الرئيسية الفن لماذا أحدث فيلم IT ضجة سينمائية كبيرة؟ وما أسباب نجاحه؟

لماذا أحدث فيلم IT ضجة سينمائية كبيرة؟ وما أسباب نجاحه؟

0

أحدث فيلم IT ضجة كبيرة منذ طرحه -قبل أسابيع- في دور العرض السينمائية حول العالم، وقد تصدر الفيلم شباك التذاكر العالمي ونال إعجاب المشاهدين وحظي بإشادة كبيرة من النقاد، ويعد فيلم IT أول فيلم رعب يتمكن من تصدر قائمة أعلى الإيرادات منذ فترة طويلة، فترى لماذا حقق الفيلم ذلك النجاح؟ وما الذي يميزه عن أي فيلم رعب آخر؟

مقومات نجاح فيلم IT :

تضمن فيلم IT العديد من العوامل التي كفلت له النجاح والتميز وكانت سبباً رئيسياً في زيادة الإقبال عليه ومن أبرزها ما يلي:

نوستالجيا الحنين إلى الماضي :

لعب صناع فيلم IT ببراعة على وتر النوستالجيا أو الحنين إلى الماضي، حيث أن النسبة الأكبر من المشاهدين -مواليد فترة السبعينات وحتى فترة التسعينات- لديهم ذكريات عديدة مع المهرج المرعب بيني وايز الذي سبق تقديمه من خلال مسلسل تلفزيوني قصير في عام  1990 ولعل ذلك هو سبب تركيز الفيلم على مخاوف الطفولة كأنه يتعمد تذكير المشاهد بمشاعره حين التقى ذلك المهرج عبر الشاشة في المرة الأولى!

بالإضافة إلى ذلك فإن أحداث الفيلم تدور في آواخر الثمانينات وتحديداً عام 1988م، وقد برع المخرج في تجسيد مظاهر تلك الفترة الزمنية وكل عنصر كان يتضمنه الكادر كان يعبر عنها بدقة، ابتداءً من مظهر الملابس والمنازل وصولاً إلى طراز الوسائل التكنولوجية وحتى المفردات المستخدمة في الحوار، وقد كان ذلك سبباً في انجذاب الجماهير -ممن عاصروا تلك الفترة في الواقع- إلى الفيلم.

السند الروائي :

تنجح الأعمال التلفزيونية والسينمائية المأخوذة عن مصادر أدبية في جذب المشاهدين، دليل ذلك نجاح سلسلة أفلام هاري بوتر وكذلك مسلسل صراع العروش Game of Thrones وفيلم ذهب مع الريح Gone With The Wind وغيرهم الكثير، وكلما ازدادت شهرة مؤلف النص الأصلي كلما زادت درجة ترقم الجماهير للعمل.

فيلم IT مأخوذ عن رواية من جزئين للكاتب الأمريكي ستيفن كينج وهو أحد أشهر كتاب الرعب والتشويق في العالم، وقد سبق استغلال الفن السابع للعديد من رواياته وتحويلها إلى أفلام ومن أبرزها فيلم الخلاص من شاوشانك The Shawshank Redemption وفيلم The Shining من بطولة جاك نيكلسون وعلى الرغم من آخر الأفلام المقتبسة عن أعمال كينج تلقى العديد من المراجعات النقدية السلبية وهو فيلم The Dark Tower إلا أن الجماهير لم تفقد ثقتهم به وكان تواجد أسمه في صدار المواد الدعائية الخاصة بفيلم IT سبباً مباشراً في زيادة معدلات الإقبال عليه خلال أيام عرضه الأولى.

التوازن بين الرعب والدراما :

يحتوي فيلم IT كافة المقومات الأساسية اللازمة لتكوين فيلماً سينمائياً ينتمي لتيمة أفلام الرعب، إلا أن صناع الفيلم اتخذوا قراراً واضحاً بأن يجعلوا الفيلم أكثر ثقلاً وتكاملاً، وبالتالي فإن اهتمامهم لم يكن مركزاً على جانب الرعب وحده، بل على العكس قد تكون المواقف المرعبة في الفيلم -رغم توفرها- أقل من المتوقع أو المتعارف عليه في الأفلام من هذا النوع.

فيلم IT لا يقدم الرعب من خلال مجموعة صور مفزعة مقسمة على مشاهد متلاحقة فحسب، بل أن الرعب في هذا الفيلم نابع من قصة أكبر وأعمق، حتى أن تركيزه الأكبر على شخصيات الأطفال وليس على شخصية المهرج بيني وايز والذي يمثل مصدر الرعب الرئيسي ضمن الأحداث، وقد ساعد ذلك في زيادة درجة تفاعل المشاهد مع الأبطال وبالتالي ضاعف من درجة رعبه في المشاهد الصادمة.

