الرئيسية العملي لماذا سجن ألكتراز هو الأشهر في التاريخ ؟

لماذا سجن ألكتراز هو الأشهر في التاريخ ؟

0

سجن ألكتراز هو السجن الأشهر في التاريخ، والذي كان مصدر إلهام للعديد من صناع السينما والدراما، فأفلام ومسلسلات عالمية مثل “الصخرة” و”بريزون بريك“، جميعها أحداثها مستوحاة من ذلك السجن المحاط بالغموض، ومؤخراً تم إنتاج مسلسل يحمل اسم السجن “ألكتراز”، لكن كل القصص التي وردت بهذه الأعمال، خالطت الحقيقة فيها خيالات المؤلف وتصوراته.. فما هي حقيقة سجن ألكتراز ؟.. ذلك السجن الذي فشلت 14 محاولة هروب منه، قام بها أكثر من 36 سجنياً، والوحيد الذي تمكن من تجاوز أساوره لا يزال مفقود، وأغلب الظن أنه قد مات متجمداً بمياه الخليج.

سجن ألكتراز .. شبح المجرمين الأكبر :

عتاة الإجرام وأفراد العصابات، عادة ما يتباهون بأنه ليس هناك ما يمكن أن يخيفهم، إلا أن سجن ألكتراز قد فعل ذلك، بل أنهم لم يستطيعوا إنكار ذلك، وأقروا بأن ما كان يصل إليهم من قصص حول ذلك السجن، جعلته يشكل بالنسبة لهم شبحاً مرعباً.. فما قصة إنشاء ذلك السجن؟ ولماذا تمت إقامته ومتى كان ذلك؟

 الجزيرة قبل سجن ألكتراز :

جزيرة ألكتراز الشهيرة والتي تعد اليوم واحد من أشهر المزارات السياحية، لم تكن دوماً على ذلك الحال، فلم تكتسب شهرتها هذه إلا بسبب إقامة سجن ألكتراز على أرضها، لكن قبل ذلك ترى كيف كان حال تلك الجزيرة؟.. قبل بناء سجن ألكتراز لم تكن الجزيرة مُعمرة، كانت مهجورة تماماً، فبسبب ارتفاع درجة الملوحة بالمياه المحيطة بها، أستحالت الحياة عليها، فلم يبق عليها سوى أسراب طيور النورس المتغذية على أسماك الخليج القريب، وكانت حتى ذلك الحين تتبع إدارتها حكومة دولة المكسيك، وفي عام1847م أراد حاكم ولاية كاليفورنيا أن يشيد منارة لإرشاد السفن، ووجد أن تلك الجزيرة تعتبر موقعاً مثالياً لإقامة منارته المُطلة على ساحل الباسيفيك، فقام بعقد صفقة مع الجانب المكسيكي تم بمقتضاها انتقال ملكية الجزيرة إلى الولايات المتحدة.. موقع الجزيرة الفريد جذب الأنظار إليه، وكان ذلك سبباً في توقف عمل منارة الباسيفيك، إذ بعد ذلك بفترة وجيزة تولى الجيش الأمريكي إدارة الجزيرة، واستغلها في إقامة ثكنات لمبيت الجنود.

سجن ألكتراز الأول :

شهدت جزيرة ألكتراز نوعين مختلفين من السجون، العجيب أن كلا النوعين كانا مشددان الحراسة، وكلاهما استخدم ذات المباني -المقامة بالجزيرة- لاحتجاز السجناء، و سجن ألكتراز الأول أو أول سجن أقيم على الجزيرة، كان سجناً حربياً، حيث قامت وزارة الدفاع الأمريكية خلال عام 1859م، بتغيير طبيعية انتفاعها بأرض جزيرة ألكتراز، فرأت أن استغلالها كمجرد ثكنات لمبيت الجنود يعد إهداراً لمساحتها، فقامت بتحويلها إلى سجناً حربياً، اشتهر في زمنه باسم ” سجن الكتراز ” نسبة إلى اسم الجزيرة، رغم أن ذلك المسمى لم يكن الاسم الرسمي للسجن، الذي استمر في العمل طوال الفترة ما بين عامي 1859م و1933م، ثم تم إغلاقه كلياً وإيقاف نشاطه، تمهيداً لإقامة سجن ألكتراز الثاني.

سجن ألكتراز الثاني :

النمط الثاني من أنماط السجون التي شهدتها تلك الجزيرة، كان يتمثل في سجن ألكتراز الخاص بالمدنيين، والذي تم افتتاحه في ذات الفترة الذي أغلق بها السجن الحربي تقريباً، وذلك بانتقال سلطة إدارته من وزارة الدفاع الأمريكية إلى وزارة العدل، والتي قامت بدورها بالإعلان عن تحول جزيرة ألكتراز بكامل مساحتها ومبانيها، إلى أحد السجون المشددة الحراسة التابعة للسلطات الفيدرالية، وتم إطلاق اسم ” سجن ألكتراز ” رسمياً على السجن الفيدرالي الجديد، الذي أُعِد من البداية ليكون سجناً مختلفاً عن السجون التقليدية، سجناً قلما عرف التاريخ سجوناً مثله.

