الرئيسية الحقائق الجغرافيا لماذا تسمية اليمن السعيد مرتبطة بدولة اليمن تحديدًا؟

لماذا تسمية اليمن السعيد مرتبطة بدولة اليمن تحديدًا؟

0

تُعتبر دولة اليمن السعيد واحدة من أكبر الدول العربية وأقدمها من حيث العراقة والتاريخ، والحقيقة أنه يكفيها شرفًا أن بلقيس ملكة سبأ قد اتخذتها مقرًا لحكمها في فترة من الفترات، وبالتالي فهي قد ظفرت بجزء من قصة النبي سليمان التي ذكرت في سورة النمل، وبغض النظر عن ذلك فهي تُعتبر من الدول القليلة التي استعصت على الغازي الفرنسي نابليون بونابرت، والذي غزى الكثير من الدول في وقت قصير وجعلها تابعة لدولته الأم فرنسا، عدا أن ثمة بعض الدول التي قاومت واستبسلت بشجاعة كبيرة ومنها اليمن، والواقع أننا إذا جلسنا لنتحدث عن تاريخ دولة اليمن السعيد فنحن بحاجة إلى مئات الكتب وآلاف المقالات، لكننا فقط سوف نكتفي بتسليط الضوء على نقطة تشغل البعض بقوة، وهي الأسباب التي أدت إلى تسمية اليمن السعيد بهذا الاسم، فدعونا نُغامر سويًا في السطور الآتية ونكشف الستار عن ذلك اللغز.

معلومات عن اليمن السعيد

قبل أن نكشف لكم الستار عن لغز التسمية الغريبة نحن بالتأكيد في حاجة إلى أمر بديهي ومنطقي في وضع كهذا، وهو أن نتحدث عن اليمن السعيد نفسها ونعرف من لا يعرف بها، فأولًا معنى اسم اليمن مقصود به قطعًا أرض الجنوب، جنوب أسيا تحديدًا أو جنوب شبه الجزيرة العربية، والمرادف لذلك المصطلح هو عبارة عن بلاد أخرى، وهو أرض الشمال أو أرض الشام كما نعرفها جميعًا، وهناك من قال إن اليمن مقصود به شيء واحد، وهو الوقوع على يمين الكعبة تمامًا، فهذا أمر يستحق الاحتفاء بالمناسبة عند العرب.

تُعد اليمن واحدة من أقدم الحضارات التي مر بها العالم في طريقه، فهي تسبق حضارة الشام وحضارة شبه الجزيرة العربية كذلك، وأكبر دليل على هذا أنه عند وجود سيدنا سليمان كانت اليمن حاضرة معه في قصته الشهيرة مع الملكة بلقيس، بينما أن شبه الجزيرة العربية لم يكن لها وجود من الأساس، عمومًا، تتواجد تلك الدولة في غرب أسيا، وعاصمتها كما نعرف جميعًا هي صنعاء، أما المساحة فهي حوالي نصف مليون كيلو متر مربع، بينما السكان يبلغون ثمانية وعشرين مليون نسمة، وعملة التعامل المادي في اليمن هي الريال اليمني، تلك هي أبرز المعلومات البديهي معرفتها.

اليمن السعيد قديمًا

بعيدًا عن الحضارات والثقافات والجغرافيا فإن اليمن السعيد ليست حديثة العهد في العراقة والازدهار، فالكثير من الحضارات قد تواكبت على ذلك البلد طوال فترة وجوده الطويلة، حكمها العرب والغرب وأهل الشام وكل حضارة ممكنة، وبالمناسبة، لقد دخل الإسلام دولة اليمن في الهام الثامن هجريًا، والحقيقة أنها تُعتبر من أسهل البلاد في الفتح، حيث لم تأخذ الكثير من الوقت حتى هدى الله شعبها إلى الإسلام، بعد ذلك كان أغلب أعلام المسلمين من هذا البلد، وهذا إن دل فيدل على الأصل الطيب لها والفرع المُزهر المُشرق.

