الرئيسية الحقائق السياسة لماذا لم تعد بريطانيا أقوى دولة في العالم بعد أن كانت إمبراطورية...

لماذا لم تعد بريطانيا أقوى دولة في العالم بعد أن كانت إمبراطورية كبرى؟

0

قبل قرنين من الزمان كانت بريطانيا العظمي هي رائدة العالم، وبيدها زمام الأمور، ولم تستطيع أي دولة التغلب عليها عسكريًا أو اقتصاديًا أو بحريًا، وهذا ما ظهر جليًا في تدخلها المباشر في النزاعات والحروب التي كانت تحدث بين أي دولتين، بل وكانت جميع الدول تلجأ إليها وقت الأزمات لإدراكها، ولكن ما حدث من تراجع مكانتها وقلة سلطتها بدأ بانفصال الولايات المتحدة الأمريكية عنها، فقد نمت قوة أمريكا في غضون قرن ونصف فقط، وأصبحت هي المتحكمة في زمام الأمور ومجريات الأحداث العالمية، وما زاد الطين بلة هو النمو العسكري الرهيب الذي قامت به روسيا، هذا بجانب التطور الصناعي السريع في دولة الصين وألمانيا، وبذلك سحبت جميع الامتيازات من يد بريطانيا العظمى، وأصبحت بمثابة دولة ثانوية تأتي في المرتبة الرابعة أو الخامسة عالميًا، ونحن من خلال مقالنا هذا سنتعرف بالتحديد على أسباب التراجع البريطاني الكبير.

خسارة جزء كبير من أراضيها

لم تسمى بريطانيا بالعظمى من فراغ، بل يوجد سببين وهما قوتها ومكانتها العالمية، واتساع رقعتها الجغرافية، ومع انفصال الولايات المتحدة الأمريكية خسرت بريطانيا الكثير من أراضيها والتي كانت أحد أركان قوتها الهائلة، فقد بدأ هذا الانفصال في عام 1773 عندما امتنع الأمريكيين عن دفع الضرائب، وذلك لحجتهم بأنهم لم يشاركوا عن طريق مجالسهم في إقرار هذه الضرائب، فأصرت بريطانيا على جمع الضرائب بالقوة، بل وقامت باعتقال وقتل الكثيرين في ساحة بوسطة الأمريكية، مما أدى إلى نشوب حرب الاستقلال بعدها بسنتين فقط والتي راح ضحيتها الكثيرين من الأمريكان، فاضطرت بريطانيا إلى عقد معاهدة فرساي وبعدها مباشرة تم استقلال الولايات المتحدة، وبذلك خسرت بريطانيا جزء كبير من أراضيها نظير التعسف والقسوة في فرض ضرائب غريبة الشكل والمسمى، وكانت هذه الواقعة هي بداية الانهيار والتراجع البريطاني الكبير.

والذي تبعه الكثير من الأحداث الهامة التي غيرت من الرقعة الجغرافية للبلاد، أهمها انفصال أيرلندا عن بريطانيا في نهاية الربع الأول من القرن العشرين، فقد بقي الجزء الشمالي من أيرلندا بحوزة بريطانيا أما باقي أجزائها فأصبحت جمهورية مستقلة بذاتها، وهكذا خسرت بريطانيا شيئين أساسين الأول هو جزء كبير من أراضيها، والثاني هو خسارة جهد كبير من العاملين تحت إمارتها.

نمو قوة الولايات المتحدة الأمريكية سريعًا

بعد انفصال الولايات المتحدة الأمريكية بدأت في التوسع والتطور المستمر، والذي جعلها تسحب بساط الصدارة من بريطانيا في غضون مائة وخمسين عام فقط، فما جنته الأخيرة في آلاف السنين ذهبت نتائجه أدراج الرياح، حيث عملت الولايات المتحدة على تطوير الاقتصاد المحلي سريعًا وذلك لأن المال هو من سيجعلها تفعل كل شيء، وهذا ما حدث فعلًا بل وأصبح الدولار الأمريكي هو العملة الأكثر روجاً في العالم أجمع، هذا بجانب الهجرات الكثيرة التي حدثت من ألمانيا وروسيا وإسبانيا وبريطانيا ذاتها، فقد هاجر الكثيرين إلى أمريكا واستخدمتهم الحكومة أفضل استخدام، حتى أصبحت رائدة العالم في الفضاء والتكنولوجيا والتطوير وحقوق الإنسان والاقتصاد والصناعة والأسلحة، وهي من تساعد الدول النامية والفقيرة وتقرضهم من الأموال الفائضة لديها، وللأسف أغلب الدول العربية مقترضة منها إلى الآن، فلذلك يعد نمو قوة الولايات المتحدة الأمريكية هو من أهم عوامل اضمحلال قوة بريطانيا.

