ذات صلة

قد يعجبك ايضا

لماذا يضيء القمر ومن أين يأتي ضوء القمر؟

ليس غريبا ان تسأل لماذا يضيء القمر أو من أين يأتي ضوءه؟ لكن الجواب ليس معقدا كذلك. وانت كنت ممن يقولون إن القمر مضيء، فاعلم ان هذا ليس صحيحا فهو لا يشع نورا.

لماذا لون الدم احمر ولماذا يختلف في درجاته؟

ان تسآلت لماذ لون الدم احمر ، فببساطة لأنه يتكون من خلايا الدم الحمراء.  لكن ما اين اتت هذه الصبغة الحمراء، ولماذا الدم احمر غامق او أحمر فاتح او حتى أزرق؟

لماذا يعتبر شريف إكرامي حارسًا مثيرًا للجدل داخل الملعب؟

شريف إكرامي حارس مرمى لعب في عدة أندية أبرزها نادي الأهلي، كما حرس عرين منتخب مصر لفترة من الوقت. يبقى شريف حارسًا مثيرًا للجدل داخل الملعب، فلماذا يا تُرى؟

لماذا يواصل أحمد حسام ميدو تصدر المشهد رغم اعتزاله الكرة؟

أحمد حسام ميدو لاعب مصري مُعتزل ويُعتبر من أشهر اللاعبين الذين مروا بتاريخ الكرة المصرية، لكن على الرغم من اعتزال هذا اللاعب منذ فترة إلا أنه لا يزال حتى وقتنا الحالي متصدرًا للمشهد الكروي، فلماذا يا تُرى يحدث ذلك؟
الرئيسيةالحقائقلماذا أخذ الأدب العامي مكان الفصيح في العصر الحديث؟

لماذا أخذ الأدب العامي مكان الفصيح في العصر الحديث؟

الأدب العامي لم يعد محليا كما كان في السابق، يقتصر على قطر دون آخر، ويتوقف عند الحيز الجغرافي الذي يتحدث اللهجة المُصاغ عليها، بل تعدى الحدود وفاق ما كان مُتصوَرا له أن يكون، والعامية هي اللهجة المستخدمة في كل بقعة جغرافية متصلة اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا، فتضافر عوامل التشابه تفرض استخدام لهجة واحدة أو قريبة حتى يسهل التواصل بين أفراد المجتمع الواحد، وللتغلب على مشكلة تعدد اللهجات لجأ العرب إلى استخدام لهجة اتُفق عليها من أبناء العرب جميعا؛ حتى إذا نُطقت في مكان فهمها كل من فيه، ووعي مقصدها كل من سمعه، وتفاعل مع قائلها كل من قرأها، فكانت لهجة قريش وما اشتُق منها من لهجات في الجزيرة العربية؛ لأن القرآن نزل بلغتهم “قرآنا عربيا”، لم ينزع إلى لهجة دون أخرى، وقد يسره الله للذكر والفهم، فكانت لغته أسرع اللغات وصولا للأفهام والعقول، لكن في العصر الحديث ومنذ انتشار النزعات القومية منذ قيام ثورات الخمسينيات، التي بدأها وتزعمها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، لجأ الأدباء لصياغة منتجهم الأدبي بلغة تواكب النزعات القومية السائدة، ومن هنا بدأ الأدب العامي في الانتشار، واحتلال مكانة الأدب الفصيح بعد أن أسس له الأوائل والمجددون، وبعد أن استطاع الكلاسيكيون والرومانسيون وانتهاء بالحداثيين بقيادة شوقي والبارودي والشابي وناجي وشكري والعقاد، وغيرهم من الشعراء الذين تلوهم في استكمال مسيرتهم؛ سعيا لاستعادة مكانة الأدب الفصيح من جديد، ولانتشار الأدب العامي عوامل عدة، هذه أبرزها

