الرئيسية العملي لماذا يعتبر التعليم الفنلندي الأفضل على مستوى العالم؟

لماذا يعتبر التعليم الفنلندي الأفضل على مستوى العالم؟

0

مع بداية القرن الواحد والعشرين ظهر على الساحة الدراسية التعليم الفنلندي بصورة هائلة، فقد تطور هذا التعليم بسرعة رهيبة وأصبح في المرتبة الأولى تعليميًا، وهذا ما قد ظهر جليًا في حصوله على المرتبة الأولى كل دورة من دورات البرنامج الذي ظهر في عام 2000 تحت مسمى “تقييم الطلاب العالمي”، وقد حصل التعليم الفنلندي على هذه المرتبة منذ عام 2003 أي الدورة الثانية للبرنامج حيث أنه يقام كل ثلاثة أعوام، وقد قالت الإحصائية أن نسبة الرسوب في فنلندا لم تتجاوز الاثنان بالمائة وهي أقل نسبة عالميًا، هذا وتتخذ هذه الدولة أساليب وطرق بسيطة ولكنها فعالة جدًا وتعمل على تنمية مدارك ومهارات الطفل منذ الصغر، ويبدأ الطفل الفنلندي التعليم الأساسي له في العام السابع ولا توجد أي اختبارات تجرى للطلاب في جميع المراحل، بل يتم تقييمهم من قبل المعلمين بأسلوب خاص ومحدد من قبل وزارة التعليم الفنلندية، ونحن هنا سنتعرف على جميع العوامل التي أدت لارتقاء التعليم الفنلندي بكل هذه السرعة، فتابعوا معنا.

احترامهم للمعلمين واختيار الوزارة لهم بعناية

أولى الأساسيات التي يتبعها التعليم الفنلندي هو اختيار المعلمين بعناية وإظهار كل التقدير لهم، وذلك لأن فنلندا ترى أن المعلمين هم حجر الأساس وعلى أيديهم يخرج لهم الطلاب ذو الكفاءة العالية، حيث أن المعلم الغير مؤهل لأداء وظيفته يتسبب في ارتكاب خطأ فادح يؤذي بالمنهاج الدراسي لديهم، فهو يؤدي إلى فساد أو فشل مجموعة من الطلاب بأكملها بسبب سياسته الخاطئة والغير تربوية، ولذلك تشترط الوزارة للمتقدمين لشغل منصب معلم أن يكون خريجًا جامعيًا وقد حصل على تقدير مرتفع في دراسته الجامعية، بجانب تحضيره لرسالة الماجستير لكي يكون على درجة أعلى من البكالوريوس وتحت الدكتوراه مباشرة، وذلك لضمان كفاءة ومهارة هذا المعلم الذي سيربي أجيال ويخرج لهم من يرفعون من شأن وطنهم، وعندما يتم التقديم على الوظيفة تقوم الوزارة بعمل فلترة للمتقدمين لكي تختار منهم الأفضل والأعلى وهم لا يتجاوزن العشرة بالمائة، ونظير كل هذا تقدم الدولة للمعلمين مرتبات مجزية وقيمة تكفي للعيش بصورة جيدة جدًا، وتقوم أيضًا بإظهار كل الاحترام والتقدير لهم لأنهم الأفضل بكل تأكيد.

توفير بيئة تعليمية مريحة وجيدة للطلاب في نظام التعليم الفنلندي

يقوم التعليم الفنلندي بالحرص على توفير بيئة تعليمية جيدة ومريحة للطلاب، وذلك لكي تظهر إمكاناتهم وقدراتهم الإبداعية بها، وتقوم الوزارة أيضًا بتقليل أعداد الأجانب الذي يقومون بالتعلم بها بحيث لا تقبل كل من يتقدم إلى مدارسهم من ذوي الجنسيات الأخرى، وذلك لكي يتم توفير نظام تعليمي متجانس بين الطلاب وتكون اللغة المتخذة للتعليم هي اللغة الأم للبلاد لكيلا يلقى أي طالب صعوبة في الفهم والتعلم، هذا بجانب أن التعليم مسموح لجميع أفراد الشعب مجانًا في المدارس الحكومية، وطبعًا يوجد مدارس خاصة تأخذ بعض الأموال ولكنها ليست منتشرة في البلاد، وتعمل الدولة بقدر الإمكان على حظر إدخال السياسة في النظام التعليمي الخاص بها في جميع المراحل، وذلك لأنهم ينظرون إلى السياسة بأنها لا تليق بالطلاب فهم في سن لا يسمح لهم إلا بالتعليم فقط، ولذلك تعد هذه البيئة هي الأخصب والأمثل لكي يتعلم فيها الطلاب، وهكذا تصدر التعليم الفنلندي رغم بساطته قائمة أفضل النظم التعليمية في العالم.

