الرئيسية الحقائق التاريخ عصر النهضة : لماذا سمي عصر النهضة بهذا الاسم وما هي خصائصه...

عصر النهضة : لماذا سمي عصر النهضة بهذا الاسم وما هي خصائصه ؟

التاريخ الأوروبي مر بالعديد من المراحل ولكن تبقى مرحلة عصر النهضة هي الأكثر أهمية.. والسؤال : لماذا ؟ ،وما الذي يقصد بمصطلح عصر النهضة؟

0

عصر النهضة هو مصطلح يقصد به الإشارة إلى الفترة ما بين القرنين الرابع عشر إلى السابع عشر الميلاديان، ومن ناحية أخرى يمكن القول بإن عصر النهضة بدأ بانتهاء العصور الوسطى، أو تلك الحقبة التي يشار إليها في التاريخ الأوروبي بمصطلح عصور الظلام، وعلى الرغم من أن غالبية المؤرخين يرفضون تقسيم الحقب التاريخية، أو تحويل التاريخ الإنساني إلى عصور منفصلة مستقلة، لكن هذا الرأي تبناه من يتخذون من الأوضاع السياسية والتطور الاجتماعي مؤشراً للتقدم، أم من يهتمون بالنواحي الثقافية والجمالية في الحضارات، فإنهم توافقوا على أن عصر النهضة استحق أن يشار إليه بمسمى خاص،  وذلك لإنه قد كان عصراً مميزاً فاستحق التميز في كل شئ، فيكفي القول بإن هذا العصر كان هو الخطوة الأولى والحقيقية على طريق الحضارة، وما تشهده اوروبا اليوم من رقي حضاري وازدهار اقتصادي وتقدم في شتى المجالات، ما كان من الممكن أن يكون لولا رواد النهضة، الذين جاهدوا من أجل إرساء أسس الحضارة الأوروبية على مدى ثلاثة قرون متتالية، والسؤال هو ما السر وراء تسمية هذه الحقبة بذلك الاسم؟، وما خصائص التي تميز بها والتي شكلت النواة الأولى للنهضة الحضارية الأوروبية.

عصر النهضة .. المفهوم والخصائص :

قبل التطرق إلى خصائص وسمات عصر النهضة ،والتي كانت سبباً في إكسابه لذلك المسمى، وجعلت منه عصراً تنويرياً حرر قارة كاملة من براثن الجهل والظلم، فعلينا أولاً التعرف على مفهوم ” عصر النهضة “، لنعلم متى بدأ وكيف و لماذا تمت عملية التنوير؟

أولاً : ما المقصود بـ” عصر النهضة ” ؟

عصر النهضة هو عبارة عن حركة ثقافية وتنويرية جرت على نطاق واسع، بوادرها ظهرت خلال أواخر حقبة الصعور الوسطى أو العصور الظلامية، ثم صارت معالم عصر النهضة والحركة التثقيفية الحديثة واضحة المعالم بحلول القرن الرابع عشر الميلادي، واستمرت هذه الحركة في عملها حتى نهاية القرن السابع عشر الميلادي، وقد كانت دولة إيطاليا هي المركز  الذي انطلقت منه الدعوة النهضوية، وبسرعة البرق راحت الأفكار تنتقل من قلب إيطاليا إلى كافة أرجاء القارة الأوروبية، وكان ذلك بفضل اختراع آلات الطباعة والورق المخصص لها، فقد ساهم ذلك بصورة كبيرة في الإسراع بعبور الأفكار الحدود السياسية، وتناقلها عبر الدول بسرعة البرق، ليتم بذلك القضاء على أنظمة الحكم الثيوقراطية، التي كانت فارضة لسيطرتها على أغلب المناطق الأوروبية، والتي كانت تحارب العلوم والعلماء، وكان جاليليو جاليلي أشهر العلماء الذين ذاقوا الأمرين على أيديهم، فقد كانت تسعى هذه الأنظمة لإفشاء الجهل وسط العامة لضمان استقرار أنظمتهم الحاكمة، ولكن بحلول عصر النهضة أشرقت على أوروبا شمس الحضارة والتنوير والتحضر بعد قرون من الظلم والظلمات.

ثانياً : ما خصائص وسمات عصر النهضة ؟

عصر النهضة لم يكتسب هذا الوصف من فراغ؟، بل كان نتاج العديد من المسببات وتضافر الكثير من العوامل، التي أنتجت مجتمعة في النهاية النهضة الأوروبية الكبرى، وحققت التقدم في شتى المجالات، ومن أبرز عوامل ومقومات عصر النهضة ما يلي:

أ) استخدام اللغة الوطنية :

ذكرنا في مواضع عديدة إن اللغة من أهم وأبرز المقومات الحضارية، وقبل حلول عصر النهضة في القارة الأوروبية كانت اللغة اللاتينية هي اللغة السائدة، ولكن كانت من سمات هذا العصر اتجاه الدول إلى إحياء اللغات الوطنية، بعدما تنبه موثقفو أوروبا إلى ضرورة اعتماد اللغة التي يتحدثها الغالبية كلغة رسمية للبلاد، فالأمر وإن يبدو هيناً وبسيطاً، إلا إنه دليل بالغ القوة على استقلالية بلادهم، والاستقلال هو أول الخطوات الجدية على طرق بناء الدول، ومن هنا بدأ انتشار اللغات الأوروبية الرسمية الحالية، مثل اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية والألمانية وغيرهم..