الاضمحلال الثقافي وسيادة السطحية الفكرية

كان عبد الرحمن شكري، أحد مؤسسي مدرسة الديوان، يروي أنه كان لا يحب شيئا في الدنيا أكثر من القراءة، حتى إن “حماته” جاءت لزيارته صبيحةَ عرسه فلم تجده، بحثوا عنه في كل مكان فلم يجدوه، وبالاستعانة بوالدته أكدت أنه في المكتبة، ولما فكرت في الدخول عليه، وفتحت الباب وصدر منه صوت صريره أشار إليها دون أن ينظر ودون أن يعلم من الداخل أن اخرج قائلا: “هش”، في إشارة باللهجة المصرية إلى التزام الصمت، وروي عنه أيضا أن صاحبيه العقاد والمازني كانوا يقرؤون أكثر مما كان يقرأ، لهذا نبغوا وتفوقوا وأسسوا مدرسة أدبية ما زلنا نشير لها بالبنان أنها مدرسة رائدة، على الرغم من حجم الصعوبات التي كانت تواجههم في الحصول على الكتب والتنقل بين المكتبات، أما في الوقت الحالي، فعلى الرغم من توافر المصادر، وانتشار الكتب المطبوعة والمكتبات، وانتشار النسخ الإلكترونية منها على صفحات الإنترنت، إلا أن العزوف عن المطالعة أصبح سمة رئيسية حتى بين المثقفين وموجهي دفة الأدب في العالم العربي، ما ساهم في تشكيل ما يُسمى بظاهرة “الاضمحلال الثقافي” الذي أدى بدوره إلى الضمور العصبي للفكر وانتشار السطحية، ما ساهم بسرعة انحسار الأدب العربي المعتمد على الفصاحة، وانتشار الأدب العامي المعتمد على اللهجات المحلية.

انتشار الرواية

انتشرت الرواية كفن وليد في العالم العربي منذ بدايات القرن العشرين، وبدأت بشكل سردي تقريري مباشر، يعتمد على معالجة موضوعات اجتماعية ورومانسية وأخلاقية، تدعو للفضيلة والتحلي بالأخلاق الكريمة، والتمسك بالعادات والتقاليد والموروثات الشعبية العتيقة، وكانت أولى المحاولات الروائية الناجحة للكاتب العراقي محمود أحمد السيد في روايته الصادرة عام 1928، والمُعنونة بـ”جلال خالد”، ثم توالت المحاولات الناجحة على يد كبار الروائيين العرب من أمثال طه حسين وزينب فواز ومحمد حسين هيكل، ثم وصلت قمة نجاحها على يد الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ، وأدى انتشار الرواية واستغراق الجمهور في البحث عن الأعمال الدرامية المعتمدة على الروايات إلى الابتعاد تدريجيا عن الأدب الذي اشتهر به العرب “الشعر”، ثم ما لبثت أن تحولت إلى السرد باللهجة العامية، وبعد أن حافظت على صدارتها فترة طويلة بدأ الشعر يطل من جديد، لكنه اكتسى بالعامية منذ أربعينيات القرن الماضي، وازدهر الأدب العامي منذ الخمسينيات بعد ثورات التحرر، وحافظ على تلك المكانة حتى الآن.

اتسام العصر الحديث بالسرعة

ساهمت السرعة، التي اتسم بها العصر الحديث، في انتشار الأدب العامي، الذي لا يحتاج في فهمه واستيعابه إلا لممارسة اللهجة السائدة في محيط جغرافي قد يتسع وقد يضيق- حسب المساحة والتعداد السكاني-؛ ذلك أنه لم يعد هناك وقت لاستقصاء المعاني والصور، والبحث في المصادر والمراجع عن أصولها، وما تنطوي عليه من قدرة الشاعر على صياغة مشاعره في قالب أدبي بديع، ولمَّا كانت الفصحى غير مستعملة في الحياة اليومية للناس، ولما كانت مقصورة على معاملاتهم الرسمية ونشراتهم الإخبارية، التي عادة ما تستخدم “اللغة الصحفية” التي تأخذ من الفصحى ألفاظها ومواقعها وتأخذ من العامية سلاستها واستعمالها، فإن الأدب الفصيح أصبح لا يطالعه إلا النخبة المثقفة، ما جعلهم يعترفون بأن الشعر هو أدب الخاصة، ومن ثَمَّ ازدهر الأدب العامي.