سجن ألكتراز سجناً تأديبياً :

سجن ألكتراز تشييده لم يكن بغرض احتجاز المذنبين وعزلهم عن المجتمع، فذلك الهدف يتحقق من خلال السجون التقليدية الأخرى، أما سجن إلكتراز فلم يكن ينتمي لذلك النمط من السجون.. الغرض الرئيسي من سجن ألكتراز هو أن يكون سجناً تأديبياً، وأن يكون مكاناً لجمع حثالة المجرمين وأكثرهم شراسة وأشدهم خطورة، الذين قاموا بأعمال شغب داخل السجون الأخرى، أو حاولوا التمرد على لوائحها وقوانينها، فهؤلاء العصاة بكافة السجون المنتشرة بامتداد مساحة الولايات المتحدة الأمريكية، كانوا يرسلون إلى مكان واحد وهو سجن ألكتراز التأديبي، إذ كان من المعروف أن انتقال السجين إلى سجن ألكتراز ،يُعني أنه بذلك قد نال أقسى وأشد أنواع العقاب، وأطول مدة قضاها سجين داخل سجن ألكتراز ،كان تتراوح ما بين 8 : 10 سنوات تقريباً، وبعدها يتم إعادته مرة أخرى إلى السجن الذي ورد منه، ولكنه يعود إلى حياة السجن منضبطاً مستسلماً لها، بعد أن فقد الأمل في التحرر من حياة السجن، وبالتالي يكف عن عصيان الأوامر ومحاولات الهروب.

الحرمان أشد أنواع العذاب :

آليات البطش والتعذيب داخل سجن ألكتراز كانت متعددة، وهذا أمر معلاً ولا تنكره الإدارة الأمريكية ذاتها، بل أن بعض الآلات والأدوات التي كانت تستخدم لتعذيب السجناء، يتم عرضها للجمهور حالياً عند زيارتهم لجزيرة سجن ألكتراز ،كمجموعة من مقتنيات المزار السياحي.. ورغم كثرة وسائل التعذيب هناك، إلا أن كل من قُدر له المكوث لفترة داخل سجن ألكتراز ،أكد على أن كان هناك ما هو أشد قسوة من اقتلاع الأظافر وتحطيم الأسنان، وأن ذلك الشيء هو مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، التي كان يفصلها علن بناء سجن ألكتراز حوالي ميل وربع فقط.

وأقر جميع نزلاء سجن ألكتراز ،بأن قربهم من تلك المدينة الأمريكية كان سبباً في شقاءهم، وذلك لأنها كانت تحفز تطلعهم الغريزي تجاه الحرية، ففي ليالي الأعياد أو المناسبات، كان يمكن لنزلاء سجن ألكتراز مشاهدة أضواء المدينة الساطعة، ومن موقعهم يسمعون الموسيقى الصاخبة المصاحبة للاحتفالات، وهم خلف القضبان بائسون بينما هناك غيرهم ينعمون بالحرية والبهجة، ولذلك كانت هي الوسيلة الأشد قسوة، فبينما الوسائل الأخرى تعذيبها يقتصر على البدن، كانت تلك الوسيلة تعذب الروح والنفس.

تأمين سجن ألكتراز :

صُمم سجن ألكتراز بالشكل الذي يجعل الهروب منه مستحيلاً، حيث تم تأمينه بنمطين مختلفين من أنماط التأمين، هما التأمين التقليدي المعتمد على العناصر البشرية، بالإضافة إلى أن الطبيعة الجغرافية للمكان زادت الهروب منه صعوبة، بل إنها جعلت من سجن ألكتراز سجناً محصناً، والهلاك مصير كل من يحاول تجاوز أسواره، ومن ثم يمكن تقسيم وسائل تأمين سجن ألكترازا إلى نوعين، هما:

  • وسائل التأمين الطبيعية : جغرافيا المنطقة المحيطة ببناء سجن ألكتراز ،جعلته أكثر تحصينياً من أي سجن آخر، فبداية سجن ألكتراز مُقام أعلى مرتفع صخري شاهق، تضاريسه وعِرة وطرقه متعرجة، وإذا فرضنا جدلاً أن هناك من بإمكانه هبوط ذلك المرتفع، فإنه سيكون عليه بعد ذلك عبور خليج سان فرانسيسكو، والذي يُعرف بانخفاض درجة حرارة مياهه، وكذا انتشار أسماك القرش في محيطه.
  • وسائل التأمين الصناعية : وسائل تأمين سجن ألكتراز الصناعية كانت متعددة، وأيضاً كان مغالى بها، فبداية كانت قوة تأمين السجن تتألف من أكثر من 90 حارساً، جميعهم يطوفون طوال الوقت في دوريات في محيط السجن، وكل بضعة ساعات يقومون بإجراء إحصاء لعدد السجناء، أما خارج المبنى فكان هناك 6 أبراج مراقبة مرتفعة، مووزعة بالشكل الذي يسمح لها بكشف مسطح الجزيرة والخليج بالكامل، وبالطبع كان حراس سجن ألكتراز ،لديهم تصريح مسبق باستخدام الرصاص الحي ضد أي سجين يحاول الهرب.

آل كابوني أشهر سجناء ألكتراز :

الشر له أباطرته، وهؤلاء الأباطرة استحقوا أن يكونوا في مكان يليق بهم، وكان ذلك هو الهدف الأساسي من إقامة سجن ألكتراز ،الذي ضم بداخله حوالي 378 زنزانة منها حوالي 40 زنزانة انفرادية، وخلال فترة عمل سجن ألكتراز ،شهدت هذه الزنزانات عدد كبير من أخطر المجرمين ورجال العصابات في تاريخ البشرية، مثل جورج كيللي وروبرت ستراود وغيرهما.

أما أشهر نزلاء سجن ألكتراز على الإطلاق، فهو ألفونس جبرائيل والذي يعرف باسم الشهرة “آل كابوني”، وهو بدأ حياته عضواً بعصابات المافيا الأمريكية، ثم تقلد زعامة إحدى المنظمات الإجرامية الكبرى، والتي حملت اسم منظمة فرسان شيكاغو، وعند إلقاء القبض على آل كابوني، تخوفت السلطات الأمريكية من أن يهاجم أتباعه السجن محاولين تهريبه، فما كان منهم إلا أن أودعوه سجن ألكتراز مشدد الحراسة.

Exit mobile version