الرئيسية العملي لماذا يفشل البعض في تدبير النفقات خلال فترة الاغتراب؟

لماذا يفشل البعض في تدبير النفقات خلال فترة الاغتراب؟

0
تدبير النفقات

يعد تدبير النفقات أول الأمور التي تشغل بال كل شخص مُغترب عن أسرته سواء ببلد خارجي أو في مدينة أخرى داخل نفس البلد؛ حيث يطاردهم دائماً شبح الفشل والإطاحة بأحلامهم بسبب العجز عن تحقيق الهدف الرئيسي من تلك الخطوة والمُتمثل في جني المال وادخار أكبر جزء منه لأجل المستقبل وتوفير الأمان المادي لأنفسهم ولأسرهم. السؤال الواجب طرحه هنا: لماذا يفشل البعض في تحقيق الهدف الرئيسي من هذه التجربة؟ وما المفترض القيام به من أجل النجاح في تدبير النفقات خلال فترة الاغتراب.

أسس تدبير النفقات خلال فترة الاغتراب :

هناك عِدة عوامل -أو بالأحرى عِدة سلوكيات- تحد من قدرة المُغترب على تدبير النفقات وتهدد التجربة كاملة بالفشل، ويُمكن إيجاز تلك العوامل فيما يلي:

اللجوء إلى الاقتراض :

أحد أبرز السلوكيات السلبية المُسببة لعجز المُغترب عن تدبير النفقات وبالتالي العجز عن الادخار للمستقبل تتمثل في اللجوء إلى الاقتراض من المحيطين به سواء كانوا أصدقاء أو زملاء عمل أو غير ذلك، وذلك لسببين أولهما أن الاقتراض من الأمور التي تغري الإنسان بدلاً من اللجوء إلى القيام بإجراءات تقشفية للحد من نفقاته، وثانيهما أن الاقتراض -وإن بدا يسيراً في بدايته- يقود إلى عواقب وخيمة ويزيد من الأعباء الواقعة على عاتق المُغترب؛ حيث سيكون مضطراً لسداد ما قام باقتراضه وبالتالي سوف ينفد راتبه ويضطر للاقتراض مجدداً وفي النهاية يجد نفسه عالقاً وسط دائرة مُفرغة يصعب الخروج منها.

 بناء على ذلك يعد تجنب الاقتراض -سواء من الأشخاص أو المؤسسات المالية- أحد الأسس الواجب اتباعها من أجل تدبير النفقات بسنوات الغربة، ويجب عدم اللجوء له إلا بأضيق الحدود وفي حالات الضرورة القصوى مثل التعرض لطارئ صحي أو ما شابه، وحتى في تلك الحالة يجب الحرص على اقتراض المبلغ الذي يحتاج إليه حيث أن أي زيادة سوف تزيد الأمور سوءاً.

انعدام الخطة وعدم ترتيب الأولويات :

يعد التخبط وانعدام الرؤية أول العوامل المؤدية إلى الفشل في تحقيق الأهداف أيا كانت طبيعتها، ولهذا على المُغترب أن يضع هدفه الرئيسي نصب عينيه على الدوام حتى يتمكن من تدبير النفقات وادخار ما يؤمن به مستقبله ويُلبي طموحاته.

تشير بعض الإحصاءات والدراسات المقارنة أن الأشخاص الذين توجهوا للبحث عن فرص عمل في بلدان ذات طابع سياحي كانوا أقل قدرة على تدبير النفقات وادخار الأموال -على الأقل خلال العام الأول- مقارنة بمن انتقلوا إلى إحدى الدول الخالية من المباهج أو التي تتشابه مع بلدانهم الأصلية؛ وبناء على ذلك يُنصح دائماً بأن يذكر المغترب نفسه بأنه في مهمة عمل وليس ضمن رحلة سياحية، وبناء على ذلك لا يصح إنفاق أغلب ما يجنيه على الترفيه والتنزه واستكشاف معالم المدينة التي انتقل إليها.

ادخار المال بالشكل التقليدي :

ادخار المال وتأمين مستقبل الفرد أو العائلة مادياً هو العامل الرئيسي الذي يدفع الشخص إلى الاغتراب والغياب عن عائلته وأحبائه لسنوات عديدة، ولكن مدى نجاح التجربة لا يُقاس فقط بقيمة ما تم ادخاره وإنما بأسلوب الادخار ذاته، كيف هذا؟.. الطريقة التقليدية للادخار في نظر البعض تتمثل في تدبير النفقات وترشيدها وإيداع النسبة الأكبر من الراتب الشهري بأحد الحسابات المصرفية، لكن ذلك الأسلوب لا يفلح مع الجميع، حيث أن إيداع الأموال بالحسابات الجارية أو حسابات التوفير يجعلها في متناول يد المُغترب طيلة الوقت ويمكنه سحبها بأي وقت ولأي سبب وإن كان لا يستحق.

ينصح ذوي الخبرة بالقيام بحفظ الأموال في صورة سندات أو ودائع بنكية، كما يمكن استثمارها عن طريق شراء الأسهم إن كان المُغترب خبيراً بمجال البورصة، هذا كله سوف يحد من قدرة المغترب على اللجوء هذه الأموال إلا عند الضرورة المُلحة، كما أن هذه الأساليب تعد أحد أشكال الاستثمار والعوائد التي تتحقق من خلالها سوف تساهم في زيادة الحصيلة الإجمالية.

أسلوب المعيشة الخاطئ :

يجب على المغترب من أجل تدبير النفقات القيام بعدد من الإجراءات التقشفية، حيث أن كلما انخفضت قيمة ما يقل إنفاقه تزايدت قيمة ما تم ادخاره، وذلك هو الهدف الرئيسي الذي دفع المغترب للإقدام على تلك الخطوة من الأساس ويجب تذكر هذا جيداً في كل لحظة.

يعد أسلوب المعيشة المُتبع أحد العوامل الفاصلة المُتحكمة في نجاح تجربة الاغتراب أو فشلها الذريع، لهذا ينصح دائماً الشخص المغترب بضرورة تغيير نمط حياته بالشكل الذي يسمح له بإحداث التوازن المطلوب وذلك عن طريق الحد في الإنفاق على أي شيء غير أساسي أو يتخذ شكلاً من أشكال الرفاهية، من أمثال ذلك التوقف عن التدخين أو تقليله على أقل تقدير، كذلك يفضل انتقاء وسائل المواصلات الأرخص ثمناً للاعتماد عليها في تحركاته، وبالإضافة إلى هذا كله عليه امتلاك بعض المهارات مثل طهي الطعام وغسيل الملابس وغيرها لتجنب الاضطرار إلى طلب هذه الخدمات من جهات خارجية والتي تتلقى أجوراً مرتفعة نسبياً نظيرها.

تخصيص الفائض للكماليات :

في حالة اتباع المُغترب قواعد تدبير النفقات الموصى به فحتماً سوف يتوفر معه فائضاً من المال في نهاية كل شهر بخلاف المبلغ الثابت المخصص للادخار، وينظر البعض إلى ذلك المبلغ باعتباره فائضاً عن الحاجة ومن ثم يقوم بإنفاقه في غير منفعة، ويقع بذلك في فخ الإسراف الذي نهى عنه الدين الحنيف.

السلوك الأمثل في تلك الحالة هو إضافة النسبة الأكبر من المبلغ الفائض إلى المبلغ المخصص للادخار، حيث أن ذلك سوف يعود على الشخص بالعديد من المنافع، إما يزيد من حصيلة المدخرات أو يساعده على تقليل سنوات الاغتراب والعودة إلى وطنه وأسرته خلال فترة زمنية أقل، هذا بالإضافة إلى أن الإحساس بقيمة الإنجاز وزيادة حصيلة المبلغ المتوفر سوف يكون بمثابة حافز للاستمرار على ذات النهج بالشهر التالي.

لا إفراط ولا تفريط :

كل ما سبق ذكره من قواعد وأساليب لـ تدبير النفقات خلال سنوات الاغتراب لا يقصد بها بتاتاً أن يحول المُغترب حياته إلى جحيم لا يُطاق، فالإنسان بطبيعته يرفض القيود والإجراءات التقشفية، بل أن تحقيق الإنتاجية المطلوبة لجني المزيد من الأرباح يتطلب منه الحصول على أقساط مناسبة من الراحة وأن يحظى ببعض الترفيه.

الأمر في النهاية منوط بقاعدة واحدة وهي الحرص على الاعتدال وعدم السقوط في فخ الإفراط أو فخ التفريط، بمعنى أن لا مانع من الترويح عن النفس من آن لآخر ولكن يجب أن يكون ذلك ضمن حدود معينة، مثل الاجتماع مع الأصدقاء مرة كل شهر أو كل أسبوعين وكذلك يفضل مراعاة انتقاء أماكن التنزه الأقل تكلفة، وفي تلك الحالة لن يعتبر الترفيه إنفاقاً زائداً بل أنه سوف يساعد على تجديد النشاط وبالتالي رفع معدلات الإنتاج وجني المزيد من الأرباح.

 خاتمة :

يعد تدبير النفقات أول الأمور التي يجب مراعاتها في حالة الاغتراب من أجل العمل؛ حيث أن ذلك هو الضمان الأول لنجاح التجربة وتحقيق المرجو منها، خاصة أن ذلك من الأهداف السهل إحرازها ولا يتطلب سوى الالتزام ببعض القواعد واتباع عدد من السلوكيات اليسيرة.

Exit mobile version