المساواة بين الطلاب مهما كان مستواهم التعليمي

يسير التعليم الفنلندي وفق خطى ثابتة أساسها المساواة بين الطلاب مهما كانت الفروقات والاختلافات التعليمية لديهم، فكما هو معروف أن جميع الطلاب ليسوا في مستوى واحد ولا يكونوا ذو عقلية واحدة، بل هم متفاوتون في التفكير وفي التقدم وفي كل شيء، وعلى عكس دول العالم التي تقوم بالتفرقة بين المتفوقون في المستوى والضعفاء، تعمل الوزارة على الجمع بين جميع المستويات وعدم عزلهم عن بعض، وذلك لكي تعلو المستويات التعليمية لدى الطلاب الضعفاء ويصبحوا في تقارب مع زملائهم، وهذا ما أكدته لنا المنظمة العالمية التي تحمل اسم “التعاون الاقتصادي والتنمية” عندما قامت بعمل إحصائية عالمية لتحديد مقدار الفجوة التعليمية في جميع الدول، وقد أتت فنلندا في المرتبة الأولى كأقل الدول التي بها نسبة متسعة من التفرقة بين الطلاب المتفوقين والمتأخرين.

هذا ويقوم التعليم الفنلندي بتوفير نفس الجودة التعليمية في جميع مدن وقرى فنلندا، حيث لا توجد أي تفرقة بين المستويات المعيشية من الريف للحضر، وهذا ما يظهر جليًا في الإمدادات المالية والتربوية التي يتم توزيعها على جميع المدارس الحكومية في الدولة فكلها يذهب إليها نفس الإمدادات بالتساوي، ولذلك لا يوجد أي تنافس أو عداء أو تصنيفات بين جميع المدارس فالحركة التعليمية كلها تصب في مصلحة الدولة لكي تنمو وتزدهر.

علاقة الطالب بالمعلم رغم قلة ساعات الدراسة

يقوم التعليم الفنلندي بالعمل لمدة خمسة أيام فقط من الأسبوع بمعدل أربعة ساعات يوميًا مما يعطينا عشرين ساعة أسبوعيًا، وهذه المدة القليلة توضح أهمية التعليم الفنلندي بالمضمون وتعمقه أكثر من الكم وكثرته، وهذا أمر جيد لأن الكم القليل مع التعمق في الشرح يزيد من قوة الطلاب في تعلم النقاط المحددة بشكل أسرع وأعمق، هذا على العكس من الكم الكثير والذي يتم التعامل معه بسطحية وعدم الإلمام بجميع جوانب الموضوع مما يعطي نتيجة ضعيفة في كل المواضيع، ويقوم المعلم عند دخوله للفصل بتقسيم أجزاء الحصة إلى ثلاثة أجزاء الأول لإعداد المنهج الدراسي، والثاني لشرح هذا المنهج بصورة مبسطة وسلسة للطلاب، والثالث لتقييم الطلاب في نهاية الحصة اليومية، وتقوم المدرسة بتوفير ساعة وربع لكي يستريح الطلاب بعد الحصص الدراسية، ويتم توزيع الساعة وربع على مدار اليوم الدراسي كله.

وعلى الرغم من الوقت الدراسي القصير على مدار الأسبوع إلا أن الطلاب يكونوا على علاقة قوية جدًا بالمعلمين، وهذا ناتج عن عدد السنوات التي يقضيها المعلم مع طلابه، حيث يمر الطلاب على نفس مجموعة المعلمين على مدار خمسة سنوات دراسية متتالية، مما يجعل علاقتهم ببعض عميقة ومبنية على الحب حتى تكاد تشبه علاقة الأب بابنه، وما يزيد من قوة هذه العلاقة هو قلة عدد الطلاب في الفصل الواحد، حيث لا يزيد كل فصل عن عشرين طالب فقط لكي يسهل التواصل مع الجميع.

تقديس الدولة للتعليم

تنظر فنلندا للتعليم نظرة قدسية بعض الشيء وذلك لأنها ترى أن التعليم هو أساس كل شيء ولا يوجد نجاح أو تقدم بدون تعلم، ولذلك تعظم من شأن التعليم والمعلمين وتعتبره جزئ من هويتها، وعندما نلقي نظرة على تطور التعليم الفنلندي نجد أن الدولة بدأت بالاهتمام به مع بداية القرن العشرين، وظلت تستمر في تطويره وتحسين جودته والبحث عن الخطى الحسنة لكي يسيروا عليها، حتى أصبحوا مع بداية القرن الواحد والعشرين أفضل دولة تعليمية في العالم، هذا مع قلة التكلفة المالية المنفقة على التعليم بالمقارنة مع الدول الأخرى.

الكاتب: أحمد علي

Exit mobile version