الرئيسية الفن لماذا تعلق بعض الأغاني في الرأس ونقوم بترديدها كثيرًا؟

لماذا تعلق بعض الأغاني في الرأس ونقوم بترديدها كثيرًا؟

0

في إحصائية أجريت منذ عدة أعوام بخصوص ترديد بعض الناس لكلمات الأغاني أو ألحانها أتضح أنها ناتجة عن ما يسمى بديدان الأذن، وهي ليست ديدان حقيقية بل هو تعبير مجازي لكثرة تنقلها وتحركها في الأذن، حيث أنها تشبه تمامًا الديدان المتواجدة في البطن فهي تتحرك بداخل البطن وتأكل ما تراه أمامها، وهذا ما يحدث عند سماع الأغاني فتقوم الأذن بالتقاط الأغنية على وجه العموم أو الكلمات والألحان على وجه الخصوص، وتعمل على إرسالها للعقل من حين لأخر مما يجعلنا نرددها في أذهاننا وفي بعض الأحيان يقوم العقل بترجمتها لأصوات مسموعة عن طريق الفم بترديد الأغاني تلقائيًا، وقد قام الباحثون بعرض عدة أسماء بجانب ديدان الدماغ ولكنها في الغالب كلها نفس التحليل مع اختلاف المسمى، مثل ميلوديمانيا، المتلازمة الشهيرة “الأغاني العالقة”، وتصور الموسيقي بغير طوعنا، وغيرها من المسميات ونحن في مقالنا هذا سنتناول حقيقة هذه الأمر ولماذا تعلق الأغاني في الرأس، فتابعوا معنا.

ارتباط الأغاني بحدث مهم بالنسبة لنا

أولى التفسيرات لعملية تعلق الأغاني في الرأس وترديدها دائمًا هو ارتباطها بأحداث خاصة بنا، حيث عادة ما تكون بعض الأغاني مثل المصباح الذي يسلط ضوئه على النقاط الهامة أمامنا، فأغلبنا مر بأحداث هامة ومؤثرة طوال حياته مثلا علاقة عاطفية انتهت بالفراق والحزن، أو علاقة ما زالت مستمرة ومليئة بالسعادة والبهجة، أو علاقة الشخص بالوطن عن طريق حروب قد خاضها أو كان حاضر وقتها، وهكذا، فعندما تسمع أغنية تختص بنوع ما قد حدث لك في حياتك تعلق هذه الأغنية في أذنيك وتشتاق من حين لأخر لسماعها وترديد كلماتها، وخاصة الأغنيات الوطنية نظرًا لكثرة المشاكل والاضطرابات الحادثة في الوطن العربي، فهي بمثابة المذكر بمن فقدتهم أو بما حدث خلال هذه المشكلة أو هذا الاضطراب، وأيضًا العلاقات العاطفية سواء كانت حزينة أو سعيدة فعندما تسمع أغنية كلماتها تصف ما حدث لك في علاقتك العاطفية تتأثر بها بشدة وتحتاج لسماعه أكثر من مرة لكي تذكرك بالحدث مهما كانت عواقبه.

يقول بعض الأشخاص عندما يسمعون الأغاني الحزينة “طرقت الجرح” وهذا تعبير يدل على لمس هذه الأغنية للماضي الحزين لهؤلاء الأشخاص، ولذلك يقومون بسماعها وترديد كلماتها دائمًا لكي يتذكروا هذا الجرح الماضي، أو يرددوها عند تذكر الجرح الماضي، ولذلك تعد الأحداث المهمة في حياتنا هي أهم الأسباب لترديد الأغاني التي تتعلق بها.

ألحان تعشقها أذن الأشخاص

نأتي هنا للحديث عن الألحان ذاتها فهي أيضًا تعلق في أذهان الأشخاص وتعمل دودة الأذن على تذكيرك بهذه الأغنية دائمًا، فكما نعلم أن لكل شخص ذوقه الخاص وأغانيه المفضلة ولذلك يبحث عن الأغاني التي تتماشى ألحانها وكلماتها مع أهوائه، فبعض الألحان تعلق بالأذن لحبها لها ولتنقلاتها في الإيقاع التي تثير اهتمام الأذن، وهذه الألحان التي تعشقها دودة الأذن لسهولتها وسلاستها تقوم بإرسالها للعقل بواسطة إشارات لكي يبدأ العقل في تحفيزك على تذكرها وترديدها باطنيًا أو ظاهريًا، فالترديد الباطني يتم داخل الجسد فقط بحيث لا يسمع صوت اللحن أو الأغنية من يجلسون بجانبنا وهي مرحلة بسيطة بعض الشيء، أما الترديد الظاهري فهو مرحلة متطورة حيث تخرج الأغنيات من الطور الرأسي أو الجسدي للطور الصوتي الذي يسمعه أي شخص يجلس بجانبنا، وذلك عن طريق ترجمة الإشارات لأصوات وهذا من شدة تعلقنا بهذه الأغاني وألحانها.

