الدب القطبي هو أشهر الحيوانات القطبية التي تتخذ من الدائرة القطبية الشمالية والمناطق المتجمدة مواطناً أصلية له، وهو من الكائنات المهددة باندثار النوع، حيث كشفت الإحصاءات تناقص أعداد هذا النوع من الدببة واحتمالية تعرضه إلى الانقراض كما أنه من الكائنات المهددة بالهلاك نتيجة ذوبان المنطقة القطبية تأثراً بظاهرة الاحتباس الحراري، ويعد الدب القطبي واحد من أغرب الكائنات الحية باعتباره أكثرها تكيفاً مع البيئة الجليدية القاسية.
أسلوب حياة الدب القطبي
وهب الخالق عز وجل الدب القطبي العديد من الخصائص والمقومات المُميّزة التي مكنته من التكيف والتأقلم مع بيئته الطبيعية الجليدية شديدة القسوة، وأبرز تلك المقومات التي مكنته من الحفاظ على نوعه لعِدة قرون ما يلي:
التكوين الجسدي
أولى العوامل التي تجعل الدب القطبي الكائن الحي الأكثر ملائمة للعيش في ظل الطقس البارد تكوينه الجسدي، حيث أن الخالق عز وجل قد منحه خصائص جسدية تقيه مخاطر البرودة والتي لا يمكن لأي كائن آخر أن يتحملها، تلك الخصائص تتمثل في تضاعف حجم طبقة الدهون التي تتواجد أسفل الفراء والتي تقيه الشعور بالبرد.
كذلك جسم الدب القطبي يكون مُغطى بالكامل بطبقة سميكة من الفراء الأبيض والذي يحميه من الشعور بالبرد، إلى جانب أن ذلك الفراء يمتد إلى نهاية أطراف قدميه، مما يُمكنه من التوازن وعدم الانزلاق على الجليد.
القدرة على التخفي
نظرياً يمكن اعتبار الدب القطبي هدفاً سهلاً سواء بالنسبة للصيادين أو الكائنات الحية الأخرى، حيث أنه يعيش في مناطق مكشوفة يصعب الاختباء بها، إلى جانب أن هذا النوع من الدببة واحد من أضخم الكائنات الحية على كوكب الأرض، حيث أن وزن الدب الذكر البالغ يتراوح ما بين 400 : 700 كيلو جراماً تقريباً، بينما إناث الدب القطبي تتراوح أوزانهم ما بين 200 : 500 كيلو جراماً.
يستطيع الدب القطبي التخفي من أعدائه ومُهاجميه رغم ضخامة جسمه، وذلك بسبب اللون الأبيض الذي يكسو كامل جسده، ومن ثم يسهل عليه الامتزاج مع البيئة المحيطة به بحيث يصبح من الصعب التفرقة بينهم، أي أن هذا النوع من الدببة -رغم ضخامته- سلوكه الدفاعي يتشابه بدرجة كبيرة مع سلوك بعض الحشرات التي تتخفى عن أنظار الكائنات المفترسة عن طريق التلون بلون البيئة.
القدرة على تحمل الجوع
الدب القطبي من الكائنات الحية التي لديها قدرة فائقة على تحمل الجوع لفترات طويلة، حيث أن هذا النوع من الدببة -على عكس الدب البني مثلاً- يمكنها تحمل شعور الجوع لفترات طويلة تمتد في بعض الأحيان لعِدة شهور متواصلة، حيث أن الدببة القطبية تلجأ إلى البيات الشتوي وتمتنع عن تناول الطعام من نهاية فصل الصيف وحتى بداية فصل الخريف.
القوة والقدرة على الصيد
الكائنات الحية التي تعيش في المناطق القطبية قليلة نسبياً مقارنة بأعداد الكائنات التي تحيا في الغابات والمناطق الحارة والاستوائية من الكرة الأرضية، من ثم فأن ضياع فريسة ما من الدب القطبي قد يتسبب في هلاكه بسبب قلة المصادر الغذائية وصعوبة العثور على فريسة أخرى.
لكن الدب القطبي يمتلك من المقومات ما يمكنه من تحديد أماكن الفرائس واصطيادها بسهولة، أهم تلك المقومات وأولها حاسة الشم القوية التي يتمتع بها هذا النوع من الدببة، والتي تمكنه من تحديد موقع فريسته بدقة أيا كان طول المسافة التي تفصله عنه، إلى جانب امتلاكه مخالب حادة وقوية تمكنه من القضاء على فريسته بضربة واحدة دون الحاجة إلى مطاردتها لفترة طويلة كما هو الحال مع الأسد والنمر الأبيض أو حتى أنواع الدببة الأخرى التي تعيش في الغابات.
الملاجئ الأرضية
تعيش صغار الدب القطبي في ملاجئ أرضية غائرة، تعمل أنثى الدب على حفرها بقطر يتراوح ما بين 1,5 : 2 متراً تقريباً، تلك الملاجئ التي تُصنع في باطن الأرض تكون ذات شكل كروي وعميقة جداً، وذلك التصميم الغريب لكهوف الدببة القطبية يضمن أن تكون درجة الحرارة في داخلها معتدلة نسبياً مقارنة بالحرارة المنخفضة فوق سطح الأرض، كما أن التصميم نفسه يمنع تسرُب الدفء إلى خارج حدود الكهوف مما يجعلها مناسبة بصورة أكبر إلى صغار الدب.