الرئيسية التكنولوجيا لماذا يصيبنا الملل على الإنترنت رغم وجود كل شيء في متناولنا؟

لماذا يصيبنا الملل على الإنترنت رغم وجود كل شيء في متناولنا؟

0

ألا ينتابك الملل على الإنترنت أحيانا حيث تكون جالسا وإشارة الإنترنت قوية وفي يدك أن تقوم بأي شيء مثل أن تحادث أصدقائك أو تشاهد فيلما أو تقرأ كتابا أو تطالع المقالات أو تلعب الألعاب الأون لاين ولكنك رغم ذلك تشعر بالملل الشديد، فما السر وراء هذا الشعور؟ إليك ما سنتحدث عنه في هذا المقال حيث سيكون موضوعنا حول تلك الحالة الغريبة التي تنتابنا جميعًا عندما يكون لديك كل شيء في متناولك ولكنك ينتابك الملل أيضًا ولا تشعر بالرغبة في أنك تريد أن تقوم بأي شيء:

الحنين إلى العالم الواقعي

مهما كانت الخيارات متاحة لديك على الإنترنت فإنك تحن إلى العالم الواقعي خصوصًا إن كنت شخصًا منعزلا ومنطويا، فأنت إن تحدثت مع صديقك فلن تستطيع ملامسته وإن شاهدت فيلما أو استمعت إلى الموسيقى تظل أيضًا جميع الأنشطة التي يمكن القيام بها ذهنية فحسب وليست أنشطة جسدية محسوسة خصوصًا إن كنت تقوم بقراءة تحديثات الأصدقاء على شبكات التواصل وترى من يقوم بتسجيل تواجده في مطعم فلاني أو في مقهى علاني أو في حفلة غنائية أو في محفل ثقافي أو في عرض استعراضي أو غيرها مهما حدث ستشعر أن واقعك كئيب وأن كل الأشياء التي على الإنترنت على عدم قدرتنا على استيعابها تظل أشياء فقيرة جدا مقارنة بالعالم الواقعي لذلك ينتابنا الملل على الإنترنت ونشعر بعدم رغبتنا في مشاهدة أي شيء وبديلا عن هذا نظل نتابع التحديثات على شبكات التواصل والتنقل بين التطبيقات المختلفة.

الملل على الإنترنت نتيجة كثرة الخيارات

أمامك الكثير من الأشياء لكي تفعلها دون خطة محددة حيث لا تنظم لنفسك مثلا وقت معين لشيء معين بل هناك الكثير من الأشياء التي يمكن فعلها، ما بين متابعة تحديثات شبكات التواصل أو تحديثات البرامج أو تحديثات مواقع الأخبار، أن تلعب الألعاب الأون لاين أو تتعلم اللغات أو تتصفح مواقع الفن أو التاريخ أو غيرها من هذه الأشياء التي تجد نفسك غارقا فيها، أن تشاهد فيلما أو تستمع إلى الموسيقى أو تتصفح مواقع الصور مثل بينترست أو غيرها، أن تشاهد الوثائقيات أو تقرأ الكتب أو تطالع المقالات، حتى إن بدأت في أحدها فستجد نفسك تمل لأنك تشعر أن هناك أشياء أخرى لا توليها اهتمامك، الحقيقة أن الملل على الإنترنت دافعه كثرة الخيارات المتاحة أمامك وحيرتك بينها.

الإحباط من عدم قدرتك على الإلمام بكل شيء

لو أن هناك شيئا متاح أمامك فعله فالإنترنت يفتح لك أشياء وأشياء، حيث كلما حاولت الاكتفاء من شيء فتح أمامك أبواب أكثر وكلما أغلقت بابا وجدت بوابات تفتح في وجهك، وهناك العديد من الأشياء التي تحوز اهتمامك بشكل متوسط ولكن لا يوجد شيء أنت شغوف به بشكل خاص، حيث إنك تجد نفسك منسحقا بشكل كبير أمام كل هذه الأشياء مثل طفل صغير يقف حائرا أمام سماء مفتوحة فيحاول إحصاء النجوم التي بها ولكن يعرف أن هذا ليس بإمكانه تماما الإنترنت يشبه هذا أنك تريد أن تحيط بكل شيء لكن تعرف أن هذا مستحيل فيصيبك الملل على الإنترنت والإحباط من حتى محاولة هذا والحل أن تقوم بتحديد الأشياء التي تهتم لها فقط وتحاول أن تغترف منها قدر المستطاع كما يمكنك القناعة أيضًا بما رأيت أو طالعت.