الميل لمواكبة لغة العصر عن طريق الأدب العامي

ومن العوامل التي دفعت أدباء العصر الحديث لصياغة نتاجهم الأدبي بالعامية المحلية أنهم مالوا- كما يميل جُلُّ الناس- إلى مواكبة ما يسمونه لغة العصر، والكتابة بما يحبه الجمهور، والصياغة وفق هوى المتابعين حتى ولو خالف ذلك كل القواعد الأدبية، فبعد أن كانت العامية هي اللهجات المستخدمة في قطر دون قطر، وبعد أن كان الغريب الطارئ يتحدث الفصحى للوصول إلى مبتغاه في البلد المُضيف، صار الحديث بالعامية والفرانكو، والفرانكو مزيج بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية، أصلا في التعاملات اليومية، ثم ما لبث أن تحولت العامية والفرانكو إلى الأدب فصارا جزءا من اللغات التي يُصاغ بها النتاج الأدبي للشعراء والروائيين والقصاصين، وحرصوا على تجنب صياغة نتاجهم الأدبي بالعربية الفصيحة حتى يصلوا لمن عجز الفصحاء في الوصول إليهم.

انتشار الأغاني

وانتشار الأغاني ليس وليد العصر الحديث، بل كان قديما قدم التاريخ، والعرب القدامى توصلوا للرجز، وهو أقدم بحور الشعر، عن طريق موسيقى الإبل المتناغمة مع حركتها، ومن ثَمَّ فإن الغناء ساهم في نشأة الشعر كله، وفي العصر الحديث لجأ المغنون في بداياتهم إلى التغني بالقصائد الفصيحة، ثم مالوا بها إلى الأراجيز العامية، ولمَّا كان المغنون أكثر وصولا للناس من الشعراء، تهافت الشعراء لصوغ نتاجهم الأدبي بالعامية، ما ساهم في ازدهار الأدب العامي بشكل ملحوظ، وزاد الأمر بعد أن تم اختراع الراديو ثم التلفاز والفضائيات، وأصبحت الهواتف الذكية في أيدي كل الناس، ما أتاح انتشارا أوسع للأغاني، ومعه يعلو صوت الشاعر الذي يُغنى له.

خاتمة

لم يكن من أهداف شعراء العامية منذ نشأتها إلا الوصول بموهبتهم الأدبية إلى عامة الناس بعد أن قزَّمها شعراء الفصحى في الخاصة، ولم يكن من أهدافهم إلا إعلاء القوميات الضيقة على حساب القومية العربية الموحدة، لكنهم ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في خدمة المخططات الغربية التي تهدف لهدم اللغة العربية، التي تحافظ على هوية مجتمعات تمتد من المحيط إلى الخليج، بل ساهم الأدب العامي في محاربة الفكر العربي المتأصل منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرنا من الزمان، وعلى الجانب الآخر، فإنهم حافظوا على ارتباط الناس بالأدب بعد أن عزفوا عنه بفضل المعارك الأدبية التي يصفونها بالعقيمة، والتي لا تُقدم ولا تُؤخر، بينما يزداد العالم الغربي تقدما في كافة المجالات.

الكاتب: محمد الجداوي

ابراهيم جعفر
محترف في مجالات البرمجة ومتابع للتقنية والبرمجيات وخاصة نظام لينكس. أجيد الكتابة والترجمة ومن هواياتي السينما.