الرئيسية الفلسفة لماذا يسمح الله بـ التجارب الشديدة والألم للإنسان؟

لماذا يسمح الله بـ التجارب الشديدة والألم للإنسان؟

0

يصاب الكثير من الناس ببعض الآلام أثناء خوض التجارب الشديدة التي يبتلي الله بها عبده، وهذه الآلام تكون شديدة جدًا وتُشعر بالانكسار والضعف الذي لا يقبله أي أحد، ويأتي الألم هنا على صورتين إما جسدي مثل تعاطي المخدرات وشرب الخمر أو السجائر وغيرها من الأمور التي تضعف الجسد وتكسره، والصورة الثانية تكون نفسيه حيث يشعر الإنسان بالعذاب داخل نفسه جراء ما فعله بإنسان أخر أو فعل به الإنسان هذا مكروه، ففي كلتا الصورتين يخوض الإنسان تجربة شديدة يتخللها آلام صعاب لا يقوى على تحملها أحد، ولكن ما يسعدني قوله أن الله عز وجل يسمع أنينك وصراخك القادم من أعماق قلبك، ولكن هذا ابتلاء منه عز وجل لعدة أغراض تزيد صلتك به وتهذب من أخلاقك، لذلك عليك التحلي بالإيمان والصبر القوي لكي تمر هذه التجارب الشديدة، ونحن هنا سنوضح تفصيلًا لماذا يسمح الله بالتجارب الشديدة والآلام.

للإكثار من الأعمال الصالحة

يعد الإكثار من الأعمال الصالحة أحد أهم أسباب خوضنا التجارب الشديدة والشعور بالألم للإنسان، وذلك لأنه عادة ما يغفل الناس عن عبادة الله وذكره وعمل الأفعال المقربة والمرضية له، فيتجاهلها بالمعاصي والذنوب وترك الصلاة والانشغال بالتلفاز والإنترنت وسماع الأغاني وغيرها من الأشياء التي تبعدنا عن عبادة الله والصلاة والزكاة والصوم وقراءة القرآن، فلذلك يكون هذا الابتلاء وهذه التجربة المريرة والعصيبة هي تنبيه من الله عز وجل لعبده لكي يتذكر أن له رب سيحاسبه عن أفعاله يوم القيامة، والموت لا ينتظر أحد فهو يأتي فجأة وبدون سابق إنذار، فيأتي هذا التنبيه لكي يلحق نفسه ويترك معاصيه ويتقرب لله ويدعوه بالغفران والرحمة، والأعمال الصالحة كثيرًا فالكلمة الطيبة صدقة، كلمة فقط هي عمل صالح وعظيم عند رب العباد، لذلك لا تنظر للألم الشديد بنظرة سطحية بل عليك تعميق النظر في الأمور، ومعرفة الغاية من التجربة لكي تكثر من الأعمال الصالحة والمقربة لله، وذلك تداركًا لخط سيرك من الانحراف والبعد عن طريق الله عز وجل.

التجارب الشديدة تزيد من قوة الصبر والشجاعة

عندما يخوض الإنسان التجارب الشديدة ويشعر بالألم مع مرور الوقت، ستكسبه هذه التجربة تدريبًا عالي الكفاءة على الصبر وتحمل الشدائد، وعندما يصل الإنسان إلى مرحلة عالية في الصبر سيستطيع تجاوز كل آلام الحياة ومصائبها، بدون أي ضجر أو جزع وسخط لا يليق بأي إنسان مؤمن بالله أن يفعله وقد نهي عنه الرسول في الكثير من أحاديثه، ومع التدرب على الصبر طويلًا سيكتسب الإنسان الشجاعة والقوة التي تعينه على قضاء أي عمل مها كانت صعوبته، فإن كان مدمن للمخدرات أو مدخنًا فسيستطيع بالصبر ثم الشجاعة الإقلاع عن هذه الأفعال الضار والتي تؤذي بحياة الإنسان، وإن كان يمر بمرض أو حالة وفاة لشخص من الأقارب أو ابتلاء ما فبالصبر والشجاعة سيتخطى هذه الابتلاءات، فهي مجرد امتحان من الله عز وجل لكي يعلم مدى تثبيت قلب المؤمن وقت الأزمات، فكل منا سيمر بهذه الأشياء فالحياة ليست هناء وسعادة فقط، ولا شقاء وحزن فقط، فطبيعة الدنيا متقلبة وهذه من حكمة الله، لذلك فالشعور بالألم وقت التجارب الشديدة تزيد من الصبر والشجاعة.