انتزاع بعض مستعمرات بريطانيا في أسيا وأفريقيا

كانت بريطانيا وقت مجدها وقوتها العظيمة تمتلك الكثير من المستعمرات في قاراتي أسيا وأفريقيا، ولكن مع تقدم ونمو الجانب العسكري في الكثير من الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا، استطاعت هذه الدول انتزاع بعض هذه المستعمرات من أيادي البريطانيين، وكان من أشهر مستعمراتها في أفريقيا مستعمرة الرأس في جنوب أفريقيا والتي كانت تضمن طريق التجارة البريطانية، ومستعمرة ناتال، بجانب المستعمرات التي أخذها سيسل رودس العنيد بالقوة مثل بتسوانا لاند والميتابلي وغيرها، وأما المستعمرات الأسيوية فكان أهما الشركة الهندية الشرقية البريطانية والتي كانت تمتلك الحق في احتكار التجارة الشرقية كلها، وعملت على إمداد الشعب البريطاني بالكثير من التوابل والشاي والمأكولات الأسيوية وغيرها، كل هذه المستعمرات انغلقت وانتزعت من بريطانيا ولم تعد لديها الحق في استغلالها مرة أخرى، سواء بسبب قوة الدول الأخرى أو بسبب بزوغ الروح القومية لدي السكان الأصليين للبلاد، وهكذا تراجع الدور المؤثر والقوي لبريطانيا العظمى.

بروز الصين وألمانيا للسوق المصنع

أما عن المجال الصناعي والاقتصادي فقد دخلت الصين وألمانيا السوق المصنع بقوة رهيبة حتى عدت الصين أكثر الدول المصنعة في العالم، وذلك بفضل تعدادها السكاني الأكبر في العالم والذي يتجاوز المليار وربع، وتنتشر البضائع الصينية في جميع أنحاء العالم بكثرة، وأشهر الشركات لديها هواوي المتخصصة في صناعة هواتف المحمول، وشركة لينوفو أيضًا، وشركة تي سي ال والتي تقوم بصناعة أجهزة التلفاز، وشركة سينوبك وهي متخصصة في الطاقة والنفط، وشركة علي بابا التجارية والتي تلي أمازون وإيباي الأمريكيتين في نسبة المبيعات، وشركتي هاربين وتشانجي المتخصصتين في صناعة الطائرات، هذا بجانب التصنيع العسكري القوي وامتلاكها للقوة النووية في جيش التحرير الشعبي الصيني، وعلى ذكر الجيش الصيني فهو يعد الجيش الأكبر عالميًا بتعداد مليوني ونصف جندي، ولذلك ومع كل ما ذكرناه وما لم نذكره قد أخذت الصين الضوء الصناعي سريعًا من يد بريطانيًا، بجانب دول مصنعة أخرى مثل ألمانيا وخاصة في صناعة السيارات، لتصبح بريطانيا دولة مستوردة ولا تتميز بصناعة أي شيء حاليًا.

تغلب القوة العسكرية الروسية على بريطانيا

بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عملت روسيا على نمو القوة العسكرية لها، ووجهت كل جهودها لذلك، حتى تغلبت روسيا على بريطانيا وأصبحت هي الأولي عسكريًا مع الولايات المتحدة الأمريكية، ويمتلك الجيش الروسي العديد من المصانع العسكرية والتي تقوم بإنتاج آلاف الأسلحة، وخاصة في القوة الأرضية فهي أضعاف الدبابات الأمريكية والبريطانية معًا، هذا بجانب المدافع والصواريخ هائلة العدد، وأيضًا القوة النووية الكبيرة التي جعلت الدول الأخرى تحسب لها ألف حساب، ومع نمو هذه القوة العسكرية في روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين، تضاءلت القوة البريطانية بدرجة كبيرة، ولا يخفى عنكم أن من يمتلك القوة العسكرية يتحكم في زمام الأمور وفي مجريات الأحدث العالمية، ولذلك اختفت القوة البريطانية ولم تعد أقوى دولة في العالم.

ختامًا

في الأخير يجب عليك معرفة أن بريطانيا العظمى كانت رائدة العالم لعدة قرون من الزمان، وقد كانت تتدخل في جميع شئون العالم دون سابق إنذار منها، وذلك نظرًا لما كانت تملكه من أسطول بحري قوي، واقتصاد لم يكن له مثيل، ولكن بدأ تدهورها مع نهوض الولايات المتحدة الأمريكية، أو بالأصح مع نهوض الولايات المتحدة تأخرت بريطانيا وانتقلت قوتها وسيطرتها إلى الولايات المتحدة، هذا بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى مثل قوة روسيا العسكرية، ودخول الصين وألمانيا إلى السوق المصنع بكل قوة وشراسة، مما جعل بريطانيا تفقد مكانتها وقوتها المعهودة في العالم.

الكاتب: أحمد علي

Exit mobile version