الأمر الغريب الذي ربما لا يعرفه البعض أن اليمن السعيد قريبًا كان يُقال عنها أنها أصل العرب، فبالرغم من أن العرب والإسلام قد وصلوا إليها في العام الثامن من الهجرة إلا أن التاريخ يقول إنه مع انهيار سد سبأ حدثت بعض التغيرات الجغرافية في المنطقة أدت فيما بعد إلى ظهور شبه الجزيرة العربية التي كانت حاضنة للإسلام في بدايته، عمومًا الآن دعونا ندخل مباشرةً في إجابة سؤالنا الهام، لماذا سميت اليمن السعيد بهذا الاسم؟

لماذا سميت اليمن باسم اليمن السعيد؟

كانت اليمن تُعرف باسم اليمن فقط، وكان هذا الاسم هو الشائع والمنتشر بعدما توارد على اليمن الكثير من الأسماء، والتي كان أغلبها بفترة من الفترات التي مرت بها اليمن، لكن، وقبل قرون قليلة بدأ اسم اليمن يرتبط بوصف ربما يبدو غريبًا على أذهان العرب، وهو وصف السعادة، حيث عُرفت اليمن في أغلب المحافل الرسمية باسم اليمن السعيد، مما دفع البعض إلى البحث عن التسمية الغريبة تلك، كان السؤال واحدًا، وهو لماذا سميت اليمن السعيد بهذا الاسم؟ لكن الإجابة كانت تختلف من شخص إلى آخر، وكان التبرير الأول للاسم هو كون اليمن بلد غنية بالفترة.

السعادة بسبب الثراء

يعتقد البعض أن أسباب تسمية اليمن السعيد بهذا الاسم هو الثراء الذي كانت تنعم به، على الأقل قديمًا، حيث كانت نسبة الفقر في هذه البلد أقل بكثير من أي بلد عربي آخر، بل يُمكننا القول إنها كانت أقل من أي بلد عمومًا، والحقيقة أن أسباب غنى اليمن معروفة، فهي دولة تمتلك في باطنها فطريًا الكثير من المعادن وآبار البترول، بالإضافة إلى أن عدد السكان بها ليس كبيرًا، وهذا ما يجعلها لا تُعاني من خطر الزيادة السكنية الهائلة التي تفوق الإمكانيات، أي أن السعادة في الأصل مدفونة بداخل بطن تلك البلد، وهذا هو التبرير الأول للاسم من وجهة نظر البعض.

وجود سد سبأ

من ضمن الأسباب التي يُقال إن تسمية اليمن السعيد بهذا الاسم جاءت نتيجة لها أنها تملك بداخلها سد سبأ، أو العرم، أو مأرب، أو أي اسم آخر يُطلق على هذا السد العظيم الذي ذُكر في القرآن الكريم ودارت فيه واحدة من أعظم قصص القرآن الكريم، وهي قصة سيدنا سليمان مع الملكة بلقيس والهدهد، وطبعًا جميعنا يعرف ما حدث في تلك القصة من معجزات وما آلت إليه في النهاية، ومن المؤكد أن أمور كهذه يعتبرها الكثيرون مدعاةً للفخر وسببًا للشرف، تمامًا مثلما يحدث في مصر عندما يتعلق الأمر بجبل الطور الذي ذُكر في القرآن الكريم عند التحدث عن قصة نبي الله موسى، والواقع أنه لأمر نادر جدًا أن يتحدث القرآن عن مكان لا يزال خالدًا حتى الآن ويذكره باسمه في آياته.

القدرة على الصمود والاستبسال

أسباب تسمية اليمن السعيد بهذا الاسم تمتد لتشمل سببًا هام جدًا يُقال إنه من أقوى الأسباب التي قادت إلى الاسم، وهو قدرة تلك البلد الصغير على الصمود والاستبسال أمام المحتلين وعدم السماح للمحتل بدخول أراضيها في الكثير من المرات، لكن أشهر مرة على الإطلاق هي تلك التي حدثت في القرن الثامن عشر، وذلك عندما حاول القائد الفرنسي نابليون بونابرت احتلال اليمن في طريقه لاحتلال الشام وشبه الجزيرة العربية وكل منطقة موجودة في الشرق الأوسط.

تمكن نابليون من احتلال بعض الدول بالفعل، بل إن ذلك قد حدث بسهولة شديدة، لكن، عندما وصل الأمر إلى اليمن السعيد تمكن الشعب باستبسال الزود عن المدينة وإعادة نابليون إلى أدراجه مرة أخرى مُنتكسًا، ويذكر التاريخ أن نابليون في هذا الوقت قد قال كلمة شهيرة عن اليمن، وهي أنها سعيدة ما دام لن يتمكن من دخولها، وستظل كذلك ما دام ذلك الشعب العتي موجود بها ويحرسها.

القرابة الشديدة من الكعبة

أيضًا من ضمن الأسباب القوية التي يُقال أن اليمن قد سميت باسم اليمن السعيد بسببها هو ذلك السبب الذي يتعلق بوجود الكعبة بالقرب منها، والحقيقة أن اليمن تُعد من أقرب الدول لمكة المكرمة أو شبه الجزيرة العربية بشكل عام، حيث لا يأخذ الحجاج اليمنيين وقتًا طويلًا حتى يجدوا أنفسهم في بيت الله الحرام، في الوقت الذي قد يضطر فيه حجاج البلاد الأخرى السفر لساعات وساعات حتى يتمكنوا من الوصول إلى الأراضي المقدسة، وطبعًا اليمن ليست البلد الوحيد القريب من مكة، لكننا نتحدث هنا عن كونها الأقرب، وهذا أمر يستحق السعادة مهما بدا بسيطًا بالنسبة للبعض.

قلة المجرمين واللصوص

ثمة أمر غريب اشتهرت به اليمن السعيد منذ فترة وكان بالطبع سببًا كبيرًا في تسميتها بهذا الاسم، هذا الأمر الغريب هو ندرة قطاع الطرق واللصوص والمجرمين، فكما نعرف، كل بلد من المفترض أن يكون بها نسبة لا تقل عن العشرة بالمئة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى العشرين بالمئة، من المجرمين واللصوص وقطاع الطرق، تلك النسبة تُسبب صداعًا للدولة بالمعنى الحرفي وتكون وصمة عار عليها، وهذا الأمر موجود في كل بلد، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، لكن اليمن كانت حتى وقت قريب تمتلك نسبة نادرة جدًا من تلك أو تكاد تكون معدومة، وقد قيل أن حدوث الزلزال في اليمن أكثر إمكانية من حدوث جريمة قتل أو اغتصاب، لكن ذلك الأمر قد تغير بكل أسف.

وحدة شعب اليمن

يُقال كذلك أنه من ضمن أسباب تسمية اليمن السعيد بهذا الاسم، على الأقل قديمًا، أنها كانت أرض موحدة بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، فبالرغم من وجود بعض الأديان والثقافات المختلفة إلا أن تاريخ اليمن القديم لا يشهد على أي حرب أهلية أو حروب دامية أدت إلى خسائر فادحة، بكل كانت تلك الدولة طوال الوقت يد واحدة في مواجهة أي عدو خارجي، وها نحن الآن نقول إنه لم يكن ثمة عدو داخلي بسبب الوحدة، وسبحان الله، بين عشيةٍ وضحاها، وتحديدًا مع نهاية القرن المنصرم وبداية القرن الجديد، تغيرت الأمور تمامًا وأصبح كل شيء على النقيض تمامًا، فلم تعد اليمن سعيدًا ولا متوحدًا ولا متماسكًا في وجه الأعداء، بل صارت بلد هش، ويُمكن القول بكل ثقة أنها الآن تمر بتناقضات اسمها، وأصبحت بكل أسف تُسمى اليمن التعيس!

تناقضات الاسم حاليًا

بالتأكيد كافة الأسباب التي ذكرناها حاليًا لتسمية اليمن السعيد بهذا الاسم أصبح نقيضها فقط هو المتوفر، فلم يعد اليمن الآن سعيدًا تمامًا مثلما هو الحال مع أي دولة عربية أخرى، أصبحت اليمن موطن للخلافات والفرق المتنازعة على حكم وتقطيع ذلك البلد، انتشر الفقر والخراب، ووضع الغرب أصابعهم الكبيرة من أجل التفريق، ولن نكون جائرين إذا قلنا أنهم بكل أسف قد نجحوا في تنفيذ ذلك المُخطط الوقح، فكانت اليمن فرق وجماعات متنازعة، لا أحد يعرف لماذا التنازع وعلى أي شيء، وذلك على الرغم من أن اليمن في الأصل بلد صغير الحجم وعدد السكان، لكن البعض الآن يُنادي بتقسيمه إلى عدة دويلات، وطبعًا أنتم تعرفون ما الذي سيؤول إليه الأمر فيما بعد.

اليمن السعيد لم يعد سعيدًا، وهذا أمر يُدركه في المقام الأول أبناء اليمن، تلك الدولة التي تملأها الثورات والنزاعات، والحقيقة أنه في العشر سنوات الأخيرة قد قام بعض المنتفعين من استغلال ثورة اليمن الصادقة على الحكم الجائر وتحويلها إلى حرب أهلية بين أبناء اليمن، عمومًا لا يزال ذلك الوطن في حاجة إلى سماع صوت أبناءه من العقلاء الذين ربما يكون بمقدورهم فعل الأمر الذي ينتظره الجميع، وهو إعادة اليمن السعيد سعيدًا من جديد.

Exit mobile version