التجارب الشديدة تجعلنا نتقرب من الله عز وجل وطلب رحمته

من ضمن الأسباب الهامة التي من أجلها يسمح الله بخوض التجارب الشديدة والألم للإنسان هي التقرب من الله وطلب رحمته، في زمننا هذا يوجد الكثيرين من الأشخاص المبتعدين عن الله عز وجل ولا يتقربون منه أبدًا، حتى أنهم يبخلون ببعض الوقت للصلاة، ففعليًا الصلاة لا تتجاوز الربع ساعة تقريبًا مع العلم أن هذا الشخص من الممكن أن يضيع الساعات في مشاهدة التلفاز أو تصفح الإنترنت وغيره، وقد ذكر من ضمن الأحاديث الصحيحة عن النبي الكريم أنه قال “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء” والسجود هذا يكون في الصلاة كما تعرفون، فلذلك تعد الصلاة هي أقرب العبادات لله عز وجل بل وأسهلها، فلماذا يتخاذل هؤلاء الأشخاص عن تأديتها! ولذلك يصيب الله هذا الشخص ببعض التجارب الشديدة التي من دورها تعرفه مدى ضعفه هو ومدى قدرة الله، حتى يتقرب لله عز وجل ويطلب رحمته التي وسعت كل شيء.

نتعرف على مدى قدرة الله وإرادته

عندما يغفل العبد عن طاعة الله وعبادته يتناسى قدرته العظيمة، فلذلك من ضمن الأسباب التي يسمح الله من أجلها خوض التجارب الشديدة والشعور بالآلام هي التعرف على مدى قدرته وإرادته، فكما تعرفون أن الله هو القدير الذي صورنا في أحسن صورة، وأوجد هذا العالم، وهو الذي يقول للشيء كن فيكون، ولولا قدرة الله وإرادته وعطفه ورحمته على عباده لما توصلت البشرية لكل هذا التقدم والاختراعات المدهشة التي تظهر كل يوم، ولكن ما يعيب الكثيرين هو تناسي قدرة الله ويتفاخر بما فعله ويظن أن هذا الصنيع من نفسه، بل هو من الله عز وجل وقد شاء أن يتواجد هذا الشيء في الوقت والمكان المحدد له، وقد اختير هذا العبد البسيط لكي يكون سببًا بعد الله في ذلك الأمر، فعليه معرفة قدرة الله وعظمته ولا يتناسها، ولذلك تأتي التجارب الشديدة وآلامها لكي تذكر الإنسان بذلك الشيء.

التجارب الشديدة تأديب النفس البشرية وتهذيبها

نأتي هنا إلى أهم الأسباب الكامنة وراء التجارب الشديدة والألم للإنسان وهي تأديب النفس البشرية وتهذيبها، حيث أن الشدائد تعمل على إذهاب الروح المتعصبة والغير خاضعة لله عز وجل، وتقوم بتأديبها وتهذيبها وفق مبادئ الإسلام الحنيف، وذلك بتعلم القيم والمبادئ المثلى، والتحلي بالصبر والشجاعة والإيمان القوي، وتهذيبها عن طريق اجتناب الفواحش والموبقات وما نهي الله عنه من سرقة وقتل وزنا وغيرها من الأفعال التي تتنافى من الخلق الحسن ولا تقبلها أي ديانة سماوية، والتأديب هنا يأتي بعد خوض التجربة الشديدة التي تذكر الشخص بالله عز وجل ومقدرته التي فاقت كل شيء، هذا بجانب تحذيره من الطريق الخاطئ الذي يسير فيه، لكي يرجع لله ويتقرب إليه بالعبادة وخاصة الصلاة فهي مفتاح كل شيء ومن خلالها سيتم التهذيب والتأديب الذي يريده كل من ينوي التوبة النصوحة، حيث أنه لكي تتم الصلاة بطريقة كاملة يلزمنا تلاوة القرآن وهنا يكمن السر العظيم، حيث أن آيات القرآن فيه راحة وطمأنينة كبيرة جدًا، ويرشدنا إلى الطريق الصحيح والمهذب الذي يسعى إليه الشخص التائب.

ختامًا

في الأخير يجب أن نذكر أن كل هذه الأسباب وأكثر هي من حكمة الله عز وجل، حتى نصبر على ما نخوضه من تجارب شديدة قد يتبعها الكثير من الآلام، وما يجهله بعض الناس أن الصبر الطويل يخلق في الإنسان روح الشجاعة التي سوف تساعده على خوض صعاب الحياة بكل قوة، ولذلك يجب علينا عدم الضجر أو السخط من قضاء الله وقدره، فكل شيء مقدر ومكتوب كما ذكر في القرآن الكريم.

الكاتب: أحمد علي

Exit mobile version