الرئيسية الحقائق السياسة لماذا انقسمت دولة كوريا إلى دولتين شمالية وجنوبية؟

لماذا انقسمت دولة كوريا إلى دولتين شمالية وجنوبية؟

0

في الخامس والعشرين من يونيو عام 1950 بدأت شرارة الحرب الأهلية الكورية التي أدت لانقسام دولة كوريا إلى دولتين شمالية تحت قيادة الاتحاد السوفيتي وجنوبية تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وكان دخول هاتين الدولتين الأوروبيتين بعد إخراج الاستعمار الياباني من الأراضي الكورية، وذلك بعدما انتصرت دول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية التي انتهت في الخامس والأربعين من القرن العشرين، فقد كانت أمريكا ومعها روسيا في تحالف واحد مع الكثير من الدول الأخرى ضد دول المحور التي كانت الدولة اليابانية أحد أعضائه، وبعد انتصار الحلفاء تمكنوا من إخراج اليابان من دولة كوريا ثم تقاسموها إلى جزء شمالي وجنوبي، ولكن حكومة كلا الدولتين الكوريتين لم يرضوا بهذا التقاسم وحاولوا الاستيلاء على الجزء الأخر لكي تصبح دولة موحدة، وهذا التوحيد لم يكن قائم على الحب وحاجة الدولتين لبعض بل كان تحت نية القضاء على الحكومة الأخرى أي ما يشبه الاستعمار، ولذلك حدثت الحرب الكورية التي شنتها كوريا الشمالية لكي يبدأ انقسام الدولتين فعليًا إلى يومنا هذا.

خروج اليابان من دولة كوريا

لأكثر من خمسين عام تقريبًا كانت القوات اليابانية هي القابضة على زمام الأمور في دولة كوريا بأكملها، وكانت الحكومة اليابانية تعامل الكوريين ببعض الوحشية التي حاول الكوريين صدها مرارًا وتكرارًا ولكن الأمور معقدة بعض الشيء، وقبيل بدء الحرب العالمية الثانية انضمت أغلب الدول الكبرى في العالم إلى معسكرين كبيرين الأول يسمى دول الحلفاء والثاني دول المحور، أما عن دول الحلفاء فكان مكون من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وفرنسا والصين والمملكة المتحدة وبولندا وأستراليا وبلجيكا وبعض الدول الأخرى التي ساعدت بالقليل، وضم معسكر دول المحور ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابان وبلغاريا والمجر ورومانيا وبعض الدول الأخرى أيضًا، وتمكنت دول الحلفاء من الانتصار في تلك المعركة والتي كانت فيها اليابان أحد الدول الخاسرة.

ولذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية مع حليفتها الاتحاد السوفيتي بطرد اليابانيين من الدولة الكورية، وحاول اليابانيون منع ذلك الأمر ولكنهم لم يقدروا على ذلك فأغلب قواتهم الحربية قد انتهت وما بقي منها لا يقدر على الصمود أمام هذه القوات العظمى، ولذا كان لابد من التسليم والخروج بدون أي قتال أو خدع، فكان هذا هو العامل الأول في تقسيم دولة كوريا إلى دولتين شمالية وجنوبية.

دخول الاتحاد السوفيتي وأمريكا لكوريا

بعد خروج القوات اليابانية من دولة كوريا دخلت كلًا من روسيا وأمريكا البلاد واقتسموها فيما بينهم، فأخذ الاتحاد السوفيتي الجزء الشمالي وأخذت الولايات المتحدة الجزء الجنوبي من كوريا، وقد كانت القوات الروسية قادرة على أخذ دولة كوريا بأكملها ولكنهم التزموا بالاتفاقيات التي كانت بينهم وبين الأمريكان لأنهم كانوا حلفاء في الحرب الأخيرة، فأخذ الروس الجزء الشمالي من دولة كوريا حتى خط طول ثماني وثلاثين درجة، وأخذت القوات الأمريكية الجزء الجنوبي من البلاد حتى الحدود البحرية اليابانية، واتفق الجانبين على إدارة البلاد لمدة أربعة سنوات فقط ثم بعدها تتمتع كوريا بالحكم الذاتي وتخرج الدولتين منها.

ومن الشروط التي جاءت في اتفاقية الحكم أن يدير القسمين رجال من الأصل الكوري فقط وتشرف عليهم الدولتين من الأعلى لكي يتعودوا على الحكم بعد خروج الروس والأمريكان من دولة كوريا، ولكن هذا ما لم يحدث فقد حاولت السلطات الأمريكية والروسية زج بعض رجالها والموالين لفكرتها والخطط التي تسعى إليها كل دولة منهما وهذا ما رفضه الشعب الكوري رفضًا قاطعًا وعم الغضب أرجاء البلاد لمدة ثلاثة أعوام متتالية.

غضب دولة كوريا الجنوبية من الحكم الأمريكي

قامت أمريكا فور تسلمها للحكم باتخاذ بعض القرارات التي تتعلق بكوريا الجنوبية أهمها إعادة القادة والإداريين اليابانيين والكوريين الذين كانوا في وظائفهم أثناء الاستعمار، وهذا ما استغرب منه الشعب الكوري الجنوبي ولم يتفهم ما المغزى من هذا القرار المفاجئ والرجعي، هذا بجانب رفض السلطات الأمريكية الاعتراف بأي تنظيم سياسي قد نشأ في نهاية الفترة الاستعمارية اليابانية، وهذا ما أدى لظهور الكثير من الاحتجاجات والثورات على الحكم الأمريكي الذي أعاد الكرة مرة أخرى عليهم، فقد خرجت بعض الجماعات اليمينية ثائرة ضد التشريعات والقوانين التي أقرتها اتفاقية موسكو بالرغم من أن السلطات الأمريكية هي من أقرت هذه الجماعات وسمحت لها بالظهور، وقد كانت هذه الجماعات تسعى للقضاء على التدخل الأمريكي لأنها عانت كثيرًا من ظلم اليابانيين حتى باتت رافضة تمامًا لأي استعمار أو تدخل أجنبي.

فخرجت الكثير من الثورات التي قابلتها الحكومة الأمريكية بكل شدة وعنف حتى راح ضحيتها ما يقارب المائة ألف كوري جنوبي، وخاصة في مناطق يوسو وجوجو لأنه حدث فيهما الكثير من التمردات والاضطرابات، ولذا كان لابد من إنهاء هذه الاحتلال والانفصال في أسرع وقت.

الحرب الأهلية الكورية

بدأت الحرب الأهلية الكورية التي كانت هي العامل الرئيسي في تقسيم دولة كوريا إلى جزئيين شمالي وجنوبي، حيث أن الرئيس كيم أيل الشمالي وريي الجنوبي كانا يطمحان في توحيد كل الأراضي الكورية تحت حكم واحد منهم فقط، وهذا أمر جيد ولكن النية هي القضاء على الطرف ألأضعف ولذا بدئوا في تجهيز الجيوش وحشد الجنود الأجنبية من الصين والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت كوريا الشمالية الحرب بشن أولى غاراتها على الحدود الجنوبية بعد الخط الثامن والثلاثين وذلك في صبيحة اليوم الخامس والعشرين من شهر يونيو عام 1950، وكانت القوات الشمالية تمتلك أسلحة سوفيتية ثقيلة وخطيرة للغاية بجانب الجنود المشاركين من الصين وروسيا، في حين أن الجنوبيين كانت قوتهم ضعيفة بعض الشيء ولذا تمكن الشماليين من إحراز النصر في الهجمة الأولى، فخرجت أمريكا منتفضة وأرسلت بعض من فرقها العسكرية ولكنها منيت هي الأخرى بالهزيمة.

واستمر الشماليين في التقدم نحو الجنوب بكل ضراوة وإقدام حتى قامت القوات اليابانية بمساعدة الأمريكان بضخ الكثير من الفرق والدبابات والطائرات الحربية إلى محيط كوريا الجنوبية حتى تمكنوا من استعادة البلاد وإرجاع الشماليين إلى ثكناتهم، وبعدها تقدمت القوات المتحدة إلى كوريا الشمالية وتمكنت من غزوها وتلقينها درسًا قاسيًا حتى راح ضحيتهم الآلاف من الشماليين، وهذه تعتبر هي نهاية دولة كوريا وبزوغ نجم كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

محاولة توحيد دولة كوريا أو الانفصال بسلام

حاول الاتحاد السوفيتي ونظيره الأمريكي توحيد دولة كوريا كلها أو الانفصال بدون مناوشات أو عداء بين القسمين، ولكن لم يرضى الشعب الكوري بذلك ولم تستطع أي معاهدة إنهاء تلك الأزمة إلى يومنا هذا، فمازال النزاع الحدودي بين كلا الدولتين مستمر وتحصل بعض المناوشات على الخط العرضي الثامن والثلاثين، ناهيك عن الهجمات السرية التي يقوم بها كلا الجيشين بعيدًا عن أنظار الأعلام والشعب، وهذه الخسائر التي بلغت المليون وربع هي عبرة لكل دولة تنازع نفسها بنفسها وتحاول الانقسام عن الدولة الأم.

الكاتب: أحمد علي

Exit mobile version