الرئيسية الطبيعة المد والجزر : لماذا يحدث مد وجزر البحر وما هي تأثيراته علينا...

المد والجزر : لماذا يحدث مد وجزر البحر وما هي تأثيراته علينا ؟

ظاهرة المد والجزر لم تحير العلماء بعكس الظواهر الأخرى بل إن الإنسان فطن إليها واستغلها ولكن السؤال الذي كان محيراً هو لماذا تحدث؟

1

ربما استخدام مصطلح ظاهرة المد والجزر هو مصطلح لا يتسم بكثير من الدقة، ربما الأصح استباقها بمصطلح “ظاهرتي” المد والجزر ،وذلك لإنهما عبارة عن ظاهرتين مدمجتين معاً، وحين تناولهما العلماء بالبحث والدراسة كان التناول الأول للظاهرتين مجتمعتين، ولما لم يوصلهم ذلك إلى نتائج قاطعة بشأنهما، قاموا بالفصل بينهما دراسة كل ظاهرة بمنأى عن الآخر، فحدث المتوقع وأوصلتهم أبحاثهم في تلك المرة إلى النتائج المرادة، وكان أول تلك النتائج إن ظاهرة المدة شق وظاهرة الجزر شق آخر، كل منهما له مُسببه، وإن كان كلاهما يحدث للمسطحات المائية بصفة دورية، بينما ذهب بعض العلماء إلى القول بإن المد والجزر هما ظاهرة واحدة، ولكنها تتم من خلال مرحلتين متلاحقتين، وبغض النظر عن كونهما ظاهرة واحدة مترابطة أم ظاهرتين متصلتين، فالسؤال هو لماذا تحدث من الأساس؟، وما المقصود بها؟، وما العوامل التي تؤثر في عملية حدوثها؟

المد والجزر .. لماذا تحدث وما العوامل المؤثرة بها؟

تحدثنا سلفاً عن ظاهرة المد والجزر وذكرنا إنها تتكون من شقين، ولهذا فإننا قبل أن نتطرق إلى أسبابها والكيفية التي تحدث بها، فالسؤال الذي لابد من طرحه أولاً هو: ما المقصود بالمد وما المقصود بالجزر ؟

أ) ظاهرة الجزر :

المرحلة الأولى من مرحتلي المد والجزر أو مرحلة الجزر، هي ظاهرة يقصد بها حدوث انخفاض في منسوب المياه بشكل عام، سواء مياه المحيطات أو الأنهار أو البحيرات… ألخ، ويكون ذلك الانخفاض في المنسوب انخفاضاً وقتياً وغير دائم.

ب) ظاهرة المد :

الشق أو المرحلة الثانية من ظاهرة المد الجزر أو ظاهرة المد، هي بطبيعة الحال عكس الأول، أي إن المقصود بها حدوث ارتفاع في منسوب مياه المسطحات المائية، وذلك الارتفاع النسبي مثله مثل الانخفاض يكون وقتي، ولا يدوم إلا لبضعة ساعات في اليوم.

ثانياً : العوامل المؤثرة في حدوث المد والجزر :

هناك العديد من العوامل توافرها يقود إلى حدوث المد والجزر ،وهي عوامل دائمة لا تزول ولا تختفي، مما يعني إن ظاهرة المد والجزر ظاهرة أبدية ومستمرة، وستبقى كذلك حتى زوال كوكب الأرض وفنائه، وتلك العوامل المسببة للظاهرة تتمثل في الآتي :

أ) جاذبية الشمس :

عند دراسة الفضاء الخارجي وخواص الأجرام والنجوم المتوفرة به، تبين للعلماء إن نجم الشمس الذي يمثل مركز مجموعتنا الشمسية له جاذبية، وجاذبية الشمس لكوكب الأرض له العديد من التأثيرات عليها، أحد هذه التأثيرات يتمثل في حدوث ظاهرة المد والجزر ،أو بشكل أدقى حدوث ظاهرة المد وحدها، فنتيجة قوى الجاذبية الشمسية تتحرك المسطحات المياه في اتجاهها، الأمر الذي يساهم في ارتفاع منسوبها عن الحد الطبيعي، ومن ثم تتشكل ظاهرة المد المائي، ومن ثم يتضح سر وصفنا لظاهرة المد بإنها ارتفاع وقتي في منسوب المياه، إذ أنه بحلول الليل ومغيب الشمس ينعدم تأثيرها.

ب) جاذبية القمر :

يمكن أن نقول عن تأثير القمر نفس ما سبق ذكره عن تأثير الشمس، فالقمر باعتباره جُرم سماوي فهو أيضاً له جاذبية، وهذا الأمر لا يقتصر على قمر كوكب الأرض وحده، إنما الأقمار المحيطة بكافة الكواكب بشكل عام، وبالنسبة لتأثير جاذبية قمر الأرض فإنه يؤثر على المسطحات المائية، ويساهم في حدوث ظاهرتي المد والجزر بالتناوب، وذلك لإن تأثيره مماثل لتأثير جاذبية الشمس ولكنه معاكس، بمعنى إنه يجذب المسطحات المائية الأرضية إليه ولكن في الاتجاه الآخر، ونتيجة لذلك تنحسر المياه عن حدود الشطآن، ويحدث انخفاض في منسوب المياه وهو انخفاض وقتي، يزول تأثيره بسطوع الشمس واختفاء القمر من السماء.

ويشير علماء الفلك هنا إن تأثير جاذبية القمر في عملية المد والجزر ،يفوق التأثير الذي تحدثه الجاذبية الشمسية، وذلك على الرغم من أن حجم القمر أصغر كثيراً من حجم الشمس، وقد حيّر ذلك الأمر العلماء لفترة طويلة، ثم توصلوا إلى أن ذلك الفارق مبعثه هو اختلاف المسافة، إذ أن الشمس تبعد عن الأرض مسافة تتجاوز الـ 149 مليون كيلو متراً، بينما القمر فلا يبعد عن الأرض إلا 384,400 كيلو متراً فقط، وبسبب قربه من الأرض فإن تأثير جاذبيته عليها يكون أكبر، ومن ثم كان هو الأكثر تأثيراً في عملية المد والجزر

قوة الطرد المركزي :

العامل الثالث المؤثر في حدوث عملية المد والجزر ،لا يتعلق بالأجرام السماوية المحيطة بالأرض وتأثيرها عليها، بل إنه يتعلق بكوكب الأرض نفسه، وهو يتمثل فيما يُعرفه العلماء بمصطلح قوة الطرد المركزي، وهذه القوة هي قوة افتراضية لا وجود لها في الواقع، وإنما هي افتراض نظري يستند إليها العلماء في توضيح بعض النظريات، ويقصد بقوة الطرد المركزية رد فعل الأرض المقابل لقوة الجذب المركزي، ومن المؤكد إن هذا الرد الفعل يكون له تأثير ملموس على الظواهر الجارية على سطح الكوكب، والتي من بينها ظاهرة المد والجزر ،فإن هذه القوة الطاردة هي المسئولة عن دوران الأرض حول نفسها، وتتم الأرض هذه الدورة مرة كل 12 ساعة، أي بموجب مرتين يومياً، وبذلك فإن نصفي الأرض يواجهان الشمس والقمر بالتناوب فيحدث تقلب الليل والنهار، وبالتبعية لذلك يتعاقب حدوث ظاهرتي المد والجزر

ثالثاً : هل معدلات المد والجزر ثابته :

مما سبق ذكره تبين المقصود بظاهرتي المد والجزر وتعاقبهما، وإنهما يؤدينا لإحداث اختلاف في منسوب المياه بالزيادة والنقصان، ولكن هل ذلك التأثير بمقدار ثابت؟.. الإجابة “لا”، فهناك العديد من العوامل التي إذا توفرت اختلفت معها شدة ظاهرتي المد والجزر ،ومن بين العوامل التي تُحدث ذلك التأثير ما يلي:

أ) المحاق والبدر :

الدورة القمرية تمر بالعديد من المراحل خلال الشهر القمري، ويتبدل حال القمر بين العديد من الأطوار، وحين يصبح القمر في طور البدر أو طور المحاق، فإن ظاهرة المد تكون أقوى ويرتفع منسوب المسطحات المائية لأقصى درجة، والسر في ذلك يرجع إلى وجود القمر والشمس معاً في جهة واحدة، مما يعني إن الجاذبية الشمسية تكون معززة بالجاذبية القمرية.

ب) الكسوف :

عندما تحدث ظاهرة الكسوف فإن جاذبية القمر تبلغ ذروتها، ونتيجة لذلك يكون تأثيره على المد والجزر أقوى، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه بنسبة كبيرة خلال ساعات الليل.

ج) أسابيع الشهر القمري :

تعاقب الأسابيع المكونة لكل شهري قمري تؤثر أيضاً في ظاهرة المد والجزر ،ولكن هذا التأثير معاكس لتأثير العاملين السالف ذكرهما، فهو لا يزيد من قوة الظاهرة بل إنه يضعفها، فخلال الأسبوع الأول والأسبوع الثالث من كل شهر قمري، الشمس والقمر يكونا واقعان على ضلعي زاوية متباينين مركزها الأرض، وبذلك يكون كل منهما معاكس للآخر، ولإن الشمس هي الجرم السماوي الأكبر في إطار مجموعتنا الشمسية، فإنها تؤثر على جاذبية القمر ولا تتأثر بها، الأمر الذي يجعل المد خلال تلك الفترات ضعيفاً.

رابعاً : فوائد المد والجزر :

ظاهرة المد والجزر هي ظاهرة فريدة من نوعها، وحدوثها له العديد من الفوائد ومن أمثلتها:

  • المد والجز تساهم في تنظيف المحيطات والبحار من الرواسب، وكذلك تعد بمثابة تطير لمصبات الأنهار والموانئ.
  • تساعد المد والجزر السفن على الدخول إلى الموانئ، خاصة تلك الأنواع التي تكون واقعة بمناطق ضحلة المياه.
  • استغل الإنسان حركة المد والجزر كمصدر في الطاقة، وكان ذلك منذ فجر التاريخ وقبل اكتشاف البترول كمصدر للطاقة، ويؤكد المؤرخون إن الحضارات القديمة استغلت حركة اندفاع الماء هذه، لتحريك الطواحين وتدوير مطاحن الغلال البدائية.

1 تعليق

  1. أنا أسكن على شاطئ البحر الأطلسي، ومن خلالي تجربتي معه طوال حياتي، لاحظت أنه يمتدا جدا كلما تأخر الليل، سيان كان القمر بدرا أولم يكن موجودا نهائيا، ويستمر المد وضرب الأمواج وزيادة طولها حتى بعد طلوع الشمس بقليل، بعد ذالك يبدأ بالتناقص رويدا إلى حدود ساعتين بعد غروب الشمس، لترجع الدورة من جديد.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version