار.

الكاتب: أحمد علي

Exit mobile version