وهذا ما يلعب عليه بعض الأساتذة في المدارس والدروس الخصوصية حيث يقومون بترتيب محتويات الدرس على شكل مقطوعة موسيقية بألحان سهلة وشهيرة، وذلك لكي تعلق في أذن الطلاب ويسهل عليهم حفظها وتذكرها في الامتحانات، ومثل هذا أيضًا يحدث مع أطفال الروضة حيث تقوم الروضة بترتيب الأشياء الهامة للأطفال على هيئة مقطوعة موسيقية أيضًا، مثل أنشودة العشرة المبشرين بالجنة فهم قاموا بإدخال أسامي الصحابة في أنشودة سهلة الألحان حتى يعرفهم الأطفال وهم صغار بكل سهولة.

ترديدها في الأحداث المشابهة

هناك عامل أخر لتكرار ترديد الأغاني وكلماتها وهو وقوعنا في نفس الحدث أكثر من مرة، بمعنى أن شخص سمع أغنية ما في حدث معين فعند كل مرة يتعرض فيها لنفس هذا الحدث يتذكر الأغنية تلقائيًا ويقوم بترديدها، وهذا ما قالته إحدى السيدات الأمريكيات عندما سألت منذ عدة أعوام عن أسباب ترديد الأغاني كثيرًا، فقالت إنها عندما كانت في بداية السابعة عشر من عمرها كان يجب عليها تقديم اختبار لها في المدرسة، ففي هذه الأيام وأثناء التحضير للاختبار سمعت أغنية لفريق باناناراما تسمى ناثان جونيز، وقد علقت هذه الأغنية في ذهنها وأصبحت تتذكرها عندما تتعرض لأي موقف مقلق أو موتر وتقوم بترديد كلمات الأغنية حتى تتناسى هذا القلق، ولذلك يعد التعرض للمواقف المشابهة والتي سمعنا في أحدها أغنية ما هو عامل مهم في ترديد الأغنيات في نفس هذه المواقف على مدار الحياة.

الإيقاع السلس والسريع في الأغاني

مع القليل من البحث والتدقيق وسؤال بعض الأشخاص توصلنا إلى أن الأغاني ذات الإيقاع السريع والسلس تكون أكثر تعلقًا بالأذن من الأغاني بطيئة الإيقاع، ولذلك نتج في عصرنا الحالي ما يسمى “الأغاني الشعبية” وهي تتواجد في جميع البلدان وتنتشر بكثرة في مصر، وهذه الأغاني عادة لا ينظر لمغنيها ولا مؤلفها ولا ملحنها فهي تعلق في الأذن فقط ولا يبحث المستمع عن أصلها بعكس الأغاني العادية والتي يعرف مغنيها ومؤلفها وملحنها ويشتهرون جدًا، عامة تتميز هذه الأغاني الشعبية بالسلاسة والبساطة وتكون ذات إيقاع يلفت الانتباه للوهلة الأولى ولذلك يكثر تشغيلها في الأفراح والمناسبات لجذب انتباه الحاضرين، ونظرًا لسهولة هذه النوعية تنتشر في الأوساط بكثرة بل وتعمل شركات الاتصالات في مصر على جذب الناس إلى شركتها من خلال الأغنيات الشعبية.

وقد تفننت شركة فودافون مصر في ذلك من خلال عرضها لأخر أغنية لها في بداية هذا العام، وقد حملت اسم “شحنة وشبرقة” والتي أخذت نسبة مشاهدة على اليوتيوب أكثر من خمسة وأربعين مليون مشاهدة وفي طريقها لكسر حاجز الخمسين، وهو رقم رهيب جدًا بالنسبة لإعلان لا يتعدى الدقيقة وعشرين ثانية، هذا بجانب إعلان شركة اتصالات والذي قدمه الفنان محمد رمضان وهو نفس النوعية أيضًا، ولذلك تعد الإيقاعات الموسيقية السلسة والسريعة هي أكثر ما يؤثر في الأذن ويحفز الدودة على العمل ونقل الإيقاع والكلمات والألحان من وإلى العقل.

ختامًا

في الأخير وبعدما عرفنا أسباب وعوامل تعلق الأغنيات في الأّذن ونقوم بترديدها دائمًا، يجب أن تعرف أن هناك طرق لتفادي هذا الشيء فمثلاً القراءة عندما تشعر ببدء عمل دودة الأذن، أو ممارسة الألعاب التي تحتاج لتشغيل العقل والتفكير مطولًا مثل ألعاب الأحاجي، وأيضًا من الممكن التحدث مع الأصدقاء والأقارب لشغل العقل بأشياء أخرى تمنعه من العودة لتذكر هذه الأغاني مع مرور الوقت.

الكاتب: أحمد علي

Exit mobile version