توافر الشيء بكثرة يقلل من الاهتمام به

هل كنت تتذكر حينما كان يعرض التلفزيون قديما الفيلم الذي تحب وتفرح به جدا وتحاول أن تنهي كل ما وراءك للتفرغ له ومشاهدته في الموعد؟ وتذكر مثلا الفيلم الذي كنت تود مشاهدته لكنهم لا يعرضونه مطلقًا، الآن سواء الفيلم الأول أو الثاني وغيرهما من الأفلام يتواجدون بشكل أبدي على الإنترنت وأنت لا تعيرهم انتباها ولا يتملكك الشغف لمشاهدتهم، حيث لا يبعد بينك وبينهم سوى ضغطة زر أو لمسة شاشة، وربما هذه هي النقطة وهو توافر الشيء بكثرة وتراكمه بشكل يجعلك تفقد شغفك به بعكس الشيء النادر الذي يجعلك تبحث وراءه وتحرص على الحصول عليه، وهذا بالطبع ما يجعلك تعرض عن كل هذا وتظل تلعب بأشياء لا قيمة لها على الإنترنت وتتنقل من هنا لهنا بلا أدنى طائل أو جدوى.

الملل على الإنترنت بسبب الإجهاد الذهني

إن كنت تقوم بعملك حتى وقت متأخر بحيث تعمل من الصباح مثلا حتى يحل المساء فأنت على أقصى تقدير تتعرض لإجهاد ذهني يفوق طاقتك هذا فضلا عن أني قرأت دراسة تقول أن هذا يتلف خلايا المخ بالتالي أنت ليس لديك أي طاقة لتحمل شيء طويل أو وضع خطة ممنهجة لما ستفعله على الإنترنت بعد عودتك من العمل، ربما ستختار أبسط شيء وهو التقليب في مشاركات وتحديثات الأصدقاء على شبكات التواصل وتعرض عن سماع الموسيقى أو مشاهدة الأفلام أو مطالعة المقالات بالتالي من الطبيعي أن يصيبك الملل على الإنترنت بهذا الشكل.

أمامك ما تريد لكن وحيد

الملل على الإنترنت قد يأتي من طريق أخرى وهو أنك وحيد، ما قيمة أن تستمع لموسيقى رائعة أو تعجبك مقاطع من كتاب معين أو تشاهد فيلما مبهرا ولا تجد من تشاركه إياه؟ أحيانا يعجب الإنسان بشيء ويحب أن يتحدث عن هذا الشيء ويتمنى لو لديه شخص يتحدث معه، ولكن لا يجد من يتحدث إليه عما يحب.. الملل على الإنترنت يصاحب الوحيدين بشكل أكبر، حيث أنهم يشعرون بلا جدوى حياتهم فهم نوعين إما أن يغرموا أكثر بشيء واحد على الإنترنت ويستعيضون به عن البشر أصلا وإما أن لا يغرموا بأي شيء ويستغرقوا أكثر في الوعي بوحدتهم.

الهوس الدائم بأنك يجب أن تقوم بما يقوم به الآخرين

تفتح شبكات التواصل تجد أشخاصا يشاهدون مسلسلا معينا فتضعه في قائمة المسلسلات التي تود مشاهدتها، شخص يشاد فيلما، تضعه في قائمة الأفلام المنتظرة، شخص يشاهد وثائقي، تضعه في قائمة الوثائقيات المنتظرة، شخص ينصح بموقع لتعلم اللغة، موقع للكورسات، مقال معين، كتاب تقوم بتحميله.. إلخ، كل هذه الأشياء تجد نفسك غارقا كل يوم في الرغبة في أن تقوم بما يقوم به الآخرين وللأسف هذا لا ينفع لأنك بهذا الشكل ستظل تلاحق ما يفعله الآخرين دون أن تفعل أنت أي شيء، والأفضل أن تحدد أهدافك من البداية وتعين اهتماماتك وتقوم بالأشياء التي تجذبك وتميل إليها أنت بنفسك لا ما ينصح به الآخرون.

الإنسان ملول بطبعه

قبل الإنترنت وبعد الإنترنت، قبل الحداثة وبعد الحداثة، وربما قبل الميلاد وبعد الميلاد بل نكاد نقول ربما قبل خلق البشر أصلا وبعد فناءهم سيظل الإنسان ملول بطبعه، سيظل الملل هو الشعور الدائم المسيطر عليه، من الطبيعي أن ينجذب لشيء ثم سرعان ما يفقد انجذابه هذا، الملل ملازم للإنسان والملل على الإنترنت إحدى صور الملل هذه.

خاتمة

هناك أسباب كثيرة لحالة الملل على الإنترنت ولكن يكاد يكون الدافع الأكبر لها هو حنيننا للعالم الواقعي وتوافر الشيء بكثرة زائدة عن اللزوم مما يجعلنا نزهد فيه بالمقابل.

Exit mobile version