المواد الصعبة .. ذلك هو الوصف الذي اعتادت نسبة كبيرة من الطلاب إطلاقه على المواد الدراسية المختلفة، قاصدين به مجموعة المواد التي يجدون صعوبة في استيعاب محتواها العلمي وإعادة طرحه أو التعبير عنه بأوراق الإجابة، والشكوى المتكررة هي أنهم مهما حاولوا مذاكرة هذه المجموعة من المواد – أي المواد الصعبة – يفشلون في اختزان معلوماتها بعقولهم، وكلما حاولوا استراجعها اكتشفوا أنهم قد نسوها.
المواد الصعبة .. لماذا تبدو كذلك؟
أكد الخبراء إنه لا يوجد بالأساس ما يسمى بـ المواد الصعبة ،وأن الأمر ما هو إلا صورة ذهنية خاطئة تكونت لدى الطلبة نتيجة عجزهم عن استيعاب المادة بالشكل الصحيح، وذلك مرجوعه بعض الاعتقادات الخاطئة أو جهلهم بالأسلوب الصحيح لاستذكار دروسها، ومن بين العوامل المساهمة في تكوين تلك الصورة الذهنية والواجب تفاديها ما يلي:
الاعتقاد الخاطئ :
أول العوامل التي تجعل بعض المواد الدراسية تبدو مستعصية على الفهم أو الاستيعاب هو أننا نصفها بذلك، فقد أكد علماء النفس أن العقل اللاوعي يستقبل المدخلات باعتبارها مُسلملات ويبدأ في التعامل مع الأمور المختلفة بناء على النظرة المسبقة التي كونها الإنسان عنها.. مثال ذلك حين يصف الطالب دراسة اللغة الإنجليزية أو دراسة التاريخ أو غيرها بأنها من المواد الصعبة فأن العقل اللاوعي يستقبل ذلك الوصف ويحوله إلى يقين يبدأ الطالب في التعامل مع المادة من خلاله، ومن ثم تتنامى داخله مشاعر القلق والتوتر ويصاب بالإحباط، فتصبح لديه قناعة بأنه سيفشل في فهم المادة الدراسية ومن ثم تتهدم عزيمته ويتشتت تركيزه.
بينما ينصح الخبراء بضرورة تحفيز النفس إلى مذاكرة المواد الصعبة أو بمعنى أصح ما نصفها بأنها صعبة، وذلك بالنظر إلى نتائج من سبقونا إلى دراستها، فكما تمكن آخرون من اجتياز الاختبارات الخاصة بها يمكننا نحن أيضاً فعل الأمر نفسه، وأن كل ما نحتاجه هو البحث عن الأسلوب الأمثل لمذاكرة المادة والذي يمكن معرفته باستشارة المعلمين أو الطلاب السابقين.
إهمال الملخصات :
المواد الصعبة تبدو كذلك عند محاولة دراسة المنهج الخاص بها دفعة واحدة، حيث أن كم المعلومات التي نحاول استذكارها في تلك الحالة يفوق قدرة العقل البشري على الاستيعاب، فيتولد عن ذلك مشاعر إحباط ويأس تجعل من مذاكرة الدروس أمر بالغ الصعوبة والتعقيد، لهذا يعد عمل الملخصات الدراسية أمر بالغ الضرورة لتسهيل عملية مذاكرة المواد الصعبة أو بمعنى أدق المواد التي تحتوي على كم كبير من المعلومات أو تعتمد بصورة أكبر على الحفظ.
تلعب الملخصات الجاهزة التي يعدها المُعلمين أو تتضمنها الكتب الخارجية دور هام في تقسيم المواد الصعبة بحيث يسهل فهمها واستيعابها، لكن خبراء التعليم ينصحون بأن يتولى الطالب عملية إعداد ملخصاته الخاصة بالشكل الذي يتناسب مع قدراته وبالأسلوب الذي يراه أسهل بالنسبة له، مثل أن يقوم بإعداد بطاقات الملاحظات أو الخرائط الذهنية أو تدوين الملخصات المختصرة لفقرات المادة.. هذا الأسلوب سيجعل المذاكرة أسهل حيث أنه سيخفض من معدلات المعلومات المدخلة إلى العقل في كل مرة وبالتالي يسهل فهمها واستيعابها، كما يمكن الاعتماد على هذه الملخصات في مرحلة المراجعة النهائية.
عدم الانتظام في المراجعة :
بعض الطلاب -بمختلف المراحل التعليمية- يواظبون على استذكار الدروس التي يتلقونها أولاً بأول، لكن الخطأ الذي يقعون به هو أنهم يؤجلون عملية المراجعة إلى نهاية العام الدراسي مع اقتراب موسم الامتحانات، فيكتشف الطالب بأنه قد نسي المعلومات جزئياً أو كلياً، فيصف المقررات الدراسية بأنها مجموعة من المواد الصعبة والمعقدة.
هذا الأسلوب الدراسي يتنافى مع المنطق فمن الطبيعي أن تُسقط الذاكرة المعلومات غير المستغلة، وبالتالي يصعب على الطالب استرجاعها بعد مرور فترات طويلة؛ لهذا ينصح خبراء التعليم بضرورة تخصيص أحد أيام الأسبوع لمراجعة ما سبق دراسته بصفة دورية، حيث أن ذلك سيعمل على تنشيط الذاكرة وتثبيت المعلومات.
إهمال الحضور :
في بعض المراحل الدراسية وخاصة المرحلة الجامعية لا يشترط على الطلبة الانتظام في الحضور، ومن ثم ينتهز البعض تلك الفرصة للتخلص من التزامهم في الحضور في مواعيد محددة أو لتوفير الوقت للمذاكرة، لكن خبراء التعليم يؤكدون على أن حضور الحصص أو المحاضرات الدراسية أمر بالغ الضرورة حتى لا تبدو المواد الدراسية أكثر صعوبة من حقيقتها.
المواد الصعبة تبدو كذلك حين يحاول الطالب التعرف عليها بأسلوب التعليم الذاتي، أي من خلال الاعتماد على أنفسهم في استيعاب المادة من خلال الكتب الدراسية والمذكرات، ورغم أن الاجتهاد من الأمور المطلوبة في العملية التعليمية إلا أنه لا يغي عن الاستماع إلى شرح المعلم، الذي يقوم على تبسيط المادة وتوضيح النقاط المبهمة منها، كما أنه يتيح الفرصة للطالب في التفاعل وطرح الأسئلة واستيضاح النقاط الغير مفسرة بالنسبة له، وهذا كله بالتأكيد يسهل من عملية استيعابه للمادة والإلمام بمحتواها.