ب) زوال زمن الإقطاع :

الإقطاع هو أحد أنماط السياسات الاقتصادية المُدمرة، فهو السبب المباشر لخلق مجتمعات طبقية متناحرة، وسواء طال الزمن أو قصر ففي النهاية الإقطاع يقود لأحد أمرين، إما انهيار اقتصادي مدمر للدولة، وإما حرب أهلية شعواء يشنها الشعب المسلوب حقه في موارد وطنه، وقبل عصر النهضة كان الإقطاع هو المسيطر على اقتصاد أوروبا، وكان الفقر متفشياً بين الطبقات الدونية بالمجتمع، ولكن غالبية الأمراء الإقطاعيين لقوا حتفهم في الحروب الصليبية، ومن لم يمت منهم بارت بضائعه وفسدت بالمخازن، وفي نهاية الأمر لم يتمكن من بقي منهم من مواجهة التغيرات الاقتصادية التي صاحبت عصر النهضة ،الذي شهد تحرر صغار الفلاحون وصغار التجار من قبضة الإقطاع، مما أدى إلى ازدهار حركة التجارة وتحقيق الرخاء الاقتصادي.

ج) إنماء الروح القومية :

لا تنمية بدون وحدة، فإن الشعوب هي من تصنع الحضارة والتاريخ، وهذه الوحدة لا يمكن أن تتحقق دون ترسيخ الانتماء في إلى الوطن في النفوس، وقد صاحب عصر النهضة نمو اقتصادي ملحوظ، بجانب إن السياسات الجديدة المتبعة حرصت على أن تكون هناك عدالة بتوزيع الثروات، الأمر الذي ارتقى بالمستوى المعيشي للأفراد، ومن كانوا في الماضي مستعبدون بأرضهم، صاروا أسياداً وملاكاً لها، وهذا كله عزز مشاعر الانتماء إلى الوطن بداخلهم، فتحققت وحدة الشعب الذي اجتمع لتحقيق هدف واحد، هو الارتقاء بالوطن والأمة وصنع الحضارة.

د) فتح نوافذ المعرفة :

بالعلم تنشأ الأمم وتحيا وترتقي، وكي يسمى عصر النهضة بذلك الاسم فكان لابد أن يكون العلم أحد أسسه ومقوماته، وقد اهتم رواد عصر النهضة بفتح آفاق المعرفة أمام الشعوب، وجعلوا من العلم جسراً ينتقلون فوقه من الظلمات إلى النور، ومن عمق التخلف إلى أوج التحضر والرقي، وكان الاعتماد الأكبر خلال عصر النهضة على العلوم التي تخلفت عن الحضارة اليونانية، وتم العثور على هذه المجلدات والمخطوطات بداخل الأديرة والكنائس، فتم ترجمتها إلى اللغات الأوروبية المحلية لتسهل قراءتها، وتم نسخ عشرات النسخ من كل كتاب وإيداعهم بالمكتبات العامة، لجعلها في متناول كافة الفئات والأطياف.

كذلك كان لسقوط القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية دوراً في إثراء الثقافة الأوروبية الناشئة في بداية عصر النهضة ،وذلك لإن مع اندلاع الحرب وسقوط القسطنطينية في أيدي العثمانيين، فر العلماء إلى خارجها وتوجه أغلبهم إلى دولة إيطاليا، وقد أخذوا معهم ما أمكنهم حمله من الكتب والمخطوطات الإغريقية، التي تُرجمت -هي الأخرى- في وقت لاحق إلى اللغات الأوروبية المحلية، واستفاد منها علماء عصر النهضة كثيراً بالدراسات الإغريقية واللاتينية، وقاموا بدراستها وتحليلها وإعادة إحيائها.

هـ) الفنون والعمارة :

الحديث عن عصر النهضة في القارة الأوروبية، لا يمكن أن يكون بمنأى عن ذكر الفنون والعمارة، فكل التحف واللوحات التي تذخر بها متاحف أوروبا اليوم، نسبة كبيرة منها ترجع إلى القرن التاسع عشر الميلادي، إي إنها قد نُفذت خلال عصر النهضة الأوروبي، فإن كانت الفنون هي الدليل الأكبر والأوضح على مدى الرقي الذي تبلغه الحضارات، فإن أوروبا خلال عصر النهضة بلغت قمة التحضر والرقي، ويكفينا ذكر اسماء أبرز الفنانيين الذين سطع نجمهم خلال عصر النهضة ،لنتبين مدى روعة الأعمال الفنية التي أنتجها ذلك العصر، فعلى رأس القائمة يأتي الإيطالي ليوناردو دافنشي، صاحب أغرب لوحات العالم لوحة الموناليزا أو جيوكاندا، كذلك النحات العظيم مايكل أنجلو هو أيضاً أحد رواد عصر النهضة، وجدير بالذكر إن الفن خلال حقبة عصر النهضة لقي دعماً كبيراً من الحكام، وعلى رأسهم لورينزو دي ميديشي حاكم فرنسا، والذي اهتم بالفن حتى لقب بالحاكم راعي الفنون.

Exit mobile version