اكتساب تعاطف الجمهور :

أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تحقيق فيلم IT ذلك النجاح الساحق على المستويين النقدي والجماهيري، هو تمكنه من اكتساب تعاطف المشاهدين مع شخصياته ابتداءً من المشاهد الأولى للعمل، والسر في ذلك يرجع إلى انتماء أبطال العمل بالكامل إلى فئة الأطفال، وذلك على عكس أغلب أفلام الرعب الأخرى التي غالباً يكون أبطالها أشخاص بالغين بل وفي بعض الأحيان يكونوا أشخاصاً غير أسوياء الأمر الذي يفقدهم تعاطف الجمهور بدرجة كبيرة.

مشاهد فيلم IT يجد نفسه -رغماً عنه- متوحداً مع شخصياته متفاعلاً مع ما يمرون به من أحداث وتتضاعف درجة توتره وقلقه حول مصائرهم مع تصاعد الأحداث والاقتراب من النهاية.

طبيعة الخصم أو مصدر الرعب :

ساهمت الخلفية الغامضة لشخصية الخصم الرئيسي ضمن الأحداث في زيادة درجة الرعب لدى المشاهدين، حيث أن شخصية بيني وايز “المهرج” والتي تعد مصدر الرعب الرئيسي ضمن أحداث الفيلم تتسم بدرجة عالية من الغموض، وهو ما ساهم في رفع درجة القلق والتوتر أثناء متابعة المشاهد، حيث أن المشاهد يعلم أنه يواجه خطر من نوع ما لكنه لا يعرف طبيعة ذلك الخطر بالتحديد فلا أحد يعلم إن كان بيني وايز وحشاً أم شبحاً أم غير ذلك من المخلوقات الغريبة المتعارف عليها في مثل هذه الأنواع، والأهم أن غموض ماضي شخصية بيني وايز في فيلم IT لم يؤثر على جودة البناء الدرامي الخاص بها.

الرسالة من وراء الفيلم :

جرت العادة على تحمل أفلام الرعب أي رسائل ضمنية من أي نوع وهي في واقع الأمر غير مطالبة بذلك، فإذا حقق الفيلم المتعة للمشاهد وسحبه إلى خارج عالمه وجعله يعايش تجربة فريدة وغريبة لمدة ساعتين تقريباً فذلك يعني أنه نجح في مهمته على الوجه الأكمل، لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافياً لإرضاء طموحات صناع فيلم IT

تسلط أحداث فيلم IT الضوء على ظاهرة العنف ضد الأطفال وآثارها النفسية، كما أن الفيلم يوجه رسالة مباشرة أخرى إلى المشاهد وهي ضرورة اكتشاف الشخص لمخاوفه الخاصة ومواجهتها إذ أن ذلك هو السبيل الوحيد للتخلص منها والتمكن من مواصلة الحياة.

فيلم معاصر على الطراز القديم :

لا يخفى على أحد أن مستوى أفلام الرعب التي تنتجها هوليوود قد تراجع بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية، فعلى الرغم من تطور تقنيات صناعة الخدع البصرية والمؤثرات إلا أن الأفلام أصبحت تفتقد للمسات الفنية التي امتازت بها أفلام الرعب التي تم إنتاجها خلال فترة السبعينات والثمانينات.

يمكن القول بأن فيلم IT هو أول فيلم رعب يتمكن من الاستفادة من الطفرة التي شهدتها آليات صناعة السينما في السنوات الأخيرة دون الإخلال بمقومات فيلم الرعب الأصلية والتي كانت سبباً رئيسياً في نجاح أفلام العقود الماضية، حيث أن الفيلم اعتمد على حبكة قوية وقصة ذات بناء متماسك خالية من التحولات غير المنطقية أو الحلول غير المبررة وذلك هو الفخ الذي سقطت به أغلب أفلام الرعب الحديثة.

الأداء التمثيلي التلقائي والمتزن :

في النهاية لا يمكن الختام دون الإشارة إلى الأداء التمثيلي الرائع والمتقن والمبهر، حيث أن أبطال العمل الرئيسيين تمكنوا من التعبير عن شخصياتهم وعكس دوافعهم وخلفياتهم بصورة مبهرة على الرغم من صغر سنهم؛ إذ أن أعمارهم تتراوح ما بين 12 : 16 عاماً فقط، وكذلك الأمر بالنسبة للمثل بيل سكارسجارد الذي جسد شخصية المهرج المرعب وقد اتهمه البعض بمحاولة تقليد أسلوب الراحل هيث ليدجر في تقديم شخصية الجوكر ضمن أحداث ثلاثية فارس الظلام، إلا أن النقاد أكدوا أن أداء سكارسجارد كان مختلف كلياً وأن ما أوحى إلى البعض بذلك هو تشابه مكياج الشخصيتين.

يعود الفضل في ذلك الأداء المبهر وفي خروج الفيلم بذلك المستوى بشكل عام إلى المخرج الأرجنتيني أندريس موسشيتي الذي أجاد استخدام مختلف أدواته وأظهر اهتماماً بالغاً بمختلف عناصر الفيلم وأدق تفاصيله.

Exit mobile version