عندما ننظر إلى العرس العراقي نجد أنه مليء بالخطوات الجميلة والمميزة على العكس من العادات والتقاليد المختصة بالأعراس في وطننا العربي، فمع مزيد من التدقيق والبحث وجدنا أن بلاد المغرب العربي وتليها العراق هما الأكثر اختلافًا وتميزًا في هذه النقطة، ولكن لن تجد العراق كله يجتمع على عادات وتقاليد واحدة أي كل مدن الدولة تقوم بنفس الخطوات في الأعراس، بل ستختلف طريقة العرس والزفاف من منطقة لأخرى وذلك لكثرة الأعراق والطوائف الموجودة بالعراق، حيث أنه يقطن في تلك الدولة بعض من الأكراد، والتركمان، والكلدان، والأشوريين، والأرمن، والشركس، وعرب الأهواز، والعرب العاديين ونسبة العرب في العراق تتخطى الثمانين بالمائة والعشرين الأخرى من الطوائف التي ذكرنها بجانب أقليات لا تذكر، ولذا فالموضوع مختلف من محافظة أو منطقة إلى أخرى ولكنه في الأخير مميز وجميل، فمثلًا لدينا الأشياء التي تحصل في يوم الشربت، ويوم الفرشة، والحناء، والزفاف، والصباحية، كل فقرة أو مرحلة منهم لها طقوس جميلة وخاصة بالعرس العراقي، ونحن هنا سوف نتناول هذه الأشياء التي تميز العرس العراقي، فتابعوا معنا.
مميزات العرس العراقي
توجد العديد من العادات والتقاليد التي تجعل العرس العراقي هو أحد أجمل الأعراس في وطننا العربي، ففي كل مرحلة أو خطوة من خطوات الزواج سنرى بعض من الحبكات العراقية الرائعة والتي من شأنها إعطاء ملمس ورونق باهر لهذا العرس، وهي المراحل هي:
عقد النية من قبل الرجل بالزواج
في البداية يقوم الشاب العراقي بعد إتمام مرحلته الدراسية بأكملها والحصول على وظيفة مناسبة، أو الحصول على الوظيفة بدون الدراسة على حسب نشأته وحياته، يقوم بالتحدث مع والدته وأخوته في نيته بالتزوج من إحدى الفتيات، وعادة ما يكون الباحث عن العروس هم الأهل وليس الشاب ولكن في بعض الأحيان يكون الشاب من اختار العروس، عامة تذهب الأسرة إلى منزل العروس ومعهم هدية في الغالب تكون علبة شوكولاتة ويقومون إظهار النية بالتقدم لخطبة تلك الفتاة، وبعدها تدخل العروس ويراها الأهل والشاب بالتحديد ومن الممكن أن يطلب الكشف عنها بدون حجاب لكي يراها جيدًا حسب الشريعة الإسلامية، وكما نعرف فقد حددت أغلب الآراء الفقهية الأماكن المسموح بالنظر إليها عند الخطبة، مثل اليدين والكفين والوجه والقدمين.
وبعد الانتهاء من النظر إلى الفتاة تقوم الأسرة بإعطاء موعد للعريس للرد على خطبته بالموافقة أو الرفض، فإذا توصلوا للقبول ترسل أسرة العروس مرسال إلى أهل العريس يطلبون فيه عقد يوم الشربت الشهير في العراق، وفي بعض المناطق العراقية يتم تسميته بيوم النيشان العظيم.
يوم الشربت أو النيشان في العرس العراقي
الخطوة التالي في العرس العراقي هو يوم النيشان أو الشرب كما يسمى وهذا من أهم وأسعد الأيام لدى كلا العروسين، فبعد تلقي الموافقة المبدئية من قبل أهل العروس يقومون بتحديد يوم معين لعقد يوم الشربت، وفيه يتجمع العريس برفقة أقاربه وأصدقائه في منزله ثم يذهبون سويًا إلى منزل العروس مع أصوات الأغاني والطبول، وبعد الوصول إلى المنزل يقوم والد العريس ومعه أخوته باستقبال الضيوف والتحدث فيما يخص العرس، فأولًا يتكلم أكبر الموجودين ممن يتبعون عائلة العريس بطلب يد الفتاة بصورة وضحة، وثانيًا يقوم والد العروسة بقول نتشرف بكم كدليل على الموافقة النهائية، ثم بعدها تغلو زغاريد النساء ويبدئون في تفريق الشربات والعصائر على كل الموجودين.
وبعدها تقوم الأسرتين بالاتفاق على مقدار الذهب وموعد شراءه سويًا، وأيضًا يحدد اليوم الذي سيتم فيه دفع مهر العروسة، وموعد جلب بعض المستلزمات والأدوات الخاصة بالعرس، ويعتبر يوم الشربت أو النيشان هو أهم ما في العرس العراقي، وقد سمي بهذا الاسم نظرًا لتوزيع الشربات على الأسرتين في ذلك اليوم وهو بالطبع ينم على الفرح والسعادة.
عقد القران
من الأشياء التي يتميز بها العرس العراقي هو عقد القران فهذا العقد يحصل عند الزواج في أي دولة عربية ولكنه في بلاد الرافدين تصاحبه بعض الطقوس الغريبة، في البداية يقوم العريش وأقاربه بالذهاب إلى منزل العروس ومعهم المأذون الشرعي للدولة، وفي تلك اللحظات تكون العروس في غرفتها مع أصدقائها ترتدي فستان لونها أبيض أو بالأحرى ليس فستان بل عباءة، ثم بعد ذلك تقوم بوضع قدميها في وعاء به ماء مخلوط بعشبه الياس، وهي عبارة عن شجيرات صغيرة ذات لون أخضر جدًا، وبها بعض الورقات المتلاصقة ذات الملمس الجلدي الناعم في أسفلها ورود بيضاء تطفو على سطح الماء الموجود بالوعاء، وتفوح منها رائحة رائعة تشبه رائحة المسك، وأثناء الوقوف في ذلك الوعاء تمسك العروس بعض حبات الهال في يديها لكي تغلب عليها رائحة الهال الجذابة، وبعدها تخرج العروس لعقد القران مع العريس ويقوم بعقد القران من ينوب عنهما من الأهل، ثم بعد الانتهاء من عقد القران تدخل صينيات الحلويات، والشموع، والسكر الأبيض، وبعض أنواع العطور التي تكون في الغالب سبعة أنواع.
وبعدها يضعا يدهما في أيد بعض ويرددان ما يملى عليهم من قبل المأذون الشرعي، ويكون القرآن الكريم أمامهم لكي يتعاهدوا على العيش في كنف الإسلام والعمل بأحكام القرآن، وبعدها توضع قطعتان من القماش على جانبي رأس العروس وتمسك بأطرافهم فتاتان من أصدقاء العروس ولابد من كونهم غير متزوجتين، ثم يأتي العريس ويقبل رأس عروسته ويضع الذهب في يديها، ويبدأ الاحتفال بعقد القران من قبل أصدقاء العروس وأقاربها الفتيات فتعلو أصوات الأناشيد والطبول العراقية وتغير العروس ملابسها وتأتي بالفستان المخصص لتلك الفرحة.
يوم الفرشة والحناء في العرس العراقي
من عادات العرس العراقي الجميل هو يوم الفرشة والحناء وتكون هذه الأيام هي السابقة ليوم الزفاف مباشرة، ففي يوم الفرشة تذهب أسرة العروس إلى منزل العريس ومعهم ملابس العروس وأغراضها المختلفة، ثم يقومون بفرش غرفة النوم ويضعون الأقمشة البيضاء على السرير وتوضع عليه بعض الورود والنقود أيضًا، ثم يقوم أهل العريس بوضع دمية صغيرة على شكل طفل وذلك تباشرًا بالخلف الصالح والذرية الحسنة، ويحدث هذا في اليوم السابق ليوم الحناء ثم يأتي يوم الحناء وفيها تجتمع صديقات العروس وأهلها وتقوم العروس بارتداء بعض الفساتين الجميلة، ثم توضع صينية بها ورود وحناء وشموع أمام العروس، وبعدها تقوم والدة العروس أو جدتها بوضع الحنة على يديها أولًا ثم قدميها ثانيًا وبعد الانتهاء توزع الحنة على بقية من بالمكان.
ثم يأتي بعده اليوم الأخير وهو يوم الزفاف وفي العادة يكون يوم الخميس، فيقوم العريس بالذهاب إلى منزل العروس صباحًا وأخذها إلى الكوافير فتضع المكياج وترتدي الفستان الأبيض المخصص لذلك الوقت، وترجع إلى منزلها عصرًا ثم يأتي العريس بعد صلاة المغرب معه أهله وأصدقائه لأخذ العروس من منزلها وسط الأغاني والطبول العراقية، ويسيرون هكذا حتى الوصول إلى منزل العريس ثم تقوم الأم والأب بتوديع العروس وينتهي العرس في أزهى صوره.
الكاتب